في ظلّ تصاعد الحرب الإسرائيلية – الإيرانية وما يرافقها من توتّر إقليمي واسع، أعلنت الحكومة المصرية تأجيل افتتاح "المتحف المصري الكبير" إلى الربع الأخير من عام 2025، بعد أن كان مقرراً في الثالث من تموز المقبل.
القرار الذي كشف عنه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، جاء في بيان رسمي صادر عن وزارة السياحة والآثار، أوضح أنّ التأجيل سببه "تطورات الأحداث الإقليمية الراهنة"، حرصاً على أن تُنظَّم الفعالية بما يليق بمكانة مصر الثقافية والحضارية على الساحة الدولية، وضمان مشاركة دولية واسعة في افتتاح يُراد له أن يكون حدثاً استثنائياً بكل المقاييس. وأكّد البيان أنّ الموعد الجديد للافتتاح سيُعلن عنه في الوقت المناسب، بعد تنسيق شامل مع الجهات المعنية.
وأشار مدبولي إلى أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان قد وافق على تحديد 3 تموز موعداً مبدئياً للحدث، الذي كان يُنتظر أن يمتد على مدار عدة أيام، وسط تحضيرات استثنائية شاركت فيها مختلف الوزارات والمؤسسات. ويُنتظر أن يسهم الافتتاح الرسمي المرتقب في الترويج الدولي لمصر كمركز للثقافة والسياحة والتاريخ.
وفيما تبقى قاعات العرض الرئيسية، وعلى رأسها "قاعة كنوز توت عنخ آمون"، مغلقة حتى الموعد الرسمي، يستمر المتحف في فتح أبوابه أمام الزائرين ضمن المرحلة التجريبية، في نطاق المناطق المفتوحة مثل "ساحة المسلّة المعلّقة" و "البهو العظيم"، الذي يضمّ "تمثال رمسيس الثاني" و "عمود النصر للملك مرنبتاح".
صرح بحجم التاريخ
"المتحف المصري الكبير" ليس مجرّد مشروع عمراني، بل رؤية ثقافية بدأ التخطيط لها في تسعينات القرن الماضي، وقد وُضِع حجر الأساس عام 2002 بالقرب من أهرامات الجيزة. وبدعم من "منظمة اليونسكو" و "الاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين"، أطلقت مصر مسابقة دولية لتصميم المتحف، فاز بها المكتب الأيرلندي "Heneghan Peng Architects" بتصميم يعكس التقاء أشعة الشمس المنبعثة من قمم الأهرامات فوق كتلة المتحف.
بدأ تنفيذ المشروع فعلياً في أيار 2005، فيما افتُتح عام 2010 مركز الترميم الضخم التابع له، والذي يُعدّ الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط. وعام 2016 صدر قرار بإنشاء هيئة خاصة لإدارة المتحف، أُعيد تنظيمها لاحقاً عام 2020 كهيئة اقتصادية عامة تتبع الوزير المختص بالآثار، ويرأس مجلس أمنائها رئيس الجمهورية.
يمتد المتحف على مساحة تفوق 300 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، من بينها "المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون"، المعروضة لأول مرة كاملة منذ اكتشافها عام 1922. ويضمّ المتحف أيضاً "متحف مراكب الملك خوفو"، ومقتنيات تعود لعصور ما قبل الأُسر وحتى العصرَين اليوناني والروماني. ويتضمّن المشروع مرافق متكاملة تضم قاعات مؤتمرات، مركزاً تعليمياً، متحفاً للأطفال، سينما وحدائق، إضافة إلى منطقة تجارية تحتوي على مطاعم وكافيتريات ومتاجر. كما يتيح جولات إرشادية في المناطق المفتوحة فقط، بانتظار افتتاح القاعات المغلقة أمام الزوار في الموعد الجديد.