روي أبو زيد

المُراسل آلان كافال يحصد جائزة "ألبير لوندر" لتوثيقه "الجحيم السوري"

7 كانون الأول 2020

02 : 00

حصل مراسل صحيفة "لوموند" آلان كافال الذي أصيب بجروح بالغة مطلع تشرين الأول الفائت في إقليم أرتساخ (ناغورنو كاراباخ) الارمني على جائزة ألبير لوندر الثانية والثمانين، وهي أرفع جائزة مخصصة للصحافة الفرنكوفونية، وقد أُعلِنَ فوزه بها السبت عن سلسلة من التقارير التي أعدّها عن سوريا.

وكان الصحافي البالغ 31 عاماً لا يزال السبت في أحد مستشفيات باريس، بعد شهرين من إصابته بجروح جرّاء قصف في إقليم ناغورني قره باغ الذي شهد صراعاً دموياً خلال الخريف.

وأوضحت جمعية ألبير لوندر في بيان أن لجنة التحكيم منحت الصحافي المتخصص في الشرق الأوسط الجائزة عن مقالاته التي تتناول "الجحيم السوري" المنشورة في تشرين الأول 2019، ملاحظةً أنها "مشبعة بالإنسانية" وتتضمن "تحليلاً ثاقباً يساعد على الفهم".

وكان تقرير كافال عن "الموت البطيء للسجناء الجهاديين" الذي أعدّه في تشرين الاول 2019 في شمال شرق سوريا، ويسلّط فيه الضوء على مركز تديره القوات الكردية ويتكدس فيه مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية أو أنصاره، مكّنه في تشرين الأول الفائت من الفوز بجائزة بايو للمراسلين الحربيين وبجائزة "أويست فرانس جان ماران".

وأشار كافال الى أنّ فوزه بالجائزة "شرف عظيم"، لكنّه شدّد على أن "وراء كل تقرير عشرات الأشخاص الذين لا تظهر أسماؤهم مع أنهم أساسيون جداً". وأضاف أنه "عمل جماعي حقاً"، مشيراً بشكل خاص إلى جهود المصور لورانس جاي الذي رافقه إلى سوريا.



من تقرير "الجحيم السوري"



ويشدد كافال في حديث لـ"نداء الوطن" على أنّ "المناطق الكردية في سوريا تعاني منذ ثماني سنوات، من نزيف ديموغرافي متواصل؛ فمع تقدم القوات الكردية، تفرغ الأراضي من سكانها الفارين من عمليات التدمير بالنسبة للبعض، والفارين من عزل أراضيهم بين الجبهات والحدود بالنسبة للبعض الآخر، وكلهم يحاولون الهروب من سوء معاملة السلطات المحلية التي تقمع جميع أشكال المعارضة، هذا مع هروب السكان الأصغر سناً من التجنيد القسري من قِبل الميليشيات الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي، وهكذا فإن نسبة كبيرة من السكان الأكراد يفضلون أن يتركوا "روج آفا" للمحاربين والشهداء.

وكان كافال أجرى منذ عامين مقابلة صحافية مع رياض الترك وهو "شيوعي حاربه حافظ الأسد، ومناضل عنيد ضد الديكتاتورية في عهد بشار"، على حد قول كافال. ويضيف: "إنّ الترك متمرد منذ شبابه وكان قد أمضى أكثر من عشرين عاماً في السجن. هذا المعارض السوري الشهير استسلم في أواخر تموز 2018 إلى خيار طريق المنفى إلى باريس."

ويضيف أنّ "الانتفاضة التي شهدتها سوريا في آذار 2011، كان سبق للترك وتحدّث عنها منذ العام 2005. وكان اشار حينها الى أنّ "النار تضطرم تحت الرماد" وشرح واثقاً من نفسه لصحافيين أميركان أن هذا المجتمع الصامت يريد الخلاص من حكومته". وتجدر الإشارة إلى أنها السنة الثالثة توالياً يفوز صحافي من "لوموند" بهذه الجائزة، بعد بنوا فيتكين (المراسل في موسكو) وإليز فينسان (المتخصصة في شؤون الإرهاب الجهادي).

أما الجائزة السادسة والثلاثون للوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة ففاز بها المخرجان سيلفان لوفيه (38 عاماً) ولودوفيك غايار (40 عاماً) عن فيلمهما الوثائقي "سبعة مليارات مشتبه به" الذي يسلط الضوء على مخاطر المراقبة الجماعية، من نيس إلى الصين مروراً بإسرائيل، وقد عُرض في نيسان على قناة "آرتي".

ولاحظ لوفيه أنّ تقنيات المراقبة هذه، كالتعرف على الوجوه، والطائرات المسيّرة من دون طيار "ازدهرت في كل مكان تقريباً بسرعة فائقة، تحت غطاء مكافحة الإرهاب"، مشدداً على أن فيلمه يواكب الأحداث الراهنة.

وشرح أن جائحة كوفيد-19 سرّعت هذه العملية، من خلال تطبيقات تتبع المرضى على سبيل المثال، أو من خلال بعض بنود اقتراح قانون أمني جديد شهدت فرنسا السبت تظاهرات ضدها كانت أبرزها بدعوة من نقابات الصحافيين.

ومُنِحَت الجائزة الرابعة للكتاب إلى الكاتب سيدريك غرا (38 عاماً) عن "متسلقا ستالين" (دار "ستوك") وهو ثمرة تحقيق استغرق إعداده عامين عن مصير الأخوين ابالاكوف اللذين تسلقا القمم لإظهار قوة الاتحاد السوفياتي قبل أن يصبحا ضحية لحملات التطهير الستالينية.

وتمكّن المؤلف الذي يجيد الروسية "من الوصول إلى أرشيف" الاستخبارات السوفياتية ("كي جي بي") "لكن الذاكرة الرسمية لا تزال غامضة للغاية"، على ما يتضح من "التناقض المذهل" بين كون الأخوين ابالاكوف "من أبطال الدعاية السوفياتية" و"الساعات المظلمة" التي عاشاها.


وبالنسبة لاقتصار قائمة الفائزين على رجال فقط، أبدى هيرفي بروزيني رئيس لجنة التحكيم المؤلفة من عشرين فائزاً سابقاً، "قلقاً واضحاً" في شأن تمثيل المرأة. وأضاف بروزيني الذي عيّن في الصيف خلفاً للرئيسة السابقة للجنة آنيك كوجان، أن وسائل العمل لا تزال بحاجة إلى تحديد".

ومُنحت الجائزة للمرة الأولى عام 1933 كتحية للصحافي الفرنسي ألبير لوندر (1884-1932) الذي يُعتبر "أب الريبورتاجات" الكبرى الحديثة. وتبلغ قيمة الجائزة النقدية التي يحصل عليها كل فائز ثلاثة آلاف يورو، علماً أن الفائزين يجب أن يكونوا دون الحادية والأربعين. وبسبب الأزمة الصحية، أقيم احتفال توزيع الجوائز المؤجل من تشرين الثاني إلى كانون الأول من دون جمهور في مسرح "أليانس فرانسيز" في باريس، ونقل في بث حيّ على شبكات التواصل الاجتماعي.

وشدّد بوزيني على أن هذه الجوائز تشكّل فرصة "للاحتفاء بالحرية وبالتزام الصحافة"، في وقت يشهد الشارع احتجاجات على المسّ بحرية الصحافة.