ألان سركيس

بقايا "اليسار" تتدلّع في "اليسوعية"... فهل تتجرّأ في المناطق الإسلامية؟

5 كانون الأول 2020

01 : 59

المواجهة ذات الطابع السيادي المعيشي هي الأساس (رمزي الحاج)

يظنّ من يتابع تحليلات إنتصارات "النادي العلماني" في الجامعة اليسوعية أن هناك نفخاً لروح "اليسار" في العالم الذي انتهى مع إنهيار الإتحاد السوفياتي، وأن لبنان بلد التحالفات التاريخية مع الغرب بات في حضن الشرق، وأيضاً باتت أحزاب اليمين المسيحي غائبة عن الساحة.

لا شكّ أن أحزاب السلطة تلقّت ضربة موجعة في جامعة القديس يوسف وخصوصاً تحالف "التيار الوطني الحرّ" و"حزب الله" وحركة "أمل"، في وقت تجرأت "القوات اللبنانية" على خوض الإنتخابات بمفردها ومن دون تحالفات مع أحد وبشعاراتها في وقت تتمّ شيطنة الأحزاب ككل، وحافظت على وجودها في الجامعة التي تعتبر جامعة "البشير".

لكن من دون الدخول في تفاصيل باتت معروفة، يبقى السؤال الأهم أولاً، هل بات المجتمع اللبناني علمانياً وثانياً، هل أصبح المسيحي اللبناني يسارياً كما يروّج البعض؟ وهل فعلاً هناك قوى تغيير على الأرض أم إن هناك أشخاصاً تتلطى خلفهم قوى أساسية تخاف أن تخوض المعركة بشعاراتها؟

يتوق اللبناني إلى التغيير بعد فشل السلطة الحاكمة، لكنه يريد التغيير المدروس والذي يوصل إلى الأفضل، لا ذاك التغيير على طريقة "بيروح الشبعان وبيجي محلو الجيعان"، وما حصل في اليسوعية يمكن تحليله بعدّة طرق، فيمكن أخذ النتيجة كما هي والقول إن "النادي العلماني" إنتصر، ويمكن القول أيضاً إنه انتصر بالأرقام وليس بالسياسة، لكن الأهم أن هناك شباباً وطلاب جامعات يريدون محاسبة الطبقة السياسية فصبّوا أصواتهم لـ"النادي العلماني"، فهؤلاء ضدّ السياسيين وليسوا مع هذا النادي. وخاض "النادي العلماني" معركته تحت عناوين مطلبية تتعلّق بتحسين ظروف الطلاّب في الجامعة، أي إنه خاضها تحت عناوين مطلبية، فكيف يوظفها في السياسة ويقول إنه حقق انتصاراً سياسياً في الجامعة؟

ومن جهة ثانية، يحاول ما تبقى من اليسار إحياء نفسه وقد جمع حوله كل الغاضبين على الوضع، لكن المضحك أن البورجوازي الذي يُفاخر بأنه يتعلّم في اليسوعية يهتف ضد الطبقية، مثلما يريد السياسي المرتكب استعادة الأموال المنهوبة.

حاول "اليسار" أن يتدلّع في اليسوعية ويأخذ مجده ويوحي للناس أن هناك تياراً علمانياً عابراً للطوائف بدأ تحقيق إنتصارات على الأرض. ومعروف أن بقايا يساريين ساهموا في حرف الثورة، بينما بات معروفاً أن معظمهم بات أداة في يد "حزب الله" والسلطة.

وإذا كانت خطوة إنتخابات اليسوعية مهمة بالنسبة لهذا التيار اليساري، فالمطلوب أن تستكمل طريقها نحو جامعات مثل الجنان في طرابلس أو جامعة بيروت العربية والجامعات اللبنانية في المناطق السنية وكذلك في مناطق "حزب الله" وحركة "امل"، فاذا حقق هذا التيار إنتصاراً في تلك المناطق واقتحمها عندها يمكن القول إنه حقق اختراقاً على مستوى وطني، لكن إذا إقتصرت إنتصاراته على الجامعات المسيحية فهذا يعني أنه غير قادر إلا على الحضور في المناطق المسيحية حيث التنوع سيّد الموقف مستغلاً تراجع "التيار الوطني الحرّ" من أجل تسديد أهداف ذات حسابات خاصة.

وإذا كان فعلاً هذا التيار العلماني الناشئ يريد المحاسبة ويرفع شعار "كلن يعني كلن" فليبدأ بتصويب سهامه ومحاسبة من اعتدى على الثوار في جسر الرينغ وحتى في حرم ومحيط جامعة القديس يوسف، وإلا يكون هذا التيار مسايراً للدويلة ولا يتجرأ إلا على القوى التي حاربت الإحتلال السوري ومشاريع إيران في لبنان، ويخوض معارك غوغائية من أجل تحقيق الإنتصارات وعدم تقديم برنامج حل للأزمة اللبنانية.

يُعتبر ما حصل موجة طالبية لكن لا يمكن إعطاؤها أكبر من حجمها إلا إذا تمأسست وانتشرت، وكل ما يقال عن أن الإنتخابات الطالبية معيار عن النيابية هو غير واقعي.

لا يوجد أي لبناني ضدّ التغيير، لكن التغيير الحقيقي يبدأ باستعادة الدولة هيبتها وجمع السلاح غير الشرعي ومواجهة من يجمّل مشروع الدويلة، ومن هنا تبدأ الثورة الفعلية.