مارون مارون

محور الممانعة: إنكارٌ للواقع وتحدٍّ لإرادة اللبنانيين

في كلّ مرة يلوح فيها أملٌ بعودة لبنان إلى منطق الدولة، يعمد فريق الممانعة إلى جرّه مجددًا نحو دوّامة التعطيل والخراب. بهذا السلوك الممنهج، يواصل هذا الفريق التمسّك بسلاحٍ غير شرعي، لا يخضع لأي سلطة دستورية، ولا يعترف بإرادة اللبنانيين ولا بمفهوم السيادة الوطنية، محوّلاً البلاد إلى ساحة دائمة لحروب الآخرين على أرضنا، ومُصادرًا حق اللبنانيين في حياةٍ آمنة ومستقرّة.


لقد بات واضحًا أنّ هذا السلاح الذي يدّعي "المقاومة"، هو عاجز عن مواجهة إسرائيل، وليس سوى أداة داخلية تُستخدم لتكريس معادلات سياسية بقوّة الفرض لا بقوّة الشراكة، ووسيلة لفرض أجندات إقليمية لا تمتّ بصلة لمصلحة لبنان ولا لموقعه ولا لهويته. وتزداد خطورة هذا التعنّت في ضوء المحاولات المستمرّة لتوريط لبنان في صراع المحاور، وتقديمه ورقة تفاوضية بيد إيران في مواجهتها مع المجتمع الدولي.


المفارقة المُقلقة أنّ هذا الفريق، وبعد كلّ الدمار الذي تسبّب به، يحاول الإيحاء بأنّه خرج منتصرًا من الحرب غير المتكافئة بين إيران وإسرائيل، وكأنّ لبنان كان طرفًا مباشرًا فيها، متجاهلًا أنّ البلاد تدفع وحدها الثمن الاقتصادي والديبلوماسي والسيادي لهذا الانحياز، فيما شعبها يئنّ تحت وطأة الأزمات المتراكمة.


أما اللغة التي يُعيد هذا الفريق تصديرها إلى اللبنانيين، فهي نفسها اللغة الخشبية التي عفا عنها الزمن، شعاراتٌ جوفاء لا تمتّ للواقع بصلة، تُرفع اليوم على طريق المطار، في وجه آلاف المغتربين العائدين، والسياح القادمين، في مشهدٍ يثير الاشمئزاز أكثر مما يبعث على "الإعتزاز"، ويكشف هشاشة الانتصار المُدّعى وابتعاد هذا الفريق عن نبض الشارع وكرامة الدولة وهيبتها.


إن رفع تلك اللافتات ليس فعلًا دعائيًّا بريئًا، بل رسالة قمعية تهدف إلى قولبة صورة لبنان على قياس فئة واحدة، ومحو التنوّع، وتبرير فائض القوّة تحت راية "التحرير"، في حين أنّ اللبنانيين في الداخل والخارج باتوا أكثر وعيًا بأن لا كرامة تُصان بسلاح غير شرعي، ولا سيادة تُحفظ بالإرتهان للخارج، ولا نهوض للوطن من دون دولة فعليّة، وجيش واحد، ومؤسسات تحكمها القوانين لا الشعارات.


لقد آن الأوان لهذا الفريق أن يُدرك أن زمَن الهيمنة انتهى، وأن الشعب اللبناني لم يعد يقبل بمنطق "الوصاية الجديدة"، وأن لبنان لا يمكن أن يبقى رهينة بندقيّة غير شرعية، فيما قسم كبير من أبنائه مقيّدون بالصمت أو الإضطهاد.


لبنان، الوطن والرسالة، لن يكون ساحة لحروب غيره، بل دولةً حرّة سيّدة مستقلّة، لجميع أبنائها، تُحترم فيها الإرادة الشعبية، ويُحتكم فيها إلى منطق الدولة وحده، لا إلى خطاب الوصاية والإنتصارات الوهمية، ولا إلى اللغة الخشبيّة، ولا إلى منطق الإخضاع الذي داسه اللبنانيون الأحرار تحت أقدامهم... والسلام.



رئيس دائرة الإعلام الداخلي وعضو المجلس المركزي في حزب "القوات اللبنانية"