روي أبو زيد

ميلاد يسوع مناسبة لتعزيز الخير والارتقاء بالإنسانيّة

باسمة بطولي: فليستيقظ اللبنانيون ويعاقبوا الفاسدين!

21 كانون الأول 2020

02 : 00

هي ملكة الريشة والقلم، تنحت بأناملها لوحاتٍ عاكسةً عمق إبداعها الفكري والثقافي... ولأن الرسمة تُغني عن ألف كلمة ها إنها ترسم. أما للشعر معها فله حكاية أخرى، إذ تعمد الأديبة باسمة بطولي الى تلحين كلماتها على وقع بحور الشعر العربي، ساعيةً الى إمداد جسور تواصل واتّصال مع كلّ قارئ نهم يعبّ من ماء الشعر ليرتوي ويُروى.

"نداء الوطن" التقت بطولي التي حازت أخيراً على جائزة "الأديب جان سالمه" وكان هذا الحوار المميّز:

ما هي أهمية جائزة "الأديب جان سالمه" بالنسبة لك؟

أحترم هذه الجائزة كثيراً وأشكر صاحبها لأنه يقدّر الإنتاجات الفكرية والثقافية والفنية، كأنه يقول للأديب الفنان: "يعطيك العافية". ونحن نبادله كلّ الحب والتحية والتقدير.

هدف الشاعر أو من يمارس ايّ فن عادةً يكمن في إيصال وجدانه الى الآخرين، بغض النظر عن المادة. ومن هذا المنطلق هذه الجائزة هي صدى من الاصداء التي وصلتني نتيجة لأعمالي الفكرية والأدبية. وردني إتصال من أحد كبار الأدباء الذي اعتبر أنني أستحق جائزة "نوبل". قلتُ له:"أنت تجاملني"، فقال لي:"على العكس، لا أحد يكتب بهذا المستوى ويرسم بهذا العمق في عالمنا العربي". صدّقني، هذا الكلام يعني لي الكثير ويضاهي عندي جائزة، لأنّ الكلمة الطيبة والصادقة والصادرة من القلب تعني لي الكثير.





كرّمك الشاعر الكبير سعيد عقل حين قال فيك: "ليس أجمل من رسومها إلّا شعرها، وليس أجمل من شعرها إلّا رسومها". ما الذي عناه لك كلام قيمة ثقافية كبيرة كعقل؟

هذا تكريم كبير أيضاً، كتب فيّ عقل مرات عدة. كان يقول باختصار: "أنت أهم شاعر وشاعرة"، وكأنه يراني الأفضل بالمطلق وأعطاني الصفة المطلقة في الشعر والرسم.

هل أنتِ مُكرّمة في وطنك كما يجب؟

حين انظم الشعر أو أرسم لوحة لا يكون الهدف من ذلك التكريم. لكنّي أشعر بلذّة كبرى حين أكتب أو أرسم، واريد بطبيعة الحال إيصال هذا الفرح الى الناس جميعاً. كنتُ أتمنّى أن تكون لي مكانة أخرى في هذا الوطن. لكنّ الناس في هذه الايام لا يهتمون كثيراً بالقراءة، خصوصاً في ظلّ انشغالاتهم اليومية وتخبّطاتهم إزاء الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتردّي. لذا يحزّ في نفسي أن يبتعد الناس عن تذوّق الجمال والفن من خلال المنتوج الفكري والإبداعي.

الشاعر يريد توسيع حدود ذاته كي يتمكّن من الوصول الى الآخرين، وذلك من خلال المحبة وعبر الفكر والفن. إنه نوع من حوار تفتحه مع الآخرين كي يصلك الجواب عندما تطرح موضوعاً عليهم.

إنّ مسيرتي الثقافية والفنية أمددت ومهدّت للتواصل مع الرأي العام، وذلك عبر كتابة أكثر من 400 مقال تتناول أعمالي الفنية والثقافية، فضلاً عن الجوائز العديدة التي نلتها.

لمن تكتبين وما الذي تريدين إيصاله؟

أكتب للناس بشكل عام، وخصوصاً للشريحة التي لا يصلها شعري وفني، كي تتذوّق الجمال الحقيقي وتكتشف شعوراً جديداً مقروناً بالفكر.

ألا تأسفين ألا يصل فكرك الى المتلقّي بالشكل المناسب؟

إنه نوع من الأسف والحزن، لكني اعتدتُ هذه الفكرة خصوصاً وأنّ الشعر منذ وجوده وحتى الآن لم يتمكّن من الوصول الى البشرية جمعاء. الشعر له فئة من الناس التي أُعطيت موهبة تفهّم القصيدة وتلقّفها بالشكل المناسب.

ما الذي قلته لبيروت المتهدّمة والمنكوبة والمتألمة؟

-نظمتُ لها قصائد عدّة أعربت عن حزني الكبير. يمكن كتابة مجلّدات عدة في انفجار بيروت، إذ يمكن تناول نواحي عدة من هذا الزلزال البشع.


تهدّمت صروح تربوية وثقافية في بيروت، لكنها تُرمّم بفضل جهود فردية وفي ظلّ غياب الدولة. ما موقفك كمثقّفة إزاء هذا الموضوع؟ وما هو تقييمك لواقع الثقافة في لبنان؟


الدولة غائبة عن الميادين كافة في لبنان، ليس لدينا حكام يتحمّلون مسؤولياتهم. الوجع والألم كبيران لما آل إليه الوضع في بلادنا.

خلّف هذا الانفجار دماراً في النفوس أيضاً، عدا عن الابرياء والضحايا الذين رحلوا والجرحى الذين سيتابعون حياتهم بعد أن خسروا عضواً من اعضائهم بسبب إهمال المسؤولين.

ما يحزّ في نفسي أننا لم نتمكّن حتى الآن من التوصّل الى معلومة عن التحقيق في هذا الانفجار الغريب.

أعداء لبنان كُثُر في الخارج والداخل، والإهمال نوع من أنواع الجريمة. لبنان في خطر كبير ولا نستطيع القيام بأي شيء. لكننا محكومون بالأمل ولا بدّ من أن يستيقظ هذا الشعب ويقول كلمته ويعاقب هؤلاء المهملين.

لماذا لا تنظمين شعراً حرّاً؟

أكتب القصيدة الكلاسيكية التي يسمّونها عمودية، ولكنّي أحب أن أقول إنها القصيدة الاصولية. وهي تعتمد البحور العربية المعروفة. إذ بعد خبرة طويلة في الكتابة، وجدتُ أنّ هذا النوع من الشعر هو الأجمل والأكثر صعوبة في التعبير. إنه يضفي جمالاً في البيت الواحد. ووُجِدت هذه البحور الشعرية عند العرب لأنهم وجدوا فيها تمكيناً من قول المعاني الأكبر بأقل كمية من الكلمات.

ما الذي علّمتك إياه تجربة كورونا؟

فيروس كورونا ليس عقاباً من الله، فالخالق ليس حقوداً كما الناس. لذا أعتبر هذا الفيروس البشع كدعوة الى العودة لذواتنا وإعادة حساباتنا. نحن نتأمّل اليوم في اللقاح الذي قد يساهم في التخفيف من وطأة كوفيد - 19 كي نستعيد حياتنا الطبيعية.





ماذا تقولين للّبنانيين وهم على أبواب الميلاد؟

يجب ألا ننسى أنّ الخالق موجود ويهتم بكلّ واحد منا، رغم المصائب التي تحيطنا. نحن لا نميّز دوماً حكمة الخالق من كلّ ما يدور من حولنا، خصوصاً وأنّ بعض الاحداث تتفوّق علينا وتفوق منطقنا البشري. هذا الميلاد هو ذكرى ولادة يسوع الذي أتانا بتعاليم رائعة تجعل الإنسان يرتفع الى مستوى عالٍ من إنسانيته. علينا الانتباه لتعاليمه واعتماد المحبة كبوصلة في حياتنا، وهكذا نرتقي ونكون أصحاب فائدة نساهم في بناء الخير العام وهكذا يضحي لوجودنا معنى. ليس علينا العيش لأنفسنا بل للآخرين ايضاً، وخصوصاً للأشد حاجة. نحن نفتقد الأعياد الماضية، واللبنانيون اليوم لا يتلذّذون بالعيد في ظلّ الهموم التي يتخبّطون بها. لكن آمل أن تكون أيامنا المقبلة أفضل من تلك التي مرّت علينا.


حبيبتي بيروت


هَلْ رَأَيْتُمْ يَوماً جِراحَ الهَواءِ؟..

ها لِأَمطارِنا سِماتُ الدِّماءِ..

ها هِيَ الريحُ في الأنينِ غَدَتْ

عَزْفَ الأَعالي على مَقامِ البُكاءِ

دخَلَتْ في أنفاسِنا فَحُرِمْنا حَقَّنا

في تنَفُّسِ الصُّعَداءِ..

وَأَظُنُّ السّحابَ مُشتَرِكاً..

مُختَصِراً بِالهُطولِ حُزنَ السَماءِ..

آهِ بَيروتُ.. أَيُّ جُرْحٍ لِعَيْنٍ..

سوفَ يَعني جُرحَ المدى والضِّياءِ

جُرْحُ هٰذي الدُنى.. يَظَلُّ هُنا..

إلّا إذا كانَ الطَّعنُ في الكِبرِياءِ

فَهوَ يرقى إلى السما.. راجِياً

ألّا يُذَرَّى هَدراً دَمُ الأَبرِياءِ

لِيَظَلَّ الرِوى لِوَردٍ نَوى أنْ

يَتَحدّى قَساوَةَ الصحراءِ

هِيَ بَيروتُنا التي تَرتَدي في الغَدِ

ثَوْبَ الرَّبيعِ رَغمَ الشِّتاءِ

لِتُعَلّي الدَمارَ بُرجَ بَقاءٍ..

وَلِتَرمي مِنْ فَوقْ وَحشَ الفَناءِ



MISS 3