لم يمر مرور الكرام قول وزير الداخلية محمد فهمي، تعليقاً على توقف خدمة الدليفيري يوم الأحد، إذ قال: "خلّي النسوان يطبخوا". واعتبر البعض أنّ في تعبير فهمي نمطيّة غير مستحبّة في التفكير، وتكريساً لمفهوم الذكورية.
وشنّ بعض اللبنانيين حملة تعليقات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي ردّاً على ما قاله.
وكانت الحكومة حظّرت التجول في لبنان في إطار مواجهة جائحة كوفيد - 19. ودخل لبنان السبت مرحلة ثانية من الإقفال تستمر أسبوعين سعياً إلى احتواء تفشّي فيروس كورونا المستجد، بعدما تجاوزت الإصابات عتبة المئة ألف، ولم تعد أقسام العناية الفائقة في المستشفيات تتسع لمزيد من المرضى.
وظهر وزير الداخلية في مقابلة تلفزيونية عشية الإقفال، وعندما سألته الصحافية التي كانت تحاوره ماذا يُفترض باللبنانيين أن يفعلوا الأحد في ظل منع تجول عاملي خدمة توصيل الوجبات من المطاعم والسلع من متاجر السوبرماركت، وهي خدمات منتشرة على نطاق واسع ويتّكل عليها اللبنانيون، ما كان منه إلا أن أجاب "يطبخوا شوي النسوان" (فلتطبخ النساء قليلاً). وردّت نساء مصدومات على وسائل التواصل الاجتماعي بانتقاد تعليق الوزير، ورأين فيه تحيزاً جنسياً، وتعهّدن أنهن لن يطهين في يوم العطلة الأسبوعية من خلال وسم #الاحد_مش_طابخة (لن أطبخ الأحد).
وعبر "تويتر"، كتبت الأستاذة المساعدة كارمن جحا: "#التحيز الجنسي يؤدي إلى قمع عميق الجذور وتمييز ضـدنا نحن النساء، والزعماء في البلد يدعمون بشكل مخزٍ عدم المســـاواة". وأضافت "سـأطبخ بكل سـرور يوم يتم فرز النفايات وتدويرها".
وأشارت الإعلامية لاريسا عون الى "أنني مقاطعة الطبخ طيلة فترة الاقفال #الاحد_مش_طابخة ولا الإثنين ولا الثلثاء ولا الأربعاء".
أما الصحافية دلال معوض فرأت أن كلام الوزير الذي ينطوي على "ذكورية" يشكّل "عينة عن مستوى الخطاب والوعي بين السياسيين في البلد".
ونشرت لوري هايتيان صوراً لها وهي تقوم بإعداد الطعام أرفقتها بتعليق قالت فيه: "بلشنا الطبخ من اليوم تنلحق نطعمي العيلة نهار الاحد... #الاحد_مش_طابخة يا وزيرنا".
وانضمّ عدد من الرجال اللبنانيين إلى الحملة على موقف الوزير بنشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لأنفسهم يقطعون الخضر أو يحركون أوعية الطهو على النار، في إطار ما سمّيَ #تحدي_فهمي، ويتمثل في أن يطبخ الرجال. وأشار الشيف روني صافي في حديث لـ"نداء الوطن" الى "أننا تعلّمنا أصول الطبخ من أمهاتنا وجدّاتنا، إذ اكتسبنا مهاراتنا الأوليّة بفضلهنّ"، منادياً بالمساواة بين النساء والرجال.
وشدّد صافي على أنّ "النساء لم يعد مكانهنّ في المطبخ فقط كما كانت الحال قديماً، فهنّ اليوم رائدات وقائدات وقادرات على إحداث التغيير أينما حللن".
وكتب رجل مطلّق يتولى تربية ولديه، فوق صورة له نشرها في صفحته على "فيسبوك" وهو يقدّم إليهما الطعام "أعتذر من حضرتك معالي الوزير لأنني اليوم طبخت لولديّ".
وأضاف "أعتذر لأن أمهما طبيبة مثلي ورئيسة قسم في فرنسا وأنا وولدي فخوران جداً بها".
وقال طلال نظام الدين، الوالد والزوج: "قمتُ بإعداد طبــق شهي يوم الأحد" أرفقه بعبــــارة: "#الاحد_مش_طابخة".
وعلّق الصحــــــافي والكاتب أليكس رويل على "تويتر" ناشراً صوراً لمناقيش زعتر في الفرن وعلّق عليها متهكّماً: "بليز ما حدا يخبروا لمعاليه أني فتت عالمطبخ من شوي لنطبخ أنا ومرتي مع بعض، أحسن ما ناكل زبط لمخالفة شروط الإقفال".
وفضلاً عن أزمة "كورونا"، يعاني لبنان أيضاً آثار انفجار مدمّر شهده مرفأ بيروت في آب الفائت أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص، إضافة إلى كونه يشهد أصلاً أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى تحركات احتجاجية واسعة في خريف العام الفائت استهدفت سياسيين يعتبرهم المحتجون غير كفوئين.
وكتب رجل آخر على "فيسبوك" بالإنكليزية "المساواة بين الجنسين يا سيد فهمي، هل سبق أن سمعت بها؟ أم أنك منهمك جداً بإفلاس البلد مع زمرة أصدقائك؟".
ونشر رجل ثالث مقطع فيديو أرفقه بلحن فيلم "ميشن إمبوسيبل" (مهمة مستحيلة)، يدعو فيه الرجال الآخرين إلى أن يحذوا حذوه في الطهو، وختمه بعبارة "الرجال...يغسلون الأطباق أيضاً".
وامتنعت ناشطات في مجال حقوق الإنسان عن التعليق على هذا الموضوع في حديث لـ"نداء الوطن"، إذ اعتبرن أنّه "يجب تحييدهن عن هذه الخبصة".
