جاد حداد

زيدي حركتك ولا تُطيلي الجلوس

3 كانون الأول 2020

02 : 00

تكشف دراستان عن نساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث أن قلة الحركة تزيد من احتمال الإصابة بقصور القلب وأن المشي يُخفّض مخاطر ارتفاع ضغط الدم. تشكّل هذه الأبحاث الجديدة حافزاً لكل شخص يمضي وقتاً إضافياً في المنزل اليوم بسبب تفشي فيروس كورونا، كي يكثّف نشاط المشي ويتجنب الجلوس لوقتٍ طويل أمام شاشات الكمبيوتر أو التلفزيون.

أشرف باحثون من جامعة "بوفالو" في نيويورك على الدراستَين ولاحظوا تراجع مخاطر ارتفاع ضغط الدم وقصور القلب لدى النساء بعد انقطاع الطمث، بفضل نشاط المشي السريع وتراجع مدة الجلوس أو الاستلقاء في ساعات اليقظة.

يوضح الدكتور جان واكتاوكسي ويندي، عميد كلية الصحة العامة والمهن الصحية في جامعة "بوفالو" وأحد المشرفين على الدراستين: "المشي والتحرك نشاطان بسيطان ويمكن إضافتهما بسهولة إلى حياتنا اليومية".

ارتكزت الأبحاث على بيانات نساء شاركن في "مبادرة صحة المرأة" على مر سنوات عدة. تراوحت أعمار المشارِكات بين 50 و79 عاماً في بداية الدراستَين.

تكشف النتائج التي توصّل إليها العلماء أن تكثيف المشي وزيادة الحركة قد ينعكسان إيجاباً على صحة القلب والأوعية الدموية، بغض النظر عن مستويات النشاط الجسدي الإجمالية.

في هذا السياق يوصي الدكتور مايكل لامونتي، باحث في علم الأوبئة في كلية الصحة العامة والمهن الصحية، بما يلي: "حاولوا تخفيض مدة جلوسكم ومارسوا المشي في مناسبات إضافية للحفاظ على صحة قلبكم".

كان لامونتي المشرف الرئيس على التقرير الذي يربط بين المشي وتراجع مخاطر ارتفاع ضغط الدم، والمشرف الأول على التقرير الذي رصد رابطاً بين قلة الحركة وزيادة مخاطر قصور القلب.

بين المشي وارتفاع ضغط الدم

في البحث المرتبط بنشاط المشي، راقب العلماء 83435 امرأة ما كنّ مصابات بارتفاع ضغط الدم أو قصور القلب أو مرض القلب التاجي أو الجلطات الدماغية في بداية الدراسة. ذكرت جميع المشارِكات أنهن يستطعن قطع حي واحد على الأقل سيراً على الأقدام من دون مساعدة.

خلال فترة المتابعة التي امتدت على 11 سنة، أصيبت 38230 امرأة بارتفاع ضغط الدم.

وبعد أخذ جميع العوامل المؤثرة بالاعتبار، بما في ذلك أنواع أخرى من النشاطات الجسدية، لوحظ أن المجموعة التي مارست المشي لأطول فترة كانت أقل عرضة من غيرها للإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 11%. كذلك، تراجع هذا الخطر بنسبة 21% في المجموعة التي مارست المشي بأسرع إيقاع ممكن مقارنةً بأبطأ إيقاع.

ورغم تعديل النتائج بعد احتساب المدة التي تخصصها كل امرأة للمشي والمسافة التي تقطعها، برز رابط بين سرعة المشي عند قطع ميلَين على الأقل في الساعة وتراجع مخاطر ارتفاع ضغط الدم.

تستنتج هذه الدراسة إذاً أن سرعة المشي تؤثر على احتمال ارتفاع الضغط أكثر من المسافة الإجمالية أو مدة النشاط.

يقول كونور ميلر، وهو الباحث الأساسي الذي أجرى هذه الدراسة حين كان طالب ماجستير في جامعة "بوفالو": "بكل بساطة، ننصحك باستجماع قوتك ومحاولة تسريع خطواتك! تُضاف نتائج بحثنا إلى أدلة متزايدة مفادها أننا لا نحتاج لنكون مولعين بالهرولة أو ركوب الدراجة الهوائية لحصد منافع صحية من النشاطات الجسدية". أصبح ميلر اليوم عالِم أوبئة في مركز "روزويل بارك" الشامل للسرطان.

نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة "ارتفاع ضغط الدم".

بين قلة الحركة وقصور القلب

في الدراسة المرتبطة بقلة الحركة، راقب العلماء 80982 امرأة ما كنّ مصابات بقصور القلب في بداية الدراسة ويستطعن قطع حي واحد على الأقل سيراً على الأقدام من دون مساعدة.

ملأت المشارِكات استبيانات متكررة فيها أسئلة حول مدة الجلوس أو الاستلقاء في ساعات اليقظة.

خلال فترة المتابعة التي دامت 9 سنوات، بلغت حالات دخول المستشفى بسبب قصور القلب 1402. أخذ الباحثون بالاعتبار مجموعة واسعة من العوامل المؤثرة الأخرى في تحليلهم، منها العمر، والانتماء العرقي أو الإثني، وعادة التدخين، وشرب الكحول، وتلقي العلاج بالهرمونات البديلة.

مقارنةً بالمجموعة التي كانت تجلس لأكثر من أربع ساعات ونصف يومياً، ارتبط الجلوس بين 4.6 و8.5 ساعات بزيادة خطر الإصابة بقصور القلب بنسبة 14%. كذلك، برز رابط بين الجلوس لأكثر من ثماني ساعات ونصف يومياً وزيادة مخاطر قصور القلب بنسبة 54%.

وحتى في المجموعة التي مارست أعلى مستويات النشاطات الجسدية الترفيهية، ارتفع خطر قصور القلب بدرجة ملحوظة حين أمضت النساء أكثر من 9 ساعات ونصف يومياً في الجلوس أو الاستلقاء.

يوضح لامونتي: "تشير هذه النتائج الأخيرة إلى أهمية تكثيف النشاطات الجسدية للوقاية من قصور القلب شرط أن تترافق هذه الخطوة مع تقليص مدة قلة الحركة على مر اليوم".

يقول الباحثون في تقريرهم إن مخاطر قصور القلب المرتبطة بقلة الحركة توازي مخاطر البدانة ومرض السكري.

تكشف دراسات أخرى أن قلة الحركة تُسهّل الإصابة بتصلب الشرايين (أي تضيّق الشرايين التي تغذي عضلة القلب)، ما يزيد مخاطر الإصابة بقصور القلب.

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة "الدورة الدموية: قصور القلب".

نواقص في الدراستين

تُعتبر الدراستان محدودتَين على بعض المستويات. لم يستبعد الباحثون احتمال أن يكون البعض مصاباً بمشاكل صحية كامنة وغير معروفة في بداية الدراسة. قد تؤثر هذه الحالات على نشاط المشي وقلة الحركة.

كذلك، ارتكزت الدراستان على تقديرات المشارِكات حول سرعة المشي والمسافة المقطوعة ومدة الجلوس أو الاستلقاء.

أخيراً، اكتفت الدراسة المرتبطة بقلة الحركة بتقييم المدة الإجمالية للجلوس أو الاستلقاء.

لكن يذكر بحث آخر، حيث استُعمِل مقياس التسارع لتسجيل حركات المشاركين، أن مدة كل جلسة متواصلة من قلة الحركة عامل مؤثر أيضاً.