مايز عبيد

ظاهرة حرق الإطارات تتكرّر وسحابة سوداء فوق طرابلس

26 تشرين الأول 2020

02 : 00

خلال عملية إحراق الإطارات في طرابلس

سحابة دخانية سوداء غطّت مدينة طرابلس أمس وأمس الأول، استمرّت لساعات وأثارت نقمة الأهالي والسكان. لم تكن هذه السحابة حريقاً في مرفأ أو في مكبّ للنفايات. إنّها ظاهرة حرق إطارات السيارات التي تتكرّر بشكل مستمرّ، ويستغلّ مُشعلوها هذه الفترة من السنة قبيل موسم الأمطار، فيشعلون الإطارات في أكثر من "بورة"؛ في سقي البداوي أو على الطريق البحري (المحجر الصحّي)، بالقرب من المرفأ، وخلف سوق الأحد للإستفادة في ما بعد بما يخرج من هذه الإطارات من أسلاك وبيعها.

ومع أنّ الإستفادة المادية من هذه الإطارات أو من أسلاكها ليست بالأرقام الخيالية، وليست سوى بضعة عشرات أو مئات من الآلاف، إلا أنّ كمية الدخان التي تنبعث منها كفيلة بأن تسمّم طرابلس بكاملها، وجوارها أيضاً. وأحدثت هذه الحرائق غضباً واستياء عبّر عنهما أهل طرابلس والجوار على وسائل التواصل الاجتماعي، فعَنوَن أحدهم منشوره على "فايسبوك": "معلّم التلحيم وصل الى طرابلس". أما المهندس وسيم ناغي فنشر صورة للدخان المتصاعد وكتب يقول: "أين مسؤولية بلدية طرابلس في لجم ظاهرة عصابات حرق الإطارات المزمنة التي تسمّم أهالي المدينة وضواحيها؟".

وكان لافتاً في الردود على المنشور، ردّ عضو مجلس بلدية طرابلس المهندس جميل جبلاوي والحوار الذي خاضه مع عدد من المعلّقين، حيث قال ردّاً على أحدهم: "إسأل قادة وضباط الأجهزة الأمنية وبعض الزعماء". وفي ذلك إشارة واضحة من جبلاوي الى مسؤولية قادة أمنيين في المدينة عمّا يجري من حرق للإطارات بشكل مستمر من دون تحرّك يذكر. وعن مسؤولية البلدية حيال ما يجري يقول جبلاوي: "مش قضية لا نستطيع لأنّنا لا نريد، الذين يحرقون الدواليب هم محميون من مسلّحين، شرطة البلدية لا تملك سلاحاً، هؤلاء القبضايات لهم غطاء أمني وسياسي". كلام جبلاوي حتى وإن كان لا يعفي بلدية طرابلس من مسؤولياتها حيال ما يجري من استهتار بصحّة أهل طرابلس وكلّ من يزور المدينة، إلا أنه يُعدّ في المقابل تحميلاً واضحاً وصريحاً للمسؤولية عن هذا الخطر الذي يتهدّد المدينة.

المهندس وسيم ناغي الذي يسكن في منطقة المعرض البعيدة نسبياً من مكان الحريق، أكّد لـ"نداء الوطن" أنه لم يستطع صبيحة الأحد فتح نوافذ المنزل "لأنّ رائحة حريق الإطارات كانت لا تُطاق"... وهذا ما شعر به أيضاً أكثرية الطرابلسيين وتأذّوا منه.

من جهته، اعتبر الخبير البيئي الطرابلسي الدكتور جلال حلواني أنّ "هذه الظاهرة التي يلجأ إليها البعض، سواء للمظاهر الإحتجاجية أو حتّى لأي استعمال آخر، تنتج عنها تأثيرات سلبية على صحّة المواطنين بسبب تلوث الهواء من المواد السامة المنبعثة في الهواء والتي تدخل إلى جسم الإنسان عن طريق التنشّق، وقد تسبّب حالات مرضية خطيرة لا سيّما السرطان".

أضاف: "نعيش في زمن "كورونا" ونشتكي من هذا الفيروس الخطير، فكيف إذا كان التلوث الكيميائي إلى جانب التلوث البيولوجي؟ فقد لا ينجو أحد من هذا الأمر الشاذّ". وسأل حلواني: "كم من المرات ناشدنا المحافظ من أجل التحرّك حيال هذا الأمر؟ للأسف لم نر إلا تحرّكات لفظية ليس إلّا، مع أنّ من يقومون بذلك معروفون منه ومن الجميع".


MISS 3