مارون مارون

لبنان ليس حطبًا لحروب الآخرين… فماذا يريد الشيخ نعيم قاسم؟

في زمنٍ تتسارع فيه النيران على امتداد الإقليم، خرج علينا أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم بتصريح خطير، أعلن فيه أن "لسنا على الحياد" في ما يخص الحرب بين إسرائيل وإيران. وكأنّ البلاد تحتمل رفّة جناح، فكيف بمغامرة وجودية كهذه؟


كلام قاسم لا يُمثّل اللبنانيين، ولا الدولة اللبنانية، بل يُعبّر فقط عن منطق الدويلة التي نصّبت نفسها وصيةً على القرار السيادي، ومتحدثةً باسم الوطن زورًا. في بلدٍ غارق بالأزمات، بالكهرباء والخبز والدولار والهجرة والحدود، يأتي هذا التصريح ليضيف إلى الكارثة كارثة، ويضع لبنان من جديد في خانة الإستهداف، وكأنه ينقصه المزيد من الحروب والعقوبات والعزلة.


الأسوأ من كلام نعيم قاسم، هو صمت الحكومة اللبنانية. لم يصدر عنها أي موقف يوازي حجم الخطر الذي يحمله هذا التصريح. لا بيان توضيحي، ولا تنديد، ولا حتى محاولة نفي، وكأنّ الدولة استقالت مجددًا من دورها، أو كأنّها سلّمت أن القرار ليس في يدها.


وحدهم وزراء "القوات اللبنانية" تجرأوا على قول ما يجب أن يُقال، فطالبوا بموقف رسمي واضح، يحفظ ما تبقى من هيبة الدولة، ويؤكد أن لبنان لا يُستعمل منصة لحروب الآخرين. دعوا الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها، وإلى عدم التغاضي عن مواقف تهدّد السلم الوطني وتخرق النأي بالنفس، وتخالف الإجماع اللبناني والدولي حول ضرورة تحييد لبنان عن صراعات المحاور.


لكن حتى هذه المطالبة لم تلقَ آذانًا صاغية. فالحكومة اكتفت بالفرجة، وفضّلت الصمت على المُساءلة، والمُساكنة على المواجهة.


لقد آن الأوان لأن يُقال ما يجب أن يُقال: لبنان لا يستطيع أن يتحمّل مغامرات "حزب الله"، ولا يحق لأحد أن يزجّ به في حروب لا قرار له فيها. كفى استخدامًا للبنان كورقة تفاوض أو ساحة تصفية حسابات. فشعبنا لم يعد يحتمل، والسكوت ليس حكمة…


أمام هذا الصمت، وأمام تمادي حزب الله في مصادرة القرار السيادي، لا بدّ من صرخة وطنية جامعة، تُذكّر بأن لبنان بلد تعددي، لا يختزل برأي طرف، ولا يُختصر بخطاب دويلة. ندعو المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع لبنان كرهينة بيد محور الممانعة، بل كدولة مخطوفة تستحق الدعم في سبيل استعادة سيادتها. وندعو الرأي العام اللبناني، بكل أطيافه، إلى اليقظة والتحرّك، لأن الصمت لم يعُد خيارًا، والتأجيل لم يعُد ممكنًا. فإمّا أن نُعيد لبنان إلى اللبنانيين، أو نتركه يتلاشى في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل... والسلام. 


رئيس دائرة الإعلام الداخلي وعضو المجلس المركزي في حزب "القوات اللبنانية"