باريس- نداء الوطن

بيار كاردان... الموضة تبكي ثائرها الأنيق

30 كانون الأول 2020

02 : 00

كاردان أثناء تكريمه في فلورنسا عام 2003 (أ ف ب)

غيّب الموت يوم أمس الثلثاء مصمّم الأزياء الفرنسي الشهير بيار كاردان عن عمر يناهز الثامنة والتسعين. وهو يُعَد أحد المجدّدين الكبار في عالم الأزياء الفرنسيّة منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، والمصمّم الأكثر شهرة في العالم.

ولد في إيطاليا في الثاني من شهر تمّوز 1922، ونشأ في فرنسا التي هجر إليها مع أبويه هرباً من صعود الفاشستيّة. تلك المرحلة، يختصرها كاردان بالقول: "أعتبر نفسي طفل الحرب. وصلت مع أسرتي من فينيسيا كلاجئ إلى فرنسا، في ظروف من المجاعة والبرد، ولم أكن أملك سوى الرسم". درس في أكاديميّة الفنون الجميلة وجسّد من خلال أسلوب ملابسه أحلام جيل الستينات المتطلّع إلى المستقبل.

دخل بيار كاردان عالم الأزياء وهو في الرابعة عشرة من عمره. في العام 1946، صمّم أزياء وأقنعة فيلم "الجميلة والوحش" للشاعر والفنان الفرنسي جان كوكتو. ثمّ تعاون مع كريستيان ديور وبدأ منذ ذلك الحين يبتكر تصاميم مميّزة تثير الانتباه. في العام 1950 افتتح دار أزيائه الخاصّة، واستوحى من الأعمال والتيارات الفنية المختلفة، وكان على علاقة وطيدة مع الكثير من الفنانين التشكيليين.

إعتبر كاردان أنّ الألبسة الجاهزة التي ابتكرها شكّلت "ثورة ضدّ القواعد والتقاليد الباريسية الشائعة آنذاك"، لأنه كان يؤمن أن ليس من حقّ الأغنياء وحدهم التمتّع بالخياطة الراقية في نسخة واحدة تباع بألوف الدولارات. وهذا ما وضعه في قلب سجال واسع وانتقادات كان أقصاها تلك التي اتهمته بالابتذال. وكان ردّه: "ليس من العار أن نترك الصالونات الذهبيّة ونذهب إلى الشارع". وهو الذي ارتدى من تصاميمه سلفادور دالي وريتا هيوارث وصوفيا لورين وحتى كريستيان ديور نفسه. كما صمّم لعشيقته الممثلة الفرنسية جان مورو الفساتين التي ظهرت فيها وهي تمثّل أدواراً في أفلام المخرج السينمائي الفرنسي فرنسوا تروفو والمخرج الأميركي جوزف لُوزي.

وإذا كانت دور أزياء بيار كاردان افتُتحت في الكثير من عواصم العالم، فلم ينحصر نشاط صاحبها في الأزياء فقط، بل تعدّاه إلى "أكسسوارات" عدّة تحمل اسمه وهي من تصميمه، ومنها العطور وربطات العنق وعلب الشوكولا. فضلاً عن أنه افتتح الكثير من المطاعم والفنادق والمسارح، ومنها المسرح الذي يحمل اسمه أيضاً في العاصمة الفرنسيّة، كما حوّل قصر الكاتب الفرنسي الماركيز دو ساد في منطقة "الفوكلوز" إلى مسرح لتقديم مهرجان الفنّ الغنائي والأعمال المسرحيّة كلّ صيف.

في العام 1992، انتُخب كاردان عضواً في "أكاديمية الفنون الجميلة" وتكرّس بذلك كأحد المبدعين الكبار في مجاله. وكان، بالإضافة إلى ذلك، أحد سفراء النوايا الحسنة في اليونسكو. وفي هذا الإطار تابع ملف التلوّث الناتج عن انفجار "تشيرنوبيل"، كما سافر في إطار مهمّات إنسانية إلى دول عدة منها لبنان للاطلاع على أحوال الأطفال المرضى.

ظلّ بيار كاردان ينتج طوال حياته، حتى أنه افتتح منذ ثلاث سنوات في باريس أحد محلاته الجديدة المخصّصة للأزياء النسائية. وهو اختصر حياته بهذه الكلمات: "أنا من أبناء الضواحي الفقيرة، وأصبحتُ بيار كاردان". وأضاف: "لو كان عليّ أن أبدأ من جديد، لكنت سأفعل مرّة أخرى ما سبق أن فعلته بحماسة كبيرة".


MISS 3