أسامة القادري

البقاعيون بين محاضر المخالفات وشجاعة التجّار: إرحمونا

24 تشرين الثاني 2020

02 : 00

أصحاب المهن الحرّة ممتعضون من إجراءات الإقفال

ربّما لا تجد بقاعياً الا ويؤكّد فشل حكومة حسّان دياب في تطبيق القرارات الواحد تلو الآخر، حيث اثبتت طيلة مرحلة مواجهة "كورونا" نجاحها في الاستقواء على المواطن، ليأتي التشدّد خدمة للتجار. فبدلاً من أن يساهم قرار الإقفال في الحدّ من انتشار فيروس "كورونا"، اذ به يفتح الأبواب لتفشّي فيروس الجشع وابتزاز اللبنانيين وارتفاع الأسعار وتهريب المواد المدعومة.

فمقابل تركيز الاجهزة الأمنية على مخالفات مواطنين في البقاع، همّهم كيف يؤمّنون لقمة عيش اولادهم، إن في المهن الحرة، او عند عودتهم من العمل وقت التعبئة، برز تراخيها بشكل مفضوح في مواجهة مخالفات التجّار واستغلالهم اي فرصة لرفع الأسعار الى حدود غير مسبوقة، لا سيما اسعار المواد الغذائية والخضار والفواكه، عدا عن الاكتظاظ وعدم مراعاة الاجراءات الوقائية، وعلى عينك يا حكومة ومن دون ان تحرك ساكناً، لترتفع الأسعار الى سعر صرف الدولار 9 آلاف ليرة، واخفاء مواد مطلوبة عن الرفوف، وفي الحالتين، لا تزال المواد المفترض انها مدعومة مفقودة من الاسواق البقاعية. حتى سعر كيلو البندورة المفترض انها من سهل البقاع وصل الى 7 آلاف ليرة، وكذلك الخيار والكوسا والخس والملفوف، وغيرها من المنتجات. كل ذلك يؤكد غياب الرقابة والمحاسبة لحماية المواطن.

بعد مرور أسبوع على تنفيذ قرار الإقفال، بدا المشهد العام لتطبيقه عراضة امنية بكل ما للكلمة من معنى، كون المستهدف الرئيسي هو المواطن، من خلال حواجز ظرفية وثابتة في العديد من الاماكن والمفترقات عند النقاط الرئيسية في شتورا وزحلة والبقاع الغربي وعلى طريق دمشق الدولية، لتسطير مخالفات بحقّ مخالفين، منهم لعدم ارتدائهم الكمّامة، ومنهم لخروجهم والعودة من عملهم في وقت متأخّر.

وما حصل مع دهّان السيارات طارق في ورشته الصغيرة في تعلبايا، يؤكّد مدى عشوائية القرارات واستنسابية التنفيذ، بعدما سطّرت القوى الامنية في حقّه مخالفة بقيمة 5 ملايين ليرة، لفتحه المحل ورش "طبونة" سيارة "ليتقاضى اجرة 50 الف ليرة"، فاذا بعناصر الدورية تضبطه بمبلغ يفوق ثمن عدّته.

كثيرة هي النماذج التي تشبه طارق الدهان وغيره "الحداد" و"الميكانيكي" و"الكهربجي"، و"النجار" الخ.. بالرغم من أن مهنهم لا تسبّب ازدحاماً ولا تتسبّب في انتشار "كورونا"، بل تشكّل مورد رزق يومياً لهم.

"الدولة نازلي فينا ذبح بالضبوطا والتجّار نتفونا"، عبارة ردّدها عصام حيدر، وهو مواطن يعمل مياوماً في إحدى المؤسّسات التجارية في شتورا براتب يومي 35 الف ليرة، فكيف يمكنه أن يعيش وعائلته طيلة فترة الاقفال، في حال حجر نفسه في البيت؟ وقال حيدر: "حجرنا انفسنا في السابق وكدنا نموت من العوز، هل يمكن ان يجيبني احد كيف يمكن ان تعيش عائلة من اربعة أفراد بـ 35 الف ليرة يومياً؟".

بدوره، اعتبر المدرّس في القطاع الرسمي سميح ان قرار التعبئة العامة هو الباب الذي يقوّي التجّار على المواطنين ما لم يكن هناك دوريات لضبط رفع الاسعار. ليكن

قرار بالاقفال الكامل من دون استثناءات، بما فيها المؤسسات المعنية ببيع المواد الغذائية، لان استثناءها يعطيها دافعاً لرفع الاسعار بحجة زيادة الطلب. وسأل: "بأي منطق يصل كيلو البندورة الى 8 آلاف ليرة في مصدره، وكيلو السكر الى 5 آلاف ليرة، عدا عن باقي المواد، ورواتبنا لا تصل الى ثلاثمئة دولار، من يفسّر لنا كيف يمكن أن نعيش؟".

واوضح رئيس لجنة الاقتصاد في غرفة تجارة وصناعة وزراعة زحلة والبقاع طوني طعمة لـ"نداء الوطن" ان قرارات كهذه تحتاج الى تحفيز ورش وزارة الاقتصاد لضبط الاسعار في كل القطاعات، ولا يمكن اتخاذ قرارات بالاقفال التام من دون آلية لمواكبة ما يجري في المؤسسات التجارية والسوبرماركت. كان حرياً بوزارة الاقتصاد ان تتواصل مع غرف التجارة والصناعة في المناطق للتعاون على تأمين فرق لضبط الاسعار، نحن في زحلة والبقاع مستعدون لتأمين فرق بهذا الخصوص". واكد ان "القطاعات الاقتصادية ايدت مسبقاً دعمها لقرار الاقفال التام ولمدّة محدّدة من اجل مكافحة الوباء، ولكن ما تم اقراره أخيراً فاجأنا كجهات معنية في اعتبار ان الاقفال الحاصل حالياً يصنّف بالاقفال الجزئي، اذ تم استثناء قطاعات عدة، علماً اننا كمواطنين ندفع ثمن تقاعس الدولة عن دفع مستحقات المستشفيات، تلك المستحقات الكفيلة بمساعدتها على تأمين كل التجهيزات اللازمة لمواجهة تداعيات "كورونا.

وسأل: "هل فترة سنة لم تكن كافية امام الجهات المعنية لاتمام كل التجهيزات اللازمة؟". وتابع: "القرار اتّخذ ولا يصنّف اطلاقاً بالاقفال العلمي، فالعديد من القطاعات تم استثناؤها، ولم يستثن للاسف اصحاب المهن الحرة الصغيرة (لا سيما اصحاب كاراجات تصليح السيارات) تلك المهن التي ستتأثر كثيراً بالإقفال الحاصل حالياً. واذا اردنا التشبّه بالدول الأوروبية بعملية الاقفال علينا ان نؤمّن للمواطن ما أمّنته هذه الدول للتعويض ومواجهة تداعيات الإقفال، ففرنسا تكبّدت ما لا يقل عن 5 مليارات دولار في اثناء الإقفال للتعويض ومواجهة هذه التداعيات".


MISS 3