مي ابو زور

صوت الصحافي مفقود يوم الانتخابات

للصحافة دور محوري في مراقبة الانتخابات فهي الجسر الذي يربط المواطن بالعملية الانتخابية، من خلال التغطيات المباشرة ونقل شهادات الناخبين إضافة للدور المهم الذي يتسم في كشف المخالفات. فوجود الصحافيين في أقلام الاقتراع لا يهدف فقط إلى التوثيق، بل إلى الردع أيضاً اذ ان المخالفات تصبح أكثر صعوبة عندما تكون الكاميرا حاضرة، كما تساهم وسائل الإعلام في توعية الناخبين حول حقوقهم وآليات الاقتراع، ما يجعل من الصحافة شريكاً حقيقياً في حماية الإرادة الشعبية.



ومع ذلك، فإن حرمان الصحافي من ممارسة حقّه في الاقتراع، تحت ذريعة وجوده في موقع العمل يوم الانتخاب، يضع هذا الدور التشاركي تحت سؤال جوهري: كيف لمن يراقب الديمقراطية أن يُستثنى منها؟



أقرّ قانون الانتخاب اللبناني رقم 44 بتاريخ 17 حزيران 2017، وهو الإطار التشريعي الناظم للانتخابات النيابية في لبنان.



من أبرز مواده المادة 80 التي تنص على آلية الاقتراع المسبق للموظفين المنتدبين من قبل وزارة الداخلية (رؤساء الأقلام والكتبة)، وذلك لأنهم يكونون يوم الانتخاب خارج أماكن قيدهم.



اذ يحق فقط لرؤساء الأقلام والكتبة المعيّنين رسمياً من وزارة الداخلية أن يقترعوا قبل يوم الانتخاب حيث لا تشمل هذه المادة أي فئات مهنية أخرى مثل الصحافيين أو المراقبين أو موظفي الدولة الآخرين كما تنظّم عملية الاقتراع في مراكز محددة ويُفرَز صندوقهم مع بقية الصناديق لاحقاً.



يتبيّن ان القانون راعى هذه الفئة وسمح لها بممارسة حقّها بالاقتراع وغض النظر عن فئات أخرى في كثير من الأحيان حرمت من هذا الحق للقيام بواجبها المهني.



فمن جهة قانونية وفي حديث مع المحامية نانسي داغر اعتبرت أنه يجب أن يستفيد الإعلاميون من التسهيلات الانتخابية أسوة برؤساء الأقلام، كونهم يلتزمون بتغطية العملية الانتخابية ميدانياً طوال يوم الاقتراع، ما يحول فعلياً دون تمكنهم من ممارسة حقهم الدستوري بالاقتراع.



وبما أن المادة 88 من قانون الانتخاب نظّمت آلية اقتراع الموظفين المكلفين بالأعمال الانتخابية، يُفترض توسيع نطاقها لتشمل الإعلاميين المعتمدين رسمياً، إما عبر تعديل تشريعي صريح، أو بمذكرة تنظيمية تصدرها وزارة الداخلية، ضماناً لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في ممارسة الحق السياسي.



 الاعلامية ميريلا ابو خليل تحدثت ل"نداء الوطن" عن تجربتها في الانتخابات النيابية 2018 حيث كانت تتولى تغطية الانتخابات في قضاء الكورة، وهي تنتخب في بلدة حراجل قضاء كسروان وبالتالي لم تستطع الاقتراع.



وبعد 4 سنوات، أي في انتخابات 2022 حاولت أن تتفادى الأمر والتوفيق بين واجبها المهني وحقّها في الاقتراع، فبدأت تغطيتها من بلدتها لتتابع عملها في باقي المناطق.


واعتبرت بو خليل أن الأمر بات أسهل في الانتخابات البلدية لأنها مقسمة على عدة ايام على غرار الانتخابات النيابية، كما اشارت إلى أن المؤسسة التي تعمل بها تراعي ظروف الصحافيين وتقوم بوضع المراسلين في مناطق قريبة ليتمكّنوا من الاقتراع.



وتفيد مصادر بأن لوزارة الاعلام نية للبحث في هذا الأمر بحيث تعتبر أن هناك ضرورة لتعديل هذه القوانين وضمان حقوق الصحافيين السياسية.



ختاماً إن ضمان حق الصحافيين في المشاركة السياسية هو ركيزة أساسية في أي نظام ديمقراطي وبالتالي يترتب على السلطات المعنية الأخذ بعين الاعتبار أهمية مشاركة هذه الفئة وضمان حقها بالانتخاب من خلال تعديل القوانين والسياسات بما يتناسب مع طبيعة عملهم.