جاد حداد

Designated Survivor... كيفر ساذرلاند نجمه الأوحد

28 تشرين الثاني 2020

02 : 00

كل ما يجب أن تعرفه عن مسلسل Designated Survivor (الناجي المعيّن) هو أنك مضطر لمشاهدة الحلقة الثانية قبل إطلاق الأحكام عليه! المسلسل من بطولة كيفر ساذرلاند بدور "توم كيركمان"، عضو ثانوي في الحكومة الأميركية يتحول فجأةً إلى رئيس الولايات المتحدة. يصعب أن يقيّم المشاهدون إيجابيات وسلبيات العمل استناداً إلى الحلقة الأولى لأنهم لن يفهموا الرسائل التي يحاول توجيهها في هذه المرحلة. قد لا يكون هذا الوضع عذراً كافياً لإنقاذ أي عمل في الحالات العادية، لكن يحتاج هذا المسلسل إلى بذل جهود كبرى لاحقاً لتحقيق هدفه، وهو ينجح بذلك نسبياً.

يبرع ساذرلاند في تجسيد تعقيدات هذا الدور المُركّب الذي يجعله يمرّ بمواقف عاطفية كثيرة خلال 40 دقيقة فقط. وينجح المسلسل عموماً في إقامة التوازن المطلوب بين المواقف الغريبة والمتلاحقة التي تواجهها شخصيته من جهة وتطوير الحبكة والشخصيات الأخرى التي تضمن احتدام الأحداث من جهة أخرى. هذا الجانب من العمل ليس مثالياً، ومع ذلك تتماشى الفوضى التي تطغى على القصة مع الجو العام بما يكفي لدرجة أن يتلاشى أثرها.

لكنّ الإيقاع المتسارع الذي تفرضه الأحداث على المشاهدين كي يفهموا جوانب أكثر تعقيداً من القصة بدل الكشف عن الحقائق بطريقة سلسة يُفرّغ السيناريو من مضمونه في حالات كثيرة.

تكشف شخصية زوجة "توم"، "أليكس" (ناتاشا ماكيلهون)، سريعاً أن علاقتها الزوجية بعيدة عن المثالية وتجسّد في مواقفها رؤية "نسوية" معينة في أحد المشاهد، فتُعطى حوالى 30 ثانية لمطالبة زوجها بالتخلص من قناعاته لأنها لا تريد الانتقال من منزلها. يسلّط المسلسل الضوء على هذه النقطة بطريقة غريبة استناداً إلى طريقة بناء شخصيتها، وتحديداً حين تتجادل مع "توم" لأنه مضطر لتولي منصب الرئاسة.





على صعيد آخر، يضطر الجنرال "توم" المؤيد لاستعمال القوة للتعامل مع مسائل مبتذلة واعتيادية بعد وقتٍ قصير لدرجة أن نتوقع من شخصيته أن تخرج من الدور وتضحك على المواقف التي يتعرض لها الرئيس الجديد.

يستمر هذا التخبط في المراحل اللاحقة من القصة. "ماغي كيو" عميلة في مكتب التحقيقات الفدرالي، وهي تتوق إلى إجراء تحقيق حول موقع قنبلة وتعبّر عن رغبتها هذه باستعمال عبارات لا يمكن أن يتصورها أحد في موقف مماثل. "كال بين" كاتب خطابات يلتقي بالرئيس في ظروف غريبة لكنه لا يعتبر خيار تنحّي "توم" غير منطقي.

لا تحصل أي شخصية على مساحة كافية لكن تكثر المهام الموكلة إلى كل شخصية في الوقت نفسه. خلال مداهمة سريعة لمستودع سرّي وجولات التحليلات المكثفة التي تهدف إلى جمع معلومات إضافية والتعامل معها بالشكل المناسب، لا يُعقَل أن يهتم المشاهدون بلائحة مهام الزوجة التي تظهر بين المشاهد من وقتٍ لآخر ولا بلقطة الجنرال وهو يفتل شاربه. الجو العام جامح وصاخب بدرجة مفرطة لكن ينجح ساذرلاند تحديداً في إنقاذ العمل بأدائه. بدءاً من طريقة استعماله لنظاراته ورضوخه للمعمعة المحيطة به رغم توتره الواضح، وصولاً إلى ثقته بقدراته ولو بدرجة معتدلة حين يقوم بمهامه، يبدو "توم" شخصية غنية ومقنعة على عكس جميع الشخصيات الأخرى. سرعان ما يتّضح أن أداءه كافٍ لإقناعنا بأن الأشخاص من حوله سيبلغون مستواه في مرحلة معينة.

رغم هذه التقلبات كلها، يستحق المسلسل العناء لأن القصة تشمل ما يكفي من الزوايا القابلة للتطوير ويمكن التحايل على الأفكار بذكاء. قد نشعر في لحظات كثيرة بأن القصة كانت لتصبح أكثر منطقية لو اقتصر العمل على فيلم، لكن يكشف المسلسل جوانب كافية تباعاً لإقناعنا بأن ساذرلاند تحوّل إلى شخصية مختلفة ولا يكفّ عن مواجهة المشاكل.

لا بأس باعتبار بداية المسلسل رديئة لدرجة ألا نفكر بمتابعته، حتى أن كل من يبدأ بمشاهدته وهو لا يحمل توقعات كبرى سيرصد الأخطاء والإخفاقات بسهولة. مع ذلك، يستحق المسلسل الإشادة بدرجة معينة لأن جميع جوانبه الأخرى تشكّل جزءاً من الصورة العامة التي يحاول العمل تقديمها. سرعان ما يضطر المسلسل لتغيير وجهته بالكامل حين يبدأ بالكشف عن تفاصيل الشخصيات الأخرى. تكثر العوامل التي تجعلنا نتوقع هذه التحولات منذ مرحلة مبكرة، لكن يكتسب العمل على مر مواسمه زخماً إضافياً حين ينجح المسلسل أخيراً في الوثوق بقدراته.


MISS 3