جاد حداد

القهوة والشاي الأخضر... لتخفيض خطر وفاة مرضى السكري؟

26 تشرين الأول 2020

02 : 00

حللت دراسة جديدة أثر الشاي الأخضر والقهوة على خطر الوفاة لدى المصابين بالنوع الثاني من السكري. اكتشف الباحثون أن استهلاك كوبين من القهوة على الأقل وأربعة أكواب من الشاي الأخضر وما فوق يومياً يرتبط بتراجع معدل الوفيات لمختلف الأسباب بنسبة 63%.

يزيد مرض السكري خطر الإصابة بمجموعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك السرطان وكسور العظام والخرف وأمراض الدورة الدموية.

قد تُخفّض الأدوية المخاطر الصحية المرتبطة بالسكري، لكن يظن الخبراء أيضاً أن تعديل أسلوب الحياة يبقى من أفضل الخطوات للسيطرة على النوع الثاني من السكري، وتشمل هذه الخطة تبنّي حمية غذائية صحية وتكثيف النشاطات الجسدية ووقف التدخين.

على مر السنين، حلل عدد كبير من العلماء المنافع الصحية المحتملة للشاي الأخضر. أثبتت مجموعة من الدراسات وجود رابط بين استهلاك هذا الشاي وتراجع خطر الإصابة بمرض السكري.

استنتج علماء آخرون أن شرب الشاي الأخضر قد يُحسّن مستوى السيطرة على الغلوكوز وحساسية الأنسولين. لكن حتى الآن، لم يستكشف الكثيرون منافع الشاي على النوع الثاني من السكري تحديداً.

جذبت القهوة أيضاً انتباه الأوساط العلمية على مر السنوات ويبدو أن استهلاك كمية كبيرة منها يؤدي إلى تراجع خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري مقارنةً بمفعول الكميات الصغيرة. بالإضافة إلى السكري، تشير الأدلة أيضاً إلى ارتباط استهلاك القهوة بتراجع خطر الوفاة. لكن كما حصل مع الشاي الأخضر، لم يحلل علماء كثيرون هذا الرابط لدى المصابين بالسكري.

رغم كثرة المصاعب في تحليل آثار مأكولات محددة على الحالات الصحية، بدأت الأدلة التي تشير إلى المنافع الصحية للشاي الأخضر والقهوة تتصاعد. حلل الباحثون في جامعة "كيوشو" وكلية "فوكوكا" لطب الأسنان ومستشفى "هاكوجيوجي" في اليابان أثر القهوة والشاي الأخضر على خطر الوفاة لدى مرضى السكري. نُشرت النتائج في نشرة "أبحاث السكري والرعاية المفتوحة" التابعة للمجلة الطبية البريطانية.

تفاصيل الدراسة

أخذ العلماء البيانات من "سجل فوكوكا للسكري" (إنها دراسة مستمرة تهدف إلى تقييم أثر الأدوية وأسلوب الحياة على نتائج السكري). في المحصّلة، استعملوا بيانات 4923 مشاركاً مصاباً بالنوع الثاني من السكري. كان المشاركون في عمر العشرين وما فوق وبلغ متوسط أعمارهم 66 عاماً.

طرح المشاركون مجموعة واسعة من المعلومات، منها تفاصيل عن مشاكلهم الصحية، ووتيرة تمارينهم الجسدية، وعادة التدخين، وشرب الكحول، ومدة النوم، ومؤشر كتلة الجسم، وضغط الدم، وأعراض الاكتئاب.

كذلك، قدّم المشاركون تفاصيل عن حميتهم الغذائية، بما في ذلك مستوى استهلاك القهوة والشاي الأخضر.

تمحورت الدراسة بشكلٍ أساسي حول معدل الوفيات. راقب الباحثون المشاركين لمدة بلغ متوسطها 5.3 سنوات وتوفي 309 أشخاص خلال فترة المتابعة.

لتحقيق هدف التحليل الأساسي، اعتبر العلماء الاستهلاك العالي موازياً لتناول أربعة أكواب من الشاي الأخضر وكوبَين من القهوة وما فوق يومياً.

نتائج الدراسة

تبيّن أن من يتناولون أكثر من كوب واحد من الشاي الأخضر أو القهوة يومياً يكونون أقل عرضة للوفاة لأي سبب مقارنةً بمن لا يشربون أي نوع منهما. برز رابط بين أدنى مستويات المخاطر وتناول كميات كبيرة من الشاي الأخضر والقهوة.

وبعد مراعاة متغيرات قد تؤثر على التحليل، استنتج العلماء أن استهلاك كميات إضافية من الشاي الأخضر والقهوة يرتبط بتراجع حالات الوفاة لأي سبب لدى المصابين بالنوع الثاني من السكري: "أدى استهلاك كميات كبيرة من خليط الشاي الأخضر والقهوة إلى تراجع مخاطر الوفاة لأي سبب بنسبة 63% خلال فترة المتابعة".

عند استكشاف آثار القهوة وحدها، لاحظ الباحثون أن استهلاك كوبين أو أكثر يومياً ارتبط بتراجع خطر الوفاة بنسبة 41% خلال فترة المتابعة.

وعند احتساب خطر الوفاة لدى مستهلكي الشاي الأخضر، اكتشف العلماء أن شرب أربعة أكواب يومية على الأقل يرتبط بتراجع الخطر بنسبة 40%.

لكن ترافق استهلاك المشروبَين معاً يومياً مع أكبر المنافع:

• كوبان أو ثلاثة أكواب من الشاي الأخضر بالإضافة إلى كوبَي قهوة على الأقل: انخفاض بنسبة 51%.

• أربعة أكواب من الشاي الأخضر على الأقل بالإضافة إلى كوب واحد من القهوة: انخفاض بنسبة 58%.

• أربعة أكواب من الشاي الأخضر على الأقل بالإضافة إلى كوبَي قهوة وما فوق: انخفاض بنسبة 63%.


دراســــــة مــــــحــــــدودة


كما يحصل مع معظم الدراسات التي تحلل أثر نوع واحد من المأكولات أو المشروبات لدى مجموعة سكانية معينة، يبقى هذا البحث محدوداً على بعض المستويات.

اشتقت المعلومات المتعلقة باستهلاك القهوة والشاي الأخضر من استبيان مثلاً. ومن المعروف أن ذاكرة الناس ليست مثالية بأي شكل، ما يعني أن الأخطاء حتمية في هذا النوع من البيانات. كذلك، ارتكزت المعطيات الغذائية على معلومات المشاركين في بداية الدراسة، لكن قد تتغير عادات استهلاك المشروبات خلال فترة خمس سنوات.

على صعيد آخر، لم يجمع العلماء أي معلومات عن عوامل معينة قد تؤثر على النتائج، مثل مستوى التعليم ودخل الأسرة. يؤكد الباحثون على أهمية هذا الجانب لأن التعليم العالي أو ارتفاع المداخيل قد يرتبطان بزيادة استهلاك القهوة أو حتى تراجع خطر الوفاة. كذلك، كانت الدراسة ترتكز على مراقبة المشاركين وبالتالي لا يمكن أن تثبت قدرة الشاي الأخضر والقهوة على تخفيض خطر الوفاة، بل إن استهلاك هذه المشروبات يرتبط بتراجع نسبة الخطر بكل بساطة.

رغم تأثير هذه الضوابط كلها، تُضاف نتائج الدراسة إلى المعطيات القائلة إن الشاي الأخضر والقهوة قد يفيدان بعض الناس بطريقةٍ ما.



MISS 3