إنّه الزمن الجديد، في لبنان وكل المنطقة، ففي الاقليم سقط مشروع الدويلات داخل الدولة الذي رعته وقادته الجمهورية الاسلامية الايرانية لصالح خيار الدول السيادية المستقلة في قرارها وسلطتها، وبالتوازي، تقدّم في الداخل اللبناني، الخط السيادي الذي ناضل لأجله حزب القوات اللبنانية على مدى عقود، بعد السقوط المتتالي لكلّ أوجه الاحتلالات والوصايات، وكان آخرها انحلال الهيمنة الايرانية المسلّحة.
جسّدت مشهدية الرياض بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وما خرجت به من مواقف جازمة لناحية التأكيد على سيادة الدولة اللبنانية، انتصاراً للخط السيادي اللبناني، وقد شدّد، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية سام وربيرغ، على هامش القمّة الأميركية السعودية، على الالتزام بدعم الجيش اللبناني وتمكينه من بسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية، كما أشار ترامب بشكل مباشر إلى الدور الايراني السلبي الذي أدّى إلى تدمير المنطقة عبر دعم الميليشيات، وهنا لا يسقط من الذاكرة اللبنانية، ما ساقته أبواق الممانعة حول رهانات جعجع الاقليمية، حيث سقطت الأبواق ومشاريعها وأصابت رهانات معراب، على ثقافة الحياة وسيادة الدول وحرية الشعوب
ومن الاقليم إلى الداخل، جاء استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية، ليُؤكّد التأييد الشعبي اللبناني العارم، وتحديداً المسيحي، وعلى وجه الخصوص، الرأي العام المحايد عن الاصطفافات الحزبية، جاء ليؤكّد تأييده لخط "القوات اللبنانية" والقوى السيادية، من جبل لبنان إلى الشمال، مروراً بالعاصمة، وصولاً إلى البقاع.
وقد حققت "القوات اللبنانية" مع حلفائها، وفي كثير من الأماكن بمفردها، انتصارات بارزة، في جبل لبنان من الشوف وعاليه وبعبدا إلى المتن الشمالي وكسروان وجبيل، وقد برز الفوز الكبير في بلديات الجديدة البوشرية السد، وجونيه وجبيل، وصولًا إلى تثبيت الحضور في عكار والفوز الكبير في الشمال المسيحي، مع التقدم في بلدات زغرتا الزاوية، وتسونامي الكورة مع الفوز بـ 14 بلدية من أصل 19 خيضت فيها الانتخابات، والجرف السيادي في بلدات البترون، لتُتوّج "القوات" حضورها الشعبي بإغلاق جبّة بشري بالكامل لصالحها.
وبالانتقال إلى العاصمة، جاءت الارقام لتؤكّد التفوّق المسيحي لمعراب، وقد أثبتت ماكينتها الانتخابية فعالية بارزة في التنظيم والحشد والالتزام، على بعد عامٍ من الانتخابات النيابية، وما نتائج الانتخابات الاختيارية سوى الدليل الأبرز.
أمّا بقاعاً، فكانت معركة مدينة زحلة، المشهدية الأبرز والأقوى والأعتى على الاطلاق، حيث تكتّل الجميع، والجميع دون استثناء، بوجه "القوات اللبنانية"، من الثنائي الشيعي إلى كل القوى المستقلة والوسطية والسيادية والممانعة، وقد سطّرت "القوات" انتصاراً كبيراً وساحقاً بنتيجة 21 مقابل صفر للائحة المقابلة، مع نجاحها في حصد الأغلبية الساحقة من التأييد المسيحي المُسيّس والمحايد، في دلالة لافتة على توجّهات الرأي العام المسيحي، الأمر الذي تُرجم أيضاً في بلدات البقاع المسيحية.
إنتقلت المنطقة إلى مرحلة جديدة، وانتقل معها لبنان إلى هذه المرحلة الموعودة بالاستقرار والازدهار، ويعلم الرأي العام اللبناني أنّ هذا الانتقال، يتطلّب رؤية ومساراً واضحين، ومَن غير "القوات اللبنانية" التي أثبتت، غير كلّ القوى، أنّها أكثر مَن ثَبُتَ على هذا المسار ونادى بركائز هذه المرحلة، يوم كان الجميع ضدها، هي الأقدر على قيادة هذا الدرب محلّياً، وما نتائج الاستحقاق المحلّي، وبعد كلّ التحوّلات، سوى الاشارة الاولى على الثقة المحلّيّة العارمة حول مشروع "القوات" ورئيسها سمير جعجع.