حفيف الأوراق، خرير المياه، زقزقة العصافير، مداعبة النسيم لسنابل القمح، كلّها همسات تشكّل سيمفونية طبيعية رائعة تؤكد على التجدد والاستمرارية بالرغم من ليالي الشتاء الطويلة.
تتجلّى الهمسات في أوجه عدة، إذ يمكن لحبيب أن يهمس في أذن حبيبته ويقول لها: "أحبك"، أو قد يعمد صديق الى همس سرّ لصديقه المقرّب، او حتى قد يحثّ طفل والدته بهمسة بريئة كي تتكلّم مع والده وتقنعه بأمر ما...
ومن هذا المنطلق ولدت فكرة "همسات"، وهو مشروع يعمد الى إعادة ترميم مسارح بيروت التي تأذّت جرّاء الانفجار.
وتشير منتجة المشروع جوزيان بولس في حديث لـ"نداء الوطن" الى أنّ "المسرح هو مركز عملنا، إذ يتوجّه الناس الى مكاتبهم صباحاً أما نحن فندخل مسارحنا"، مشددة على ضرورة ترميمها لاستمرارية العمل المسرحي فيها.
وتلفت الى أنّ "العمل عبارة عن 7 نصوص مسرحية قدّمها لنا كتّاب إنكليز، فلبننّاها وأعدنا صياغتها بما يتناسب مع مجتمعنا المحلي".
وتقول: بدأنا بالتمارين في بيروت في الـBlack Box عند جاك مارون حيث سنصوّر المسرحية كذلك.
وتوضح بولس أنّ "العمل لن يُعرض مباشرة بسبب سوء بثّ الإنترنت وانقطاع الكهرباء في لبنان، لذا سيكون العمل مصوّراً وسيعرض على "يوتيوب" عند الثامنة من مساء السابع من تشرين الثاني".
وتلفت الى أنّ "المسرح هو خشبة حرية إذ يفسح لنا في المجال كي نتناول الموضوع الذي نريده، خصوصاً وأنّ صلة وصل تفاعلية تُبنى بين الممثل على خشبة المسرح والجمهور الحاضر مباشرة. لا يمكن تصنّع المشاعر من قبل الطرفين على الخشبة، لذلك تصل الرسائل الى أفئدة الحاضرين من دون حواجز أو قيد وشرط". وتشير الى أنّ "الوطن لا يستمرّ من دون معالم ثقافية، إذ حين تسافر الى بلاد أخرى لا تقصد مقرّ البرلمان فيها بل تزور معالمها الثقافية والفنية والحضارية".
وتوضح بولس أنّ "الإنسانية تتواصل عبر الثقافة منذ الأزل، ونرى ذلك جليّاً في فن وثقافة مايكل أنجلو ودافنشي وموليير الذي ما زال حيّاً ومتوارثاً حتى يومنا هذا"، مردفة أنّ "الثقافة مستمرّة عبر العصور".
وتشدد على أنّ "الثقافة في لبنان بخطر كبير جداً، لذلك عمد كلّ من جورج خباز وندى أبو فرحات وبرناديت حديب وبديع أبو شقرا، ونادين لبكي، وبشارة عطالله وساني عبد الباقي، وطلال الجردي ودوري السمراني الى التعاون والاجتماع سويّاً لاستمرارية إرثنا الثقافي".
وتتساءل بولس: "ما الذي يدفعك على مكافحة وباء كورونا ومصاعب الحياة من دون الثقافة؟ إنها الإرث والتراث والأمل والتجدد لغد افضل".
وتكشف بولس أنّ "القصة تعود ليوم الرابع من آب ولكن قبل الانفجار في أجواء كوميدية، رومانسية وواقعية حيث تبدأ بممثلين يتمرّنون لمسرحيتهم الجديدة". وتقول بولس: "سنؤدي أدوارنا جميعاً على المسرح مع الممثلين الرئيسيين، لأن الحبكة تتطلب ذلك. سيرانا المتابعون، زميلتي في الإنتاج أغاثا عزالدين، وأنا، وكذلك المخرجة لينا أبيض وفنانون مشاركون".
يستمر عرض "همسات" لـ70 دقيقة تنبض حياة بـ"مونولوجات" يجسّدها ممثلون لبنانيون مشهورون.
وسوف يتم تقديم العرض باللغة المحكيّة، وبالتالي سيكون موجهاً إلى كلّ لبناني مقيم ومغترب يرغب في إغاثة بيروت وإعادة إحياء المشهد الثقافي والفني فيها.
وتلفت بولس الى أنّ "مناطق الجميزة ومار مخايل والأشرفية في بيروت كانت محاور رئيسة للمسارح والأماكن الثقافية"، معربة عن أسفها بما أنها "من بين المناطق التي دمرها الانفجار بشدة ما سبّب بتدمير مسارح عدّة وبأضرار تقدّر بمئات الآلاف من الدولارات".
وتؤكد أنّ "المشهد المسرحي في بيروت في حالة يرثى لها. فضلاً عن مواجهة العديد من المخرجين والمنتجين والممثلين المسرحيين الموهوبين مصاعب مالية وخسارات شخصية كبيرة بسبب الانفجار".
وتضيف بولس بحزن: "قد يضطرّ هؤلاء إلى تقليص مساهمتهم الفنية في الصناعة بسبب ظروفهم الصعبة".
ولدت الفكرة في العاصمة البريطانية لندن، حيث تواصلت الممثلة والكاتبة والمنتجة اللبنانية أغاثا عز الدين مع كتّاب إنكليز وبولس لإنجاز مشروع "همسات" الذي يعود ريعه لإعادة تأهيل ودعم المسارح المتضرّرة في بيروت بعد انفجار الرابع من آب.
"البلد لا يموت حين يكون محتلّاً، بل حين تختفي ثقافته يموت فعلاً"، قول للكاتب اسكندر نجار من كتابه "الفلكي" يتجلّى في محاولة إسكات اصوات الثقافة والفن في لبنان. لكنّ المبادرات، وإن كانت فردية بغياب الدولة، ستبقى مستمرّة خصوصاً وأنّ "ما تبنيه الأقلام، لن تقوى عليه الايام".
تُباع التذاكر في لبنان بسعر 25 ألف ليرة لبنانية في مكتبة انطوان، وفي الخارج بسعر 10 جنيهات إسترلينية عبر رابط: https://www.eventbrite.co.uk/
وسوف يحصل صاحب التذكرة على رابط العرض في اليوم عينه.
