"ترشيد الدعم" لا يُغني عن الإصلاح

02 : 00

ترشيد الدعم باعتماد البطاقات التمويلية بدلاً من دعم الاستيراد على أساس سعر صرف 1500 ليرة، يبقى أهون الشرّين، أقله مرحلياً. هذا ما يمكن استنتاجه من مذكرة البنك الدولي المقدمة إلى لبنان بناء على طلبه. المشكلة ان البطاقة التمويلية التي ستصيب الطبقات الفقيرة وتخفض العجز في ميزان المدفوعات وتحد من نزف احتياطي مصرف لبنان تواجه عقبتين: التضخم واستدامة التمويل. فعلى الرغم من ان كلفتها السنوية ستكون بحسب ارقام البنك الدولي تنازلية، إلا انها تشكل تحدياً جدياً. فهي تبدأ بـ 1.5 مليار دولار في العام الاول لتصل إلى 311 مليوناً في العام الخامس والأخير، بكلفة اجمالية تصل إلى 3.9 مليارات دولار، وبمعدل وسطي يبلغ 779 مليون دولار سنوياً. ومن أجل تأمين هذا المبلغ سيكون لبنان مجبراً على اللجوء إلى الخيارات التالية: طباعة النقود من قبل البنك المركزي (أي التسييل)، اللجوء إلى مخصصات الميزانية والمساعدة الدولية.

لكن بحسب المذكرة فان مخاطر تسييل الأموال تؤدي إلى مزيد من التدهور في الظروف النقدية، وزيادة نسب التضخم. أما التمويل المالي من خلال مخصصات الموازنة الإضافية (غير الممولة) فهو لا يختلف عن الخيار الاول، لأنها تمول في النهاية من طباعة النقود.

هذان الخياران السيئان سيحولان في المقابل دون المساعدة الدولية الفعالة، أي اعتماد الخيار الثالث. البنك الدولي يقترح من أجل استدامة التمويل وتأمين الحاجات تنفيذ مجموعة من الاصلاحات تتصل باعادة هيكلة الديون والقطاع المالي، واعتماد إطار جديد للسياسة النقدية، واستعادة الثقة والإستقرار في سعر الصرف، وتعزيز الحماية الاجتماعية للأفراد. فمن دون هذه الاصلاحات الجوهرية ستبقى كل الخطوات، مهما كانت فعالة وعملية: "ترقيعية"؛ تستنزف احتياطي العملات الاجنبية من "المركزي" وتقود لبنان إلى قعر الهاوية.


MISS 3