شربل داغر

"الدور" بين الممثل والكاتب

21 كانون الأول 2020

02 : 00

كنتُ أتوجه إلى التلفزيون لسماع نشرة أخبار في قناة اوروبية، عندما بلغني -وانا لاهٍ عنها- صوتٌ اعادني إلى شاشة كبيرة في وسط بيروت، أو في سينما "أراكس" (في منطقة برج حمود): إنه صوت الممثل يول براينر.

ما أدهشني هو أنه كان يتكلم بالفرنسية، فيما كنت اتلقاه سابقاً في السينما بالإنكليزية... إلا أن دهشتي تمادت في كشوفاتها، إذ اطلعتُ على سيرة هذا الممثل الغنية، في أصوله المتعددة، وثقافته المتينة.

هذا كله أتى بخلاف ما احتفظتُ به في ذاكرة المراهق من صورة عن الممثل: الممثل القوي، ولكن الثاني، فلا يتقدم على ريتشارد بيرتون أو غيره، فبراينر لم يكن مثالَ النجم الأشقر والأبيض السحنة...

هذه الفروق الكبيرة لا تختلف عما عايشتُ بين صور الممثل كلينت إيستوود في أدواره الأولى مع سيرجيو ليوني، منذ فيلم: "من أجل حفنة من الدولارات"... وما اكتشفتُه عنه عندما صار مخرجاً لأفلام رقيقة وعميقة وشديدة الإنسانية.

هذا ما هو ممكن مع الادباء ايضاً، بين من يكونون في الحياة وبين صورهم المتناثرة من كتبهم...

الممثل يدخل إلى البيت الذي له أن يسكنه أثناء التصوير، من دون أن يقوم بذلك الروائي في روايته، فيما يتنقل الشاعر بخفة فراشة وهو ساهمٌ في غيمة...

هذا يعني أن الاديب، والممثل، ليسا في حالة "انعكاس" بين حياته وفنه (كما علمنا النقد المدرسي)، ولا شراكة محكمة بين ما ينقله وما يكون عليه. ذلك أن العلاقات اعقد وأخفى بين الممثل ودوره، وبين الكاتب وصورته.

ففي الادب، وفي الفن، هناك اللعب، والقدرة على الانعزال والتباعد. وهناك خصوصاً الرغبة في ان يكون الواحد أكثر من آخر واحد...


MISS 3