موسكو تراوغ وكييف تطالب الأوروبّيين بتكثيف ضغوطهم

خلال نقل جثة بورتنوف من مسرح الجريمة في مدريد أمس (رويترز)

رفض الكرملين أمس اتهامات أوكرانيا ودول أوروبية بأن روسيا تسعى إلى إطالة أمد عملية السلام، لكنه أكد في الوقت عينه أنه لم يُتخذ قرار بعد في شأن مكان انعقاد الجولة المقبلة من المحادثات المباشرة مع كييف، التي زعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقدها في الفاتيكان إثر محادثته الهاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الإثنين. وأعرب الكرملين عن ترحيب روسيا "باستعداد كافة الأطراف للمساهمة في تسوية سريعة"، إنما أوضح أن موسكو لم تتلق أي اقتراح رسمي من الفاتيكان حول المحادثات، فيما كانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني قد كشفت الثلثاء أن البابا لاوون الـ 14 أبدى لها استعداده لاستضافة المفاوضات.


في الغضون، ستطلب أوكرانيا من الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل بحث خطوات جديدة كبيرة لعزل موسكو، تشمل مصادرة أصول روسية وفرض عقوبات على بعض مشتري النفط الروسي ودعوة لتبني تشريع يُسرّع مصادرة الاتحاد لأصول الأفراد الخاضعين للعقوبات وإرسالها إلى أوكرانيا. وستدعو كييف الاتحاد أيضاً إلى النظر في استخدام المزيد من قواعد تمرير القرارات الخاصة بالعقوبات بتأييد غالبية الدول الأعضاء، لمنع عرقلة الدول بشكل فردي للتدابير التي تتطلّب الإجماع، حسب وكالة "رويترز"، بينما اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الاتحاد يدعو إلى تصعيد النزاع الأوكراني من أجل مواصلة تسليح كييف بكثافة.


في الأثناء، وقع سفراء الاتحاد الأوروبي على إنشاء صندوق جديد لشراء الأسلحة سيوفر 150 مليار يورو في شكل قروض لمشاريع دفاعية. وتسعى مبادرة الاتحاد المعروفة باسم "العمل الأمني من أجل أوروبا" إلى كسر الحواجز الوطنية من خلال تمويل مشاريع مشتركة بين دول الاتحاد، واستخدام مبدأ "شراء المنتجات الأوروبية"، بحيث تهدف إلى تعزيز صناعة الدفاع في القارة. ولكي يتأهل أي مشروع للحصول على تمويل من المبادرة، يجب أن يكون 65 في المئة من قيمته من شركات مقرّها في الاتحاد، أو المنطقة الاقتصادية الأوروبية على النطاق الأوسع أو أوكرانيا. ويمكن لشركات من البلدان الموقعة على شراكة أمنية ودفاعية مع الاتحاد أن تكون مؤهلة أيضاً، إذا استوفت شروطاً أخرى، مثل بريطانيا.


توازياً، أصدرت بريطانيا وحليفاتها، بما في ذلك أميركا وألمانيا وفرنسا، تحذيراً من حملة إلكترونية تدعمها روسيا وتستهدف سبل توصيل الدعم إلى أوكرانيا والكيانات اللوجستية وشركات التكنولوجيا الغربية. وأوضح مدير العمليات في المركز الوطني للأمن السيبراني البريطاني بول تشيتشيستر أنه "تشكل تلك الحملة الخبيثة التي يشنها جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي خطراً جسيماً على المنظمات المستهدفة، ومنها تلك المشاركة في إيصال المساعدات إلى أوكرانيا"، مشيراً إلى أن الحملة استهدفت أيضاً قطاعات الدفاع وخدمات تكنولوجيا المعلومات والخدمات البحرية والمطارات والموانئ وأنظمة إدارة الحركة الجوية في العديد من الدول الأعضاء في حلف "الناتو".


ميدانياً، ذكرت روسيا أنها أسقطت ما لا يقل عن 232 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق مناطق روسية مختلفة وأن بعض هذه المسيّرات اقتربت من موسكو، حيث جرى إغلاق مطارات لفترة وجيزة لضمان سلامة الرحلات الجوية، فيما أكد الجيش الأوكراني أن طائراته المسيّرة أصابت مصنعاً لأجهزة أشباه الموصلات في منطقة أوريول، موضحاً أن المصنع يوفر إمدادات لمنتجي الطائرات المقاتلة والصواريخ الروسية. بالتزامن، أشارت الدفاع الروسية إلى أن قواتها تتقدّم في مواقع رئيسية على الجبهة، في وقت أفاد فيه مدوّنو حرب موالون لموسكو بأن روسيا اخترقت الخطوط الأوكرانية بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا. وكشف الحرس الوطني الأوكراني أن هجوماً صاروخياً روسياً أسفر عن مقتل ستة جنود وإصابة ما لا يقل عن 10 آخرين خلال تدريب الثلثاء.


على صعيد آخر، أفاد مصدر في الشرطة الوطنية الإسبانية لشبكة "سي أن أن" بأن السياسي الأوكراني السابق أندريه بورتنوف، الذي عمل مساعداً للرئيس السابق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، قُتل بالرصاص في مدريد. وسبق أن حقق جهاز الأمن الأوكراني في تورّط بورتنوف المحتمل في ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، لكن القضية أُغلقت لاحقاً، بينما فرّ بورتنوف من أوكرانيا بعد أشهر من بدء روسيا غزوها الشامل للبلاد.