ريتا ابراهيم فريد

الرابع من آب مجرّد صدفة؟

فراس حاطوم يطارد رحلة "بابور الموت"

8 كانون الأول 2020

02 : 00

رحلة استقصائية يسير بها الإعلامي فراس حاطوم منطلقاً من تاريخ الرابع من أيلول العام 2013، وصولاً الى الثالث من آب العام 2020، مطارداً شحنة نيترات الأمونيوم التي تسبّبت بكارثة مرفأ بيروت منذ انطلاقتها من جورجيا، حيث قيل إنها كانت متوجّهة الى الموزمبيق. يتقصّى عن مصدر هذه المادة ويرصد خطوات وتفاصيل خروجها ووصولها الى لبنان.

فرضيات عدة ينطلق منها حاطوم في وثائقي "بابور الموت" الذي عرض الجزء الأول منه ليلة الجمعة الماضية على شاشة "الجديد"، بعد مرور أربعة أشهر على كارثة المرفأ. يتوقّف عند أصغر التفاصيل، ويسلّط الضوء على المؤشّرات التي أثارت الشك في المرحلة المتعلقة بتحضير الأوراق والمستندات لخروج أطنان الأمونيوم من ميناء جورجيا، على أن يستكمل في الجزء الثاني متابعة رحلة الشحنة قبل وصولها الى مرفأ بيروت.

يطرح حاطوم التساؤلات التالية: "ماذا لو لم يكن ما جرى في الرابع من آب مجرّد صدفة؟ وهل ثمة من اغتال مرفأ بيروت كي يرث دوره؟ ماذا لو كانت الحادثة عملاً أمنياً تسلّل من باب الفساد والإهمال في بوابة العنبر رقم 12 قبل محاولة تلحيمها؟ ماذا لو كان مثلاً رجساً من عمل الجار اللدود؟ ماذا لو أنّ بابور الصدفة لم يكن بابور صدفة، بل بابور موت جاء الى بيروت كي يكون قنبلة موقوتة؟".


مرحلة زمنية لم يعطها التحقيق والإعلام حقّها

وفي اتصال مع "نداء الوطن"، يشير حاطوم الى أنه بدأ البحث وجمع المعلومات منذ الأسبوع الأول الذي تلا الانفجار، ويقول: "حينها لم تكن الفكرة واضحة بعد. لكن حين حصلتُ على كمّ وافٍ من المواد، بدأتُ التحضير كي أطرحها ضمن إطار حلقة".

وعن اختيار فكرة البحث عن مصدر الشحنة بالذات كزاوية لطرح الملفّ، وهل كانت فعلاً متّجهة الى الموزمبيق، يشير فراس الى أنّه حدّد البحث عن هذه المرحلة الزمنية التي سبقت وصول الشحنة الى بيروت، لأنّ مرحلة زمنية لم يعطها التحقيق والإعلام حقّها. ويتابع: "بات التعاطي مع هذا الموضوع كأنه أمر مسلّم به، وأنّ الشحنة كانت متوجّهة الى الموزمبيق ثم حطّت في لبنان. لكن من يؤكّد ذلك؟".

هذا ويتحدّث فراس عن الصعوبات التي واجهته خلال التحضير للوثائقي. فظروف انتشار فيروس كورونا خلقت صعوبة في التنقّل، لافتاً الى أنّه كان يفضّل أن يتوجّه بنفسه الى الموزمبيق أو الى جورجيا، حيث تكون له حرية التحرّك ومعاينة الأمور ميدانياً.

إلا أنّ حاطوم استعان بصحافيين من قبرص وجورجيا والموزمبيق، قدّموا المساعدة في البحث والتقصّي، من بينهم الصحافي الإستقصائي الموزمبيقي ماتياس غويتو، الذي حضر خصّيصاً الى بيروت ليتابع القضية، وليشارك في البحث عن دور محتمل لبعض الجهات في بلاده. ويشير فراس في هذا الإطار الى أنّ "حماسة هؤلاء الزملاء الذين ساعدونا عوّضت لنا هذا الفرق. فهم قد عملوا من دون مقابل، أو بعضهم حصل على مقابل رمزي لتغطية تكاليف معينة".

ويشير فراس أيضاً الى الصعوبات المادية في ظلّ هذه الأزمة، التي حتّمت عدم وجود ميزانية مفتوحة لإنجاز العمل بكلفة عالية.

وبعد عرض الوثائقي، استضاف حاطوم مباشرة داخل الاستديو مدّعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي، لمناقشة ما ورد في الجزء الأول، والذي علّق على أمور لها علاقة بسير التحقيقات في الجريمة، كما تلقّى مداخلة من أحد أهالي ضحايا الانفجار.

إخبار للقضاء

لا شكّ بأنّ الحلقة التي عُرضت تُعتبر إخباراً للمحقّق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، على أمل أن يتمّ السير بالتحقيق مع الجهات الموجودة خارج لبنان مما قد يساعد على كشف الحقيقة.

وعما إذا كان هذا الوثائقي بالذات يفرض مسؤولية أكثر من غيره، يشير فراس الى أنّ المسؤولية في الأساس هي في تقديم مادة موثوق منها ولها أساس علمي، "فكل كلمة أو إسم أو معلومة يمكن أن تؤثّر على سير التحقيق أو أن يأخذها القضاء في الاعتبار"، يقول فراس، ويضيف أنّ هذه المسؤولية موجودة دائماً في الأعمال الوثائقية والاستقصائية مهما كان الموضوع بسيطاً. ويشدّد على الحرص الدائم على عدم تقديم أية معلومة للناس من دون أن يتمّ التأكّد منها بشكل كامل.

فراس حاطوم المتخصّص في التحقيقات الاستقصائية، والذي سبق أن قدّم أعمالاً وثائقية عدة في ملفّات حساسة، يعاود الغوص بين الملفّات الصعبة والأبحاث الطويلة والتقصّي المعمّق في مواضيع يصعب الحصول على معلومات كافية بشأنها من المعنيين. ومن الواضح أنه يبذل مجهوداً كبيراً في البحث عن الحقيقة في موضوع "بابور الموت" ضمن مقاربة موضوعية وأسئلة لا بدّ من طرحها في ملفّ له علاقة بتفاصيل كثيرة من داخل وخارج لبنان.

*"بابور الموت" - الجزء الثاني - الجمعة 9,30 مساء على قناة "الجديد"


MISS 3