شربل داغر

بين نقد الكِتاب و"لايكات الفيس"

3 كانون الأول 2020

02 : 00

أعتقد أن السؤال عن علاقات النقد بوسائل التواصل الاجتماعي واجبٌ ومفيدٌ. فهو يكشف، من جهة، عن تغيرات واسعة في التداول الادبي والثقافي، وعما بات عليه، وعن اتساعه، وعن لحظويته.

كما يكشف، من جهة ثانية، عن تراجع قيمة النقد المهني والجامعي عموماً وفيه خصوصاً.

وإذا كان مثل هذا السؤال يشير، في ثناياه، إلى انتعاشٍ متنامٍ ومختلف في الحياة الأدبية والثقافية، فإنه يحمل ايضاً تهافتاً وضعفاً لعدة الدرس والنقد. هذا ما تعود مسؤوليات بعضه إلى مؤسسات الثقافة والتعليم، أي إلى أبعد من مسؤوليات الدارسين والنقاد أنفسهم...

ما يتغير فعلاً هو أداة التواصل والانتشار. وما يَظهر ويَتأكد أيضاً هو أن الخطاب الجاد أو الاكاديمي غير مرغوب فيه من الفئات الأوسع من الأدباء والمثقفين.

هناك تغيرات أكيدة في الذيوع والانتشار، وفي استحداث القيمة والمكانة، وفي الرواج... إلا أن هذا الانتشار الجديد والمختلف لا يحقق نجاحات أكيدة في رواج الكِتاب، على الرغم من حصد الآلاف من علامات الاستحسان الالكتروني: كثرة "اللايكات" لا تعني قراء مزيدِيـن للكتاب بالضرورة.

هذا يَعكس اختلالاً، أو عدم تفاعل إيجابي ومنتِج بين الوسطَين، بين النخبوي والجماهيري، إذا جاز القول، بخلاف ما يجري في البلدان المتقدمة.

هذا يعني، في هذه الثقافة، تبادلَ لياقات اجتماعية عنوانها أدبي، ويعني انشداداً لها صوب مستويات أكثر خفة وهزالاً.

ومع ذلك، تتجدد صيغ الشعر، وتتنامى خصوصاً النبرة النسوية، وسرديات الهامش، بما فيها السجون و"الأقليات" والعنف الأهلي وغيرها.

وهي أكثر من طفرة، تفتقد إلى ما يناسبها من نقد.

يبقى النقد دون ما يجري، فيما تُسهم وسائل التواصل الاجتماعي في اجتماعية الأدب و"نجومية" الكتاب، بينما يفتقر الكِتاب بصورة مزيدة إلى القارئ.


MISS 3