كنعان بعد جلسة "لجنة المال": سعيد قدّم رؤية شاملة للأزمة

من اجتماع لجنة المال

قدم حاكم مصرف لبنان كريم سعيد رؤية البنك المركزي بالنسبة إلى الحل الشامل لأزمة الانهيار، مؤكداً أمام النواب في اجتماع لجنة المال والموازنة، أن الأزمة نظامية، مهما اختلفت التسميات، وبالتالي ينبغي أن تكون المعالجة انطلاقاً من هذا الواقع، من دون أن يعني ذلك، أن التسمية يمكن أن "تبرئ أحداً، من مصارف أو سواها". ومن خلال حجم الملاحظات، يبدو أن هناك ورشة كبيرة لتقريب المسافات بين مشروع الحكومة ومشروع البنك المركزي.


عقدت لجنة المال والموازنة أمس، جلستها الثانية برئاسة النائب إبراهيم كنعان لدرس مشروع قانون إصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها، في حضور وزير المال ياسين جابر، وزير العدل عادل نصار، وزير الاقتصاد عامر البساط، حاكم مصرف لبنان كريم سعيد و40 نائباً، كما حضرت رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ.


بعد الجلسة، تحدّث كنعان، فقال: "اجتماعنا هو الثاني المتعلّق بمشروع قانون إصلاح المصارف. وقد حضر حاكم مصرف لبنان وطرح تصوراً شاملاً لكل الأزمة، ولا سيّما في ما يتعلّق بمشروع القانون. وقد نوقش الطرح من قبل الزملاء النواب. وكان قد حصل نقاش في الجلسة السابقة، لجهة اعتبار الأزمة نظامية أو شاملة. وقد شرح الحاكم أن ما نحن فيه منذ العام 2019، هو أزمة نظامية يسميها البعض شاملة، ولا خوف هنا من التسمية، لأنها لا تبرئ أحداً، من مصارف أو سواها، وقانون الانتظام المالي المنتظر يجب أن يحدد المسؤوليات والإمكانيات، وعندها، وبموجب هذا القانون، تُحدد نسب المسؤوليات وكيفية توزيعها بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان".


أضاف: "تحدث الحاكم عن الانهيار المالي الشامل، وحتمية صدور قوانين استثنائية في هذه الحالة. وجرى التأكيد، من قبل الحاكم والوزراء الحاضرين، والزملاء النواب، أن مشروع قانون إصلاح المصارف لا يعالج الأزمة، إنما هو قانون إطار، يطوّر قانون النقد والتسليف لتكون هناك محاسبة في المستقبل، ونتجنّب الأزمات والكوارث التي يدفع ثمنها المودع اللبناني في لبنان والخارج".


وأعلن "صدور توصية بالإجماع عن لجنة المال والموازنة بالطلب من الحكومة الإسراع في إحالة مشروع قانون الانتظام المالي، الذي يعالج الأزمة لارتباط هذا القانون بقانون إصلاح المصارف لناحية التنفيذ حسب المادة 37 منه، ويحدد المسؤوليات ويعالج الفجوة المالية التي لا تزال أرقامها حتى الآن وجهة نظر، في غياب الرقم الرسمي الذي يُمكن الاستناد إليه".


وأكّد أنّ "استعادة ثقة المودع والمواطن والمؤسسات الدولية يتطلب مشروع الانتظام المالي والذهاب بالمحاسبة حتى النهاية، بالمخالفات التي حصلت سابقاً والفوائد العالية والتحويلات إلى الخارج بعكس التعاميم، والأموال المشروعة وغير المشروعة والفساد والابتزاز".


تابع كنعان: "الهدف من هذا القانون ليس فقط المعالجة إنما تطوير الإطار العام لقانون النقد والتسليف. وقد ذكر حاكم مصرف لبنان ملاحظات وتحفظات واعتراضات أوردها في 33 صفحة. لذلك، طالبت اللجنة من وزارة المال ومصرف لبنان ردم الهوة وحصر التباين، علماً أن التباين ظاهرة صحية في ظل استقلالية مصرف لبنان المكرّسة بقانون النقد والتسليف. والأكيد أن ردم الهوة كان مطلوباً قبل إحالة المشروع، ولكن لا ضير بالعمل على ذلك اليوم في المجلس النيابي".


وأشار إلى أنه "منعاً للتأخير أو المماطلة، قررنا تشكيل لجنة فرعية برئاستي وعضوية الزملاء علي حسن خليل، آلان عون، فؤاد مخزومي، علي فياض، غسان حاصباني، سليم عون وراجي السعد. وستجتمع اللجنة بشكل متواصل لأكثر من مرة في الأسبوع، لحصر التباينات، بالتعاون مع وزارة المال ومصرف لبنان، لنتوصل إلى صيغة مقبولة توضع أمام لجنة المال خلال فترة زمنية معقولة، للبت فيها داخل اللجنة وإحالتها إلى الهيئة العامة".


ورداً على سؤال عن إمكان حصول تعديلات، قال كنعان: "المشروع يناقش في مجلس النواب، وبالتالي، حصول تعديلات أمر وارد، بالتشاور مع وزارة المال ومصرف لبنان. خصوصاً أن الوزراء يحضرون الجلسة، والملاحظات تناقش معهم وبحضورهم بشكل صحي".


وعمّا إذا كان قانون الفجوة المالية سيؤخّر إقرار إصلاح المصارف، أجاب: "عملياً في ظلّ غياب قانون الانتظام المالي المقر في مجلس النواب لا قانون لإصلاح المصارف في ضوء الصيغة الواردة من الحكومة بالتشاور مع صندوق النقد الدولي، والتي تتضمن في المادة 37 منها أن قانون إصلاح المصارف غير نافذ لحين إقرار قانون الانتظام المالي. لذلك نكرر المطالبة بالإسراع بإحالة الانتظام المالي. والتوصية الصادرة عن لجنة المال في هذا الخصوص تؤكد نية مجلس النواب بمتابعة النقاش وتحضير القانون ريثما تقوم الحكومة بإحالة القانون، لنكون أمام عمل تشريعي سليم ولا نبيع الناس "سمكاً في البحر".


ورداً على سؤال، قال: "بدون استرداد الودائع، وبدون معالجة مسألة الودائع، لن تكون هناك ثقة لا بالقطاع المصرفي ولا بالدولة اللبنانية ونظامها المالي. وبالتالي، عملنا ليس شعبوياً، بل ضرورة للبنان كدولة ونظام مصرفي، فمن دون ثقة لا إصلاح".



مصدر نيابي

مصدر نيابي مطلع قال لـ "نداء الوطن": "إن المداخلة التي قدمها سعيد كانت أشبه بدراسة علمية شاملة دفعت كل النواب إلى الاقتناع، سواء أقروا بذلك أم لا، أن حاكم المركزي فرض نفسه في المعادلة كقوة لا يمكن تجاوزها في أي قانون أو مشروع يتعلق بالأزمة النظامية القائمة في البلد". 


وتساءل المصدر عن سبب محاولات الحكومة تمرير المشاريع بسرعة، وإذا ما كان الهدف الحقيقي وراء ذلك تمرير قوانين مشبوهة، لا يمكن أن تمر في حضور سعيد. هذا الأمر حصل في موضوع قانون السرية المصرفية. وجرت محاولات لتكراره في مشروع انتظام العمل المصرفي. لكن، بعد كلام سعيد بالأمس أصبح من الصعب، بل من المستحيل القفز فوق حاكمية مصرف لبنان. وهذا الأمر ينبغي أن يطمئن الناس، سواء كانوا مودعين أم لا.