روي أبو زيد

مهرجان

بيروت ترنّم الأمل على أنقاض الألم

2 كانون الأول 2020

02 : 00

الموسيقار عبد الرحمن الباشا مفتتحاً المهرجان (رمزي الحاج)

هي بيروت التي تأبى أن يختنق صوتها بسبب غبار الردم جرّاء انفجار مرفئها أو مونوكسيد الكاربون المنبعث من الحرائق التي طالته في ما بعد. فعاشق الحياة لا يمكن للموت أن ينال منه... وبيروت ليست عاشقة حياة فحسب، بل هي منبع لها منذ قرون وستبقى كذلك بالرغم من المصائب والطامات المحيطة بها.

بيروت ترنّم! نعم، وبصوت جهوريّ، رائع، مُتقن، مفاتيحه الموسيقية مُحكّمة بإتقان ممزوجة بلغة أمل وحب وإيمان وفرح.

كم أنت عظيمة يا بيروت، يا عاصمة الفن والثقافة وها أنك تستضيفين على أرضك المتصدّعة الدورة الثالثة عشرة لمهرجان ثابت، يضارعك عزماً وإصراراً: بيروت ترنّم!

ويقام مهرجان "بيروت ترنم "سنوياً في 12 كنيسة في وسط العاصمة اللبنانية كلها ألحق بها الانفجار أضراراً كبيرة.





وتشير مؤسسة المهرجان ميشلين أبي سمرا الى أنّ "الجهد موجود لإعادة هذه الاماكن كما كانت في السابق، خصوصاً وأنها مرتبطة بإرث ثقافي وتاريخي مهم جداً".

أبى مدير المهرجان الأب توفيق معتوق مع أبي سمرا أن يمرّ كانون الأول من دون زرع الأمل في ألم بيروت، فقرّرا الاستمرار بالترانيم ليستضيفا هذا العام أيضاً اهم الفنانين في العاصمة بيروت...

كنائس حزينة متضرّرة منذ الانفجار ومغلقة منذ انتشار كوفيد-19 ستستعيد تألقها وفرحتها باستقبال كلّ لبناني ما زال متأمّلاً في نهضة بلاده.

افتتح الموسيقار عبد الرحمن الباشا المهرجان عند الثامنة من مساء أمس في كنيسة القديس يوسف في مونو، حيث أبدع وعزف الى جانب فرقة أوركسترالية ثماني معزوفات للموسيقي العالمي شوبان.





وتستضيف الكنيسة عينها مساء غد جوقات الجامعات الأنطونية وسيدة اللويزة، والأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية برفقة الابوين خليل رحمة وتوفيق معتوق لتقديم أجمل قطع موزار الموسيقية، تحيّة لأرواح الشهداء والجرحى والمتضررين جراء انفجار بيروت.

وستكون أسواق بيروت على موعد مع الموسيقي ابراهيم المعلوف عند السادسة من مساء الرابع من كانون الاول، ومع التينور باولو بوليلو وعازف البيانو نيكولا شوفورو عند الثامنة من مساء اليوم ذاته في كنيسة مار مارون- الجميزة.

وستستضيف الكنيسة عينها أمسية ميلادية عند الثامنة من مساء الخامس من كانون الأول، وعازف التشيلو هنري دوماركيت في السابع منه وغادة شبير في الثامن من هذا الشهر عند الثامنة مساءً كذلك.





ويستمر المهرجان مع أمسيات أوبرالية وموسيقية تمرّ بمحطات مهمة، أبرزها مع جاهدة وهبة عند الثامنة مساء في 16 الجاري من كنيسة مار مارون، ترانيم ميلادية في أسواق بيروت عند السابعة من مساء 18 كانون. أما الفنانة عبير نعمة فسيصدح صوتها ثانية بعد الانفجار مساء 19 كانون الأول في كنيسة مار مارون.

وكانت نعمة وجّهت تحية "لبيروت المتألمة ولأهلها الصامدين"، عبر تقديم أمسية موسيقية مساء الثامن من أيلول الفائت برفقة جوقة الجامعة الأنطونية وموسيقيين معروفين كمارك بو نعوم على البيانو، نادين روحانا على الأكورديون وماريو الراعي على الفيولون، كتحية لكل من تأذّى جراء الانفجار.

"إنه أمر صعب للغاية. أنا مخنوقة"، قالت لنا نعمة حينها. وأضافت: "صعب عليّ أن أغني لكنه الأمر الوحيد الذي أجيده".

وأشارت الى أننا "بالموسيقى سنرفع صوتنا مع أهالي بيروت ومع كل لبنان"، مشددة على أننا بحاجة للصلاة، ولبناء الجسور، والإيمان والمحبة والتعاضد.

وتعتبر نعمة بأننا نعيش مأساةً كبيرة لعلنا نتخطاها بالموسيقى التي تعطي أملاً، خصوصاً أنها اللغة الوحيدة التي تربط العالم أجمع"، مؤكدة أنّ "الوجع يوحّد أما السياسة فتفرّق".





ويعزف غي مانوكيان بيروت في شوارعها مساء 20 الجاري، وتغنّي فاديا طنب وعائلتها لبنان الثقافي في اليوم التالي من كنيسة مار مارون. ولن يمرّ المهرجان مرور الكرام من دون تحيّة إجلال وتقدير للشعب الأرمني الذي ما زال متمسّكاً بأرضه وهويته، خصوصاً جرّاء الأحداث الأخيرة الحاصلة في إقليم أرتساخ.

وتستضيف كنيسة القديس نيشان قرب السراي الحكومي عند الثامنة مساء من 22 الحالي مجموعة من الموسيقيين الذين يترجمون بأناملهم وجع أرمينيا.

أما مسك ختام "بيروت ترنم" فستكون مع الموسيقار السويسري Xavier de Maistre في كنيسة مار مارون عند الثامنة من مساء 23 كانون الأول الحالي.

من جهتها، تشير أبي سمرا الى أن هذه الأمسية هي بمثابة "تحية لكل الأبرياء الذين سقطوا في انفجار مرفأ بيروت وعزاء لأهلهم وللناس الذين خسروا بيوتهم".

وتعلّق: "ترددنا كثيراً قبل الاقدام على هذه الخطوة المتواضعة احتراماً منا للمفقودين تحت الانقاض ولدم الضحايا الأبرياء وأهل بيروت ووجع كل واحد منا. أردنا أن نصلي معاً من أجلهم جميعاً وأن تكون الصلاة والموسيقى نقطة رجاء وأمل في بلد يطغى عليه السواد والدمار".





ورأت أبي سمرا أنّ هذا النشاط ليس أمسية فرح، مضيفة بأنّ "ورشة ترميم المنازل بدأت من حولنا لكننا نحتاج الى ترميم القلوب الموجوعة. فاللبنانيون في الداخل وفي كل انحاء العالم يشعرون بالالم نفسه. وبفضل الصلاة والمهرجانات الفنية نقدّم اليوم رسالة أمل". وتختم قائلة: "من قلب العاصمة المدمّرة أردنا ايصال صوت بيروت الحقيقي صوت بيروت الثقافة والتلاقي والمحبة والسلام".

وإذ أصرّت على "إبقاء هذه الصورة الإيجابية التي ترافق بلدنا مهما بلغت مآسيه"، اعتبرت أبي سمرا أنه "إذا فقد لبنان مركزه وهويته في هذا الإطار، يصبح من الصعب استعادتهما، خصوصاً وأنّ الثقافة غير مقدّرة في لبنان كما يجب أن تكون".

يشار الى أنّ البطاقات لحضور المهرجان مجانية ويمكن حجزها عبر موقــــع www.ticketingboxoffice.com.

لمزيد من المعلومات يرجى زيارة موقع المهرجان https://www.beirutchants.com


MISS 3