رمزي أبي اللمع

الاستقلال في النّفوس قبل النّصوص

22 تشرين الثاني 2020

00 : 00

لا أدري لماذا نحتفل بعيد الاستقلال ونحن شعب لم نختبره يومًا، بل لم نُرِد أن نختبره.

فكلّما لعبت الأمم الكبرى أدوارها في منطقتنا اللامحظوظة، نرى فريقًا من اللبنانيين ينسى استقلاله و يمضي قُدُمًا باستغلال مصلحته الشخصيّة والطائفيّة.

بماذا نحتفل وبأيّ استقلال؟

أباستقلالنا من الانتداب الفرنسّي الذي ما زالت بصماته موجودة في دستورنا ومؤسّساتنا وبثقافة بعض اللبنانيين؟

بماذا نحتفل؟

بمن أسقط الدولة وفككها بسبب سعيه إلى تحرير القدس من جونية، محملا لبنان أكثر من طاقته على الاحتمال..

بماذا نحتفل وعن أيّ استقلال نتحدّث؟

أعن نظام أسديّ دخل وطننا عُنوةً عنّا، وسيطر على وطننا ودولتنا وشعبنا وحكّامنا، وترك خلفه فساداً وإجراماً في قسم كبير من اللبنانيين؟

كيف نحتفل بالاستقلال؟

أمِنَ الإسرائيلّي الذي حاول مدّ سيطرته على أرضنا؟

أنحتفل بالاستقلال من نصف نظام إيراني-لبناني مُتحكِّم بدولتنا وبجزء من شعبنا؟

بماذا نحتفل وبأيّ استقلال؟

بالاستقلال على مدى السّنين الأخيرة التي جعلت من شعبنا عدّة فئات يتناتش بعضها البعض الآخر ولا يجمعها أيّ شيء، حتّى العلم اللبناني ما عاد الرّمز الوحيد لها؟

فكلّ فريق بات ينظر إلى العلم اللبناني بشكل مختلف.

منهم من يفكِّر ويراهن على استبدال الأرزة بالسّجاد الإيراني أو برأس أسد أو بكوفيّة.

أمًا المضحك المُبكي في هذا كلّه، أنّنا ما زلنا نحتفل بعيد الاستقلال في كلّ عام.

فنقوم باستعراض عسكريّ، لعسكر لم تُعطِه السّلطة السّياسيّة قرار الدّفاع عن أرض الوطن في الكثير من المراحل، وبسلاح مستعمل استحصلنا عليه من خلال هبات دول حكمتنا وتحكمنا بشكل أو بآخر.

من هنا، لا أرى ضرورة الاحتفال بعيد الاستقلال، طالما هو استقلال باقٍ في النّصوص فقط.

فلا الدولة مستقلّة كما يجب أن تكون، وهناك عدد من اللبنانيين ينفّذون أجنداتٍ خارجيّة، بالإضافة الى عدد آخر يزحف مُرتهنًا لدولة قتلت شعبها بالكيماوي.

هناك ضرورة مُلحّة أن يُصار الى شرح مفهوم الاستقلال وكيفيّة تطبيقه والمحافظة عليه، قبل الاحتفال به.

يجب اعتماد كتاب التّاريخ الصّحيح وبدون مواربة، وإدخاله في مناهج التّعليم المدرسيّ والجامعيّ.

كي نفهم التّاريخ وجب علينا أن نفهم الجغرافيا.

وكي نحافظ على التّاريخ و الجغرافيا، لا بدّ أن يتبنّى بعض اللبنانيين الوطنيّة الصّحيحة، وأن نكون قدوةً لأجيالنا المستقبليّة بعيدًا عن الطائفيّة والزبائنيّة، وبعيدًا عن هذه الطّبقة السياسيّة التي تحكمنا منذ عقود، حيث لم نرَ منها سوى الارتهان للخارج.

في الختام، عندما تترسّخ الوطنيّة في النّفوس قبل النّصوص، نستطيع الوصول الى بناء وطن يكون شعبه وحكّامه أقوياء ينتمون فقط الى وطنهم وكيانهم.

عندها فقط نصبح قادرين أن نحتفل بعيد الاستقلال.