عماد موسى

الكاردينال والمطران

29 كانون الأول 2020

02 : 00

في عيد الإستقلال السابع والسبعين، وصودف يوم أحد، سأل متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة ( 79 عاما) أصمّاء: "ما نفع السلطة أمام خسارة النفس والكرامة والوطن؟" وفي اليوم نفسه توجّه بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق مار بشارة بطرس الراعي ( 80 عاما) في عظة أحد الإستقلال إلى أكلة الجبنة "الكل يعلم أن عرقلة التأليف الحكومي سببها إصرار القوى السياسية على الحصص والحقائب الوزارية والاستحواذ على "الثُلث المعطل" وتعزيز فريق وتهميش فرقاء آخرين".

في الأحد الذي تلاه، واصل المطران والكاردينال، كل من موقعه التنبيه إلى المخاطر، فقال عودة "البلد متروك لمصيره، والانهيار يعصف بمؤسساته وناسه، وما زال هناك بشر يفتعلون الأزمات، ويتقاذفون المسؤوليات، ويؤجلون الاستحقاقات، وآخرها تأليف حكومة تتولى مهمة القيام بما يلزم، بمهنية وشفافية، من أجل إنقاذ البلد" ولاقاه الراعي بطرح متقدّم فدعا "إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة في لبنان وتشكيل حكومة إنقاذ بدلاً من الطبقة السياسية الحاكمة" وانتظرت المرجعيتان المسيحيتان أن تسمعا تعليقاً فجاءهما الصدى "لقد أسمعت لو ناديت حيـًا ولكن لا حياة لمـن تنادي".

في السادس من كانون الأول زاد المتروبوليت والكاردينال الـ "دوز" فجاء في "وصفة " عودة "ما نحن بحاجة إليه هو تحرير ما تبقى من الوطن من قبضة السياسيين، وسوء إدارتهم، وقلة إحساسهم بالمسؤولية وبفداحة الوضع الذي أوصلونا إليه".

وسأل الراعي بأسى "أين ضميرهم الفردي وأين ضميرهم الوطني؟" وواقع الأمر أن الضمير الوطني غامر الضمير الفردي ويغطّان معاً في نوم عميق وجميل ومريح.

كل أحد ينتظرهما اللبنانيون يدقان أجراس الحزن والقلق. كل أحد يرفعان الصوت أكثر. والمسؤولون عن مصير البلد يسمعون ولا يفقهون، أو لا يسمعون شيئاً ولا يفقهون شيئاُ.

يقول لهم مطران بيروت ذات أحد "الرجالات ينسحبون عندما يقترفون خطاً" فيقول طويل العمر في سرّه: المطران عم يخرّف!

ويرفع عودة الصوت أكثر بقوله "لا رب لحكّامنا سوى مراكزهم ومصالحهم" فيهمس أحدهم: ربي أطل عمري لأعوّض عما فات" ويتضرّع الآخر بورع "ربي إقصف عمره".

ويعلن البطريرك بعد مبادرة أزهرت ولم تعقد "لم أجد سببًا واحدًا يستحقّ الـتأخير في تشكيل الحكومة يومًا واحدًا. لكنّي وجدت لدى الناس ألف سبب يستوجب أن تتألّف الحكومة فوراً من أجل هذا الشعب الذي هو مصدر السلطات كلها". ويلاقيه عودة "اذا كانت أسباب عدم تشكيل الحكومة داخلية فالمصيبة عظيمة لأنها تكشف عدم المسؤولية، وإذا كانت أسبابها خارجية فالمصيبة أعظم لأنها تفضح الولاء لغير لبنان".

الكاردينال والمطران، صوتنا كل أحد والآخرون لا أحد.