مرة جديدة، يسقط القناع عمّا تبقّى من الشعارات الفارغة حول "وحدة اللبنانيين" و"العدالة الإنتخابيّة"، ويأتي السقوط مدوّياً هذه المرّة على يد رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي أبى أن يدرج على جدول أعمال جلسة مجلس النواب في 30 حزيران بند حق المغتربين اللبنانيين في انتخاب 128 نائبًا أسوة بإخوانهم المقيمين. تجاهلٌ مُريب، مقصود، ومكشوف النوايا، لا يمكن تفسيره إلا باعتباره محاولة قمع سياسي موصوفة.
فكيف يمكن لرئيس المجلس، حامي الدستور نظرياً، أن يُقصي أكثر من مليون لبناني مُغترب من حقّهم البديهي في التمثيل الكامل؟ كيف يُستساغ أن تُحصر حريتهم بانتخاب ستة نواب فقط، وكأنهم مواطنون من درجة ثانية؟! أليس في ذلك تكريسٌ لنهج التمييز والفرز والوصاية؟! أليس في هذا القرار ضربٌ صارخ لمبدأ المساواة وحق المشاركة السياسيّة الذي يكفله الدستور اللبناني نفسه؟
ما فعله برّي، وما امتنعت عنه هيئته، لم يسقط سهواً، بل هو امتداد مباشر لممارسات ثنائية المنظومة التي ضاقت بلبنان، فخنقت أبناءه، وها هي اليوم تُلاحقهم حتى في اغترابهم، لتمنعهم من قول كلمتهم الحرّة. هو قهرٌ متمادٍ، يُضاف إلى قهر الهجرة، وهو ظلمٌ مقصودٌ بحق اللبناني الذي دفع ثمن فشل المنظومة باهظاً، ثم يُكافَأ اليوم بتضييقٍ إضافي، فقط لأنه قرّر أن يصوّت خارج قبضة الثنائي.
لكن، في زمن التخاذل، هناك مَن لا يزال يرفع الصوت، ويُحمل السلاح الديموقراطي دفاعاً عن كرامة اللبنانيين. إن "القوّات اللبنانيّة"، كانت وستبقى رأس الحربة في معركة تعديل المادة المتعلّقة بتمثيل المغتربين، إحقاقًا للحق، ورفعًا للظلم، ومساواةً بين كافة اللبنانيين، لا فرق بين مقيم ومنتشر، ولا امتياز لمَن يرضى بالإذعان على مَن اختار المواجهة.
القوات لا تُهادن في السيادة، ولا تُساوم على الحقوق. وفي هذا الملف تحديداً، وضعت نصب عينيها استعادة العدالة الكاملة للمغتربين، وهم الذين ما بَخلوا على وطنهم يوماً لا بعرقهم، ولا بتعبهم، ولا بولائهم. فهل يُعقل أن يكون الشُكر هو تقييد مشاركتهم السياسيّة؟
السؤال الجوهري اليوم موجّه إلى كل مَن لا يزال صامتًا: هل نقبل ببرلمان يشرّع التمييز؟ هل نقبل بأن يُختصر صوت الإنتشار بستة مقاعد هامشية، تُفرَض عليه كأمر واقع؟ كلا. لن نقبل.
المغترب اللبناني ليس فائضًا انتخابيًا. إنه طاقة هائلة، وقيمة وطنيّة، وركن من أركان الكيان. ومَن لا يعترف بحقه الكامل في المشاركة، لا يعترف بلبنان التعددي الحُر، ولا بالدستور، ولا بالديموقراطية. وعلى مَن لا يحترم هذه المبادئ أن يرحل... لا أن يبقى جاثماً على صدر الجمهورية والوطن والدولة... والسلام
رئيس دائرة الإعلام الداخلي وعضو المجلس المركزي في حزب "القوات اللبنانية"