ملفّات ساخنة على طاولة قمّة "مجموعة السبع"

واشنطن وطوكيو تتوصّلان إلى اتفاق تجاري مبدئي

10 : 23

ترامب وآبي خلال لقائهما في بياريتس أمس (أ ف ب)

شهدت قمّة "مجموعة السبع" في بياريتس، جنوب غربي فرنسا، مشاورات ولقاءات وأحاديث ثنائيّة وجماعيّة، تناولت قضايا شائكة عدّة على الساحة الدوليّة اليوم، سياسيّة وتجاريّة وبيئيّة، من كوريا الشماليّة مروراً بالحرب التجاريّة وروسيا وإيران، وصولاً إلى الحرائق التي تلتهم غابة الأمازون في البرازيل.

وفي هذا الإطار، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصّل إلى اتفاق تجاري "مبدئي" بين الولايات المتّحدة واليابان، مبدياً أمله في توقيع النصّ رسميّاً بالأحرف الأولى عند انعقاد الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة في أيلول. وأشار ترامب أمام الصحافيين خلال لقاء مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي على هامش قمّة "مجموعة السبع" إلى أنّه "اتفاق كبير جدّاً"، يشمل الزراعة والتجارة الإلكترونيّة. من جهته، قال آبي: "توصّلنا إلى توافق بعد مفاوضات مكثفة"، مضيفاً: "لكن ما زال علينا القيام ببعض العمل، ولا سيّما للتوصّل إلى الصيغة النهائيّة للاتفاق". والعلاقة التي تجمع بين ترامب وآبي جيّدة، لكن الرئيس الأميركي ندّد مراراً بـ"الخلل الهائل" في الميزان التجاري الثنائي لصالح اليابان، داعياً إلى علاقات "أكثر توازناً". واتفقت واشنطن وطوكيو في نهاية حزيران على تكثيف مفاوضاتهما.

إلى ذلك، ألمح ترامب إلى احتمال التوصل سريعاً إلى اتفاق تجارة مع بريطانيا أيضاً، وذلك عقب أوّل محادثات مباشرة مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون منذ تولي الأخير مهامه، إذ أشار الرئيس الجمهوري متحدّثاً إلى جانب جونسون على هامش قمّة "مجموعة السبع" إلى "اتفاق تجارة كبير جدّاً، أكبر من أيّ اتفاق بيننا في أيّ وقت مضى". وكان جونسون حضّ ترامب أمس الأوّل على إزالة "العوائق الكبيرة" التي تعترض الشركات البريطانيّة في الأسواق الأميركيّة، معتبراً أن هذه العوائق تُهدّد إبرام اتفاق للتجارة الحرّة بين البلدَيْن بعد "بريكست". ووصف ترامب، جونسون، بأنّه "الرجل المناسب" لتنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولدى سؤال ترامب عن نصيحته في شأن "بريكست"، أجاب أن جونسون "لا يحتاج لأيّ نصيحة، هو الرجل المناسب لهذه المهمّة". من ناحيته، هنّأ جونسون، ترامب، على قوّة الاقتصاد الأميركي الذي اعتبر أنّه "رائع". لكنّه أعرب عن قلقه إزاء التوترات التجاريّة بين الولايات المتّحدة والصين. وقال جونسون لترامب: "فقط لتسجيل ملاحظة بسيطة حول نظرتنا للحرب التجاريّة، نحن نؤيّد سلاماً تجاريّاً في المجمل". وتابع: "المملكة المتّحدة استفادت بشكل كبير في آخر مئتي عام من التجارة الحرّة".

وفي هذا الصدد، خيّب ترامب آمال شركائه خلال القمّة مع استبعاده أيّ خفض للتصعيد في الحرب التجاريّة مع الصين، إذ أعطى الانطباع بأنّ لديه شكوكاً في شأن نزاعه مع بكين، الذي يُقلق شركاء الولايات المتّحدة المتخوّفين من تداعياته على النمو الاقتصادي العالمي. وناقش الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وترامب وجونسون، مع المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيس الوزراء الإيطالي المستقيل جوسيبي كونتي ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وضع الاقتصاد العالمي الذي يُظهر مؤشّرات تباطؤ مقلقة في ألمانيا والصين والولايات المتّحدة، وسُبل إعادة إحيائه.

كذلك، اتفق القادة السبعة على "تعزيز الحوار والتنسيق" في شأن الأزمات الراهنة مع روسيا، معتبرين في الوقت ذاته أنّه "من المبكر جدّاً" إعادة روسيا إلى المجموعة، بحسب مصدر ديبلوماسي. واستُبعدت روسيا من مجموعة الثماني العام 2014 بعد ضمّها شبه جزيرة القرم الأوكرانيّة. لكن ترامب يُؤيّد إعادتها إلى المجموعة، على عكس نظرائه. وتضمّ "مجموعة السبع" حاليّاً: الولايات المتّحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان.

وكانت الرئاسة الفرنسيّة أعلنت أن ماكرون ونظيره الأميركي أصبح لديهما "عناصر تقارب" في شأن ملفات كبيرة ستُطرح خلال القمّة، مثل التجارة وإيران وحرائق الأمازون، وذلك خلال لقائهما الثنائي حول غداء استمرّ ساعتَيْن أمس الأوّل. وأشار قصر الإليزيه، قبل الافتتاح الرسمي للقمة في بياريتس، إلى أن الرئيس الفرنسي عمل خلال مأدبة الغداء هذه على "خلق الظروف اللازمة لإيجاد مستوى جيّد من التقارب داخل "مجموعة السبع"، عبر الحصول على توضيحات من ترامب في شأن المواضيع الرئيسيّة.

وفي ما يخصّ النبيذ الفرنسي الذي هدّد ترامب بفرض رسوم عليه، أبلغ ماكرون نظيره الأميركي بأنّه "لا داعي لبدء حرب في شأن هذا الموضوع"، معتبراً أنّه "ليس هناك من رابط مع الضرائب على الشركات الرقميّة التي تخدم المصلحة المشتركة لفرنسا والولايات المتّحدة والقوى الاقتصاديّة الكبرى". وبعد الغداء، كتب ترامب على "تويتر": "خرجت للتو من غداء مع الرئيس الفرنسي"، مضيفاً: "الكثير من الأمور الجيّدة تحصل لبلدينا، نهاية أسبوع مهمّة مع قادة آخرين من العالم". أمّا بخصوص حال الطوارئ التي تفرضها حرائق غابات الأمازون، فاتفقت دول "مجموعة السبع" على "مساعدة الدول المتضرّرة بأسرع ما يُمكن"، وفق ما أعلن ماكرون، الذي لفت إلى أنّه "بصدد العمل على آليّة تعبئة دوليّة من أجل التمكّن من مساعدة تلك الدول بطريقة أكثر فعاليّة". وأشار ماكرون إلى اتصالات جارية "مع كلّ دول الأمازون، لنتمكّن من وضع الصيغة النهائيّة لالتزامات واضحة جدّاً حول السُبل التقنيّة والماليّة" للتصدّي للكارثة. وفي شأن مسألة إعادة تشجير الغابة على المدى البعيد، قال ماكرون: "تمّ التعبير عن العديد من الحساسيّات حول الطاولة"، لافتاً إلى "تمسّك الدول المعنيّة بسيادتها الوطنيّة". وتابع الرئيس الفرنسي: "لكن تحدّي الأمازون بالنسبة إلى تلك الدول كما بالنسبة إلى المجتمع الدولي، من حيث التنوّع البيولوجي والأوكسجين ومكافحة الاحتباس الحراري، يدفعنا إلى العمل على تشجيرها". وتُهدّد الأزمة البيئيّة المرتبطة بالأمازون بانهيار الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور (البرازيل، الأرجنتين، الأوروغواي والباراغواي)، الموقّع أواخر حزيران، بعد 29 عاماً من المحادثات.

كما أعرب البابا فرانسيس عن قلقه إزاء حرائق غابات الأمازون، التي وصفها بأنّها "رئة حيويّة" لكوكب الأرض. وفي السياق، أرسلت البرازيل طائرتَيْن من طراز "هيركوليس 130" لإخماد النيران التي تلتهم أجزاء من غابات الأمازون، حيث اشتعلت المئات من الحرائق الجديدة. ولفّ الدخان الكثيف مدينة بورتو فاليو، في ولاية روندونيا الشماليّة الغربيّة، حيث أعلنت وزارة الدفاع أن الطائرات بدأت تسكب مئات آلاف الليترات من المياه وسط غضب عالمي بسبب أسوأ الحرائق منذ سنوات، التي التهمت مساحات من المنطقة النائية المتاخمة لبوليفيا، ما أدّى إلى تصاعد الدخان الكثيف في السماء وزيادة تلوث الهواء عبر أكبر الغابات المطريّة في العالم.


MISS 3