مايز عبيد

ثورة طرابلس تنقسم على المطالب

4 كانون الثاني 2021

02 : 00

ثوار 17 تشرين يقطعون منافذ ساحة النور

إختلفت عناوين الثورة ومضامينها وشخصياتها كثيراً هذه الآونة عن زمن 17 تشرين 2019. وفي حين صارت العناوين التي يفترض أن تودي بالناس حكماً إلى الشارع، أكثر بكثير من زمن 17 تشرين 2019، إلا أن إمكانية حشد تلك الأعداد والجموع التي كانت تشهدها ساحة النور إبان ثورة تشرين، يرى كثيرون في طرابلس انها أصبحت أمراً مستحيلاً في ظلّ المعطيات القائمة.

أحد التظاهرات والإنقسامات

يرى البعض في طرابلس أنّ موعد رفع الدعم هو الحدّ الفاصل بين الثورة الحقيقية المقبلة، وبين إرهاصاتها كما يحصل اليوم. بينما يرى آخرون أنّ إمكانية رؤية 17 تشرين جديدة في طرابلس لم يعد بالأمر الممكن أو المتاح لأسباب عدّة، لا تقلّ أهمية عن السبب الحقيقي الذي أدى إلى قيام ثورة قبل عام، بالرغم من أنّ المعاناة قد زادت وكذلك الغلاء الفاحش والفقر في طرابلس أصبح بالألوان. في هذه الظروف، تنقسم الساحة المطلبية الطرابلسية على أمور كان من المفترض أن تشكّل موضع إجماع في المدينة. إنها القضايا المطلبية لأهل المدينة وفي مقدمها حقوق الطرابلسيين في الاستشفاء والخدمات في ظل هذه الظروف الصعبة. وشهد يوم أمس الأحد تحركات احتجاجية في أكثر من نقطة في عاصمة الشمال لا سيما في ساحتي عبد الحميد كرامي (النور) وساحة التلّ، بعد أحداث السبت الماضي التي شهدت توتّرات أمنية مع الجيش اللبناني، وقيام أحد الأشخاص بطعن آخر بسكين في ساحة النور.



ففي حين دعا أبو خليل زهرة إلى تظاهرة تتخلّلها مسيرة إلى بيوت الزعماء السياسيين في طرابلس، تنطلق عند الساعة الثالثة عصراً وتجوب الشوارع الطرابلسية، عمد ثوار 17 تشرين إلى قطع المنافذ المؤدّية إلى ساحة النور بالإطارات ومستوعبات النفايات، لتفادي أيّ احتكاك مع التجمّع الآخر وحتّى لا يحضر أبو خليل وتظاهرته للسيطرة على الساحة، في تأكيد من ثوار 17 تشرين على أنّ ساحة النور لهم وهم الأساس فيها منذ أحداث 17 تشرين 2019، متّهمين زهرة بالتحرّك لأسباب ودوافع سياسية بحتة وليس بدوافع مطلبية كما يشير. في هذا الوقت، سجّل انتشار واسع للجيش اللبناني في الساحتين ومنعاً لأيّ احتكاك أو تصادم بين الطرفين. وفي وقت لم يستطع فيه أبو خليل زهرة من جمع العدد الذي كان يتحدّث عنه قبيل انطلاق تظاهرته من منطقة التّل، والتي حملت شعارات تدعو جامعة الدول العربية الى التدخّل وإنقاذ اللبنانيين، إلا أنّ انطلاقة تظاهرته تلك من ساحة التلّ، كانت مؤشّراً على عدم رغبته في الإصطدام مع الجهة الأخرى واقتسام الساحات بين الطرفين بالرغم من أنّ الأمور المطلبية تلك غير قابلة للقسمة.

وفي كل ما يجري في طرابلس من أحداث؛ فيها القليل من الثورة والكثير من النقمة الشعبية على الأوضاع؛ الملاحظ في ما بين هاتين الحالتين، الكثير من الإستغلال السياسي والأمني للتحرّكات الحالية، التي بدأت تأخذ طابعاً آخر غير ما كانت عليه في 17 تشرين. فالتحرّكات التي بدّلت وجوهها وعدّة شغلها، أصبحت تتوجّه بشكل رئيسي باتّجاه النواب ومنازلهم وتتّهمهم بالفساد، وتعبّر عن نقمتها العارمة ضدّ سياسيي المدينة كلّما قرّرت التحرّك، بينما كانت التحرّكات والمسيرات في 17 تشرين تتّجه إلى رفض السلطة القائمة والتعبير عن السخط من الحكومة وسياستها.

وفي وقت كانت تجرى المساعي بين الثوار لجمع الساحات وتوحيد المطالب، فإنّ ما حصل يفسّر التدخّل الحاصل في المجموعات الثورية من السياسيين في المدينة، لشقّ الصفوف ومنعهم من التوحّد حتى لا ترتدّ الأمور عليهم في النهاية.