مايا الخوري

إحداها من مستحضرات التجميل

عادات يومية تتلاعب بسن البلوغ

في عصر أصبحت مصادر المعلومات متوافرة عند الأطفال والمراهقين بكبسة زرّ، وأصبح البحث عمّا يُرضي الفضول سهلاً وسريعاً، لا بدّ من انتفاضة الأهل لاسترجاع البساط الذي سحبه Chat Gpt من تحت أرجلهم، خصوصاً في ما يتعلقّ بإرضاء فضول الأطفال حول أجسادهم وأجساد الآخرين والمشاعر الجديدة التي يختبرونها. ولا بدّ من الإضاءة على العادات اليومية التي تتلاعب بسن البلوغ وتنعكس سلباً على صحّتهم الجنسية.



لا تبدأ التربية الجنسية في سن البلوغ، وفق طبيبة الأطفال ميريام العم، المتخصصة في الجهاز التناسلي عند الفتيات، بل في ربيع الطفل الثاني والثالث، حينها يجب تعريفه على أعضاء جسمه بأسمائها الحقيقية وتعليمه الخصوصية عبر إغلاق باب الحمّام، وتفسير أهمية المحافظة على الحدود الشخصية، كما استخدام الغرفة المخصصة للمقاس عند شراء الملابس. ومن الضروري تعليمه أيضاً رفض لمسه من الآخر وإطلاعه على الأدوار الاجتماعية واحترام الجنس الآخر وفرض احترام جسمه على الآخرين. إضافة إلى تثقيفه وفق ما يناسب نموّه وسنّه وتفهّم المشاعر التي يمرّ فيها.


وكلما اقترب الطفل، صبياً كان أو بنتاً من سنّ البلوغ (8 و9 سنوات) يتوّجب علينا تفسير تغيرات هذه المرحلة بالنسبة إليه، مع تشديدنا على أهميتها لتحقيق النمو والبلوغ. وبدءاً من 12 سنة، يجب التحدّث معه عن الهوية الجنسية والتوّجه الجنسي والعلاقة الحميمة ووسائل الحماية خلالها، والتداعيات الناتجة عن الممارسات غير السليمة.


وردّاً على سؤال حول العادات اليومية التي تؤثر مباشرة على الصحة الجنسية عند الأطفال والمراهقين، تشير إلى خطورة الخلوي مع توافر الإنترنت، حيث يفسح في المجال أمام دخولهم إلى مواقع غير ملائمة لسنّهم تقدّم معلومات مغلوطة. ولجوء المراهقين حالياً إلى السوشيل ميديا وChat GPT والمواقع الإباحية من أجل اكتساب التربية الجنسية، يؤثر في نظرتهم إلى الجنس الآخر الذي يتحوّل إلى غرض جنسيّ فحسب، ما يؤدي إلى عنف وممارسات غير محميّة وإلى تناول الكحول والسهر.


وتضيف: "دخلنا عالم الصناعة، حيث اكتسحت معطّلات الغدد الصمّاء (endocrine disruptors) حياتنا اليومية من خلال الأكل والشرب والثياب والبلاستيك، وهي تؤثر على عمل الغدد في المراحل الثلاث للنموّ: الجنين في بطن أمّه، الطفولة الصغيرة وسن البلوغ. كما لحظت الدراسات تأثيره لاحقاً على الخصوبة"، لافتةً إلى أن "سنّ البلوغ الذي يتأثر بجينات في جسم الانسان، اكتشف العلم بعضها ولا يزال يستكشف البعض الآخر، قد يتأثر أيضاً بنمط الحياة، بسبب المناخ وطبيعة الغذاء، إضافة إلى المواد المعطّلة للغدد الصمّاء المتوافرة في البلاستيك وفي الألعاب البلاستيكية الطرية، والماكياج ومستحضرات التجميل phthalates وparaben والثياب، والتي تتسرّب إلى جسمنا، لتعمل إمّا برفقة الهرمونات أو بطريقة معاكسة لها أو تعيق نشاطها، ما يؤخر البلوغ أو يسرّعه".


وعمّا إذا كانت النشاطات البدنية المكثّفة تؤثر أيضاً في الهرمونات تجيب: "تمارس غالبية الأطفال رياضات متنوّعة ونحن نشجّع على ذلك، إنما يجب متابعة من يتمرّن لخوض المنافسات العالمية، من قبل اختصاصي تغذية، لأن تزامن هذه التمرينات المكثفة والقاسية مع نقص في السعرات الحرارية ينعكس على النمو والبلوغ وبالتالي على الهرمونات".


وتوضح كيف يؤثر التلاعب الهرموني على الاتّزان العاطفي عند المراهق، قائلة: "تبدأ الرغبة الجنسية عند ارتفاع الهرمون الجنسي فيفتّش المراهق عن الحب والغرام والاعجاب خارج منزله، ويختبر مشاعر الإحباط والتلاعب في المزاج. كما يمكن أن يجنح نحو ممارسات قد تعرّض حياته للخطر كونه لا يفكّر بتداعيات تصرفاته. ويرفع الهرمون الجنسي نسبة الدوبامين في الجسم، وهذا مخيف أكثر، لأنه قد يبحث عن أشياء تفرحه بسرعة إنما تعرّض حياته للخطر، لذلك يجب مواكبته والاهتمام به وتفهّم ما يمرّ به وتفهّم هذه الفترة المرحلية".


وعن أهمية التثقيف الجنسي، تشدّد على ضرورة أن ينطلق في المرحلة الصغيرة من حياة الطفل، من قبل الأشخاص الذين يتعاملون مع الأطفال أي مع الأهل والمدارس والمخيمات الصيفية. وذلك لأن تعليمه عن أعضاء جسمه وكيفية حماية نفسه يجنّبه أي تعدٍ جنسيّ لاحقاً.

وتضيف: "أقترح إنشاء وحدة متخصصة في وزارة التربية أو وزارة الصحة تحت إشراف طبي تُعنى بالتثقيف حول التربية الجنسية الصحيحة، تنشط في الحضانات والمدارس والمخيمات الصيفية وتراعي المجتمع الذي نعيش فيه".



معطّلات الغدد الصمّاء (endocrine disruptors)

هي مواد كيميائية يمكن أن تنشط مع الهرمون، كما يمكن أن توقفه أو تعدّل في نشاطه. إذا تعرّضت الحامل لهذه المواد قد يصاب جنينها بتشوّه خلقي في جهازه التناسلي.

وتشير الدراسات إلى إمكانية تأثير هذه المواد على الخصوبة عند الرجل والمرأة، كما إعاقة التطوّر الذهني عند الطفل، فضلاً عن تسريع البلوغ أو تأخيره عند المراهق. نجد هذه المواد في البلاستيك BPA، الذي نحفظ فيه الطعام أو نستخدمه للطعام، وفي المبيدات المستخدمة للخضار والفواكه وفي الهواء الملوّث وفي مستحضرات التجميل، التي تحتوي على البارابين و"الفتالات" وفي بعض أنواع الثياب. وتبقى نسبة التفاعل مع هذه المواد متعّلق بالكمية المستخدمة، وبالمدّة الزمنية التي تعرضّنا لها.