حرق النفايات في المناطق السكنية ظاهرة خطرة ومقلقة تهدد الصحة العامة والبيئة في طرابلس، وتؤدي إلى انبعاث ملوثات خطيرة تهدر صحة الإنسان والنبات والحيوان معًا.
يقول الخبير البيئي الدكتور جلال الحلواني إن "حرق النفايات داخل المناطق السكنية يطلق مزيجًا خطيرًا من الملوثات التي تؤثر بشكل مباشر على صحة السكان والبيئة المحيطة. من أهم هذه الملوثات، الجسيمات الدقيقة أو BM، وتقسم إلى نوعين: BM 2.5 و BM 10، الفرق بينهما له علاقة بالأثر داخل جسم الإنسان بحسب حجم هذه الجسيمات أو الجزيئات التي يمكنها اختراق الرئتين والوصول إلى المجرى التنفسي، وتسبب أمراضًا تنفسية، وقلبية مزمنة".
يتابع الحلواني: "النوع الثاني من الملوثات هو الغازات التي تنبعث في الهواء نتيجة احتراق النفايات، وخصوصًا التي تحتوي على مواد بلاستيكية. وهي عائلات الديوكسينات والفيوران، مواد مسرطنة شديدة السُمّيّة تحتوي على الكلور، مما يحدث اضطرابات في الجهاز المناعي واختلال بعمل الهرمونات في جسم الإنسان.
أما النوع الثالث من الملوثات، يتابع الحلواني: "هي المركبات العضوية المتطايرة والتي تسبب تهيج العينين والأنف والحنجرة، ويمكن أن تؤدي إلى تلف الكبد والكلى والجهاز العصبي. أما النوع الرابع من هذه الملوثات معروف بشكل كبير وهو أكسيد النيتروجين والكبريت. تنتشر هذه الأكاسيد في الهواء تساهم في تكوين أمراض الأمطار الحمضية لأنها تختلط مع بخار المياه، مما يسبب التهابات رئوية حادة، ومن الأمور التي نتابعها في ما يخص التلوث، نراقب تركيز الزئبق والرصاص لخطورتهما على جسم الإنسان".
أما بالنسبة إلى تأثيرها على البيئة المحلية، يلفت الحلواني: "من المعروف أن هذه الملوثات تسبب أولاً تلوث الهواء مما يؤثر على الأشخاص الذين يعانون من مرض الربو وضيق في التنفس وحساسية. كما تسبب تلوث التربة والمياه، فالرماد المتساقط ببطء يتكوّن من جزيئات خفيفة يؤدي إلى تراكمها في المياه وتأثيرها على الجهاز العصبي وخصوصًا عند الاطفال، من خلال تسربها إلى المياه الجوفية أثناء المطر، وبالتالي يمكن أن تهدد الزراعة والمنتوجات الزراعية التي نتناولها".
بالحديث عن الآثار طويلة المدى لحرق النفايات على النظام البيئي المحلي والتنوع البيولوجي يؤكد الحلواني أثرها "على انقراض أنواع نباتية حساسة وتراجع الغطاء النباتي. ويمكن أيضًا أن تؤثر على أنواع من الحيوانات، لذلك نرى أن الغابات والحقول تصاب بالعقم وتأخر الإنتاج النباتي تدريجيًا، مما يؤدي إلى انقراض أنواع من النباتات، كذلك على المدى الطويل سيكون هناك اختلال في السلسلة الغذائية.
ينبه الحلواني من هذه الانبعاثات التي تلعب دورًا في التغيير المناخي "حيث رأينا أن ازدياد الحرائق يؤدي إلى انبعاث غازات دافئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، مما يعزز فرضية "الاحتباس الحراري" ويؤدي إلى تغيرات في أنماط الأمطار وتفاعل درجات الحرارة، مما سيسبب ضغطًا على التنوع البيئي والبيولوجي بشكل كبير".
يختم الحلواني حديثه بالتطرق إلى دور الحكومة والمجتمع المدني في ذلك فيقول: "لا بد من إعداد استراتيجية متعددة المستويات تجمع بين السياسات العامة والبنية التحتية والتوعية والمساءلة، للحد من الحرائق بحيث يجب تحسين عملية إدارة النفايات الصلبة عبر إنشاء مراكز فرز وتدوير محلية، وتعزيز جمع النفايات العضوية وتحويلها إلى سماد، إضافة إلى تعميم مبادرات الفرز من المصدر.
لا بد من فرض قوانين صارمة على من يفتعل الحرائق العشوائية، كما يجب مساعدة البلديات من خلال دعمها بتقنيات حديثة لإدارة النفايات وإنشاء نقاط تجميع وخصوصًا النفايات غير العضوية، تمهيدًا لفرزها وإعادة تدويرها، مما يقلل من عملية الحرق، وإيجاد مكان خاص لتجميع النفايات العضوية وخاصة بقايا الطعام، وضرورة تثقيف وتوعية للمجتمع المحلي حول موضوع الآثار السلبية لحرق النفايات وأثرها على الصحة.