حاولت إيران أمس الحفاظ على علاقاتها مع دول الخليج، خصوصًا قطر، بعد الهجوم الصاروخي الفاشل الذي شنّته طهران الإثنين على قاعدة "العديد" الجوّية في قطر، بحيث أعرب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال اتّصال هاتفي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن أسفه للهجوم، مدّعيًا أنه لم يكن يستهدف قطر وشعبها، بينما جدّد بن حمد إدانة بلاده الشديدة للهجوم باعتباره انتهاكًا صارخًا لسيادتها، معتبرًا أن "هذا الانتهاك يتنافى تمامًا مع مبدأ حسن الجوار والعلاقات الوثيقة التي تجمع البلدين، خصوصًا أن قطر كانت دائمًا من دعاة الحوار مع إيران وبذلت جهودًا دبلوماسية حثيثة في هذا السياق"، حسب الديوان الملكي القطري.
وخلال اتصال مع رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، شدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أن "قصف قاعدة العديد جاء دفاعًا عن النفس ردًّا على العدوان الأميركي على أراضي إيران وسيادتها"، زاعمًا بأن "إيران لطالما التزمت بمبدأ حسن الجوار مع قطر والدول المجاورة الأخرى". وادّعى أنه "لن نسمح لأميركا والنظام الصهيوني بإثارة الفتنة بيننا وبين إخواننا في المنطقة".
في السياق، حسم بن عبد الرحمن خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام في الدوحة أن بلاده "لن تكون رأس حربة لأيّ تصعيد"، معتبرًا أنّ ما حصل "سيترك أثره على العلاقة (مع إيران)، لكن آمل في أن يتفهّم الجميع أن العلاقات بين دول الجوار يجب ألا تنتهك". وعند سؤاله عن حقّ قطر بالردّ على الهجوم، جزم بأنه "لا نبحث عن تصعيد الموقف، بل عن حلول مستدامة عبر الدبلوماسية". وحول العلاقات مع أميركا، أجاب أنه "لا أرى أي تأثير على علاقاتنا مع أميركا، فنحن في تحالف وشراكة وطيدة منذ عقود وبرهنا أن الشراكة مفيدة لكلا البلدين وللأمن والاستقرار في المنطقة".
في هذا الإطار، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ بن حمد إثر الهجوم الإيراني على قطر أن إسرائيل وافقت على اقتراح أميركي لوقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن ترامب طلب من الدوحة المساعدة في إقناع إيران على الموافقة، وقد تمكّن بن عبد الرحمن من ذلك مساء الإثنين - الثلثاء، خلال مكالمة مع القيادة الإيرانية.
إلى ذلك، كشفت وكالة "إرنا" أن بزشكيان أبلغ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال اتصال هاتفي باستعداد طهران لحلّ الخلافات مع أميركا وفق الأطر الدولية، في وقت بحث فيه الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع بزشكيان تطوّرات الأوضاع في المنطقة في ضوء إعلان وقف النار بين إيران وإسرائيل، الذي رحّب بن زايد به، معربًا عن أمله في أن يُشكّل خطوة بنّاءة نحو ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط. وأكد أهمية توفير مقوّمات نجاحه بما يخدم مصالح دول وشعوب المنطقة، فيما شكر بزشكيان بن زايد، مشيدًا بموقف الإمارات وتضامنها مع إيران، ودورها في دعم جهود التهدئة والاستقرار.
في الغضون، أكد بزشكيان خلال اتصال هاتفي مع سلطان عُمان هيثم بن طارق أن "مؤامرات أميركا والكيان الصهيوني لن تُكلّل بالنجاح"، معربًا عن ثقته بحكمة قادة دول المنطقة. وشدّد على أن طهران لن تتراجع عن "حقوقها المشروعة"، مشيرًا إلى أن الشعب الإيراني لن ينسى دعم وتضامن الأشقاء في عُمان، خصوصًا في ما يخصّ دعم مسار التفاوض.
بالتوازي، استقبل أمير قطر وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بمناسبة زيارتهم البلاد للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوزاري لدول المجلس، معربًا عن شكره وتقديره لإخوانه قادة دول المجلس على تضامنهم ومواقفهم الداعمة لقطر وإدانتهم الشديدة للهجوم الإيراني على قاعدة "العديد" الجوية، في حين أكد وزراء خارجية المجلس تضامن بلدانهم مع الدوحة، مشيرين إلى أن أمن دول المجلس كلّ لا يتجزّأ.