أسامة القادري

بقاعيّو الأوسط والغربي يكسرون الحظر تفتيشاً عن الأدوية ولقمة العيش

18 كانون الثاني 2021

02 : 00

دورية في شتورا تُدقّق بأذونات المواطنين

مع انحسار المنخفض الجوي الماطر، أمس الأول وارتفاع درجات الحرارة، برز مقابل تشدد القوى الامنية والعسكرية في تطبيق التعبئة العامة، تراخي اجهزة الرقابة في ضبط التلاعب بأسعار الأدوية في الصيدليات والمواد الغذائية في المؤسسات، والتي وصلت الى حدود الابتزاز من دون رادع او حسيب، ليكسر البقاعيون "الحظر" ويخرجوا متخطين الحواجز الامنية، منهم بحثاً عن عمل، وآخرون بحثاً عن أدوية مفقودة في مناطقهم ليجدوها في صيدليات بعلبك والهرمل، بأسعار السوق السوداء بحسب ما اكد مواطنون لـ"نداء الوطن".

فبدا في المشهد البقاعي العام في اليومين السابقين تراجع في نسبة التزام المواطن في التنقّل، في المقابل التزام المؤسسات بالإقفال بنسبة كبيرة، حيث استمرت المؤسسات على انواعها بتسكير ابوابها، باستثناء المستثناة منها، الملاحم ومحال الخضار والسوبرماركات والصيدليات، لتعود الحياة الى الطرقات الرئيسية والفرعية البقاعية بشكل ملفت. وسُطرت محاضر ضبط من قبل حواجز الامن الداخلي الظرفية على الطرقات الرئيسية بحقّ المخالفين.

هذا في الشكل الخارجي، اما أصحاب المهن الحرة فعمدوا الى العمل من دون فتح كامل ابواب المؤسسات، خصوصاً العاملين في تصليح السيارات ومؤسسات بيع القطع لها، والنجارين والحدادين وغيرها من المهن. وبالرغم من ان الجو "كوروني" والواقع مخيف بسبب الانتشار الواسع للفيروس، فشلت هذه الحكومة بتأمين الادوية بالتساوي في كافة المناطق، ويسجل في البقاعين الاوسط والغربي انقطاع سلسلة من اسماء الادوية المطلوبة لمعالجة مرضى "كورونا" والامراض المزمنة، ليكتشف أبناء هاتين المنطقتين بأن "دولتهم مستمرة في كيلها بمكيالين، بين منطقتين: واحدة تعتبرها "بنت ست" محسوبة على وزير الصحة و"مافيا الادوية"، وبين أخرى تعتبرها "بنت جارية"، حيث يُفقد من" بنت الجارية" البقاع الاوسط والغربي جميع انواع الادوية المخصصة لعلاج "كورونا" من مسكنات وفيتامينات وزينك، وبنادول واسبرين، وادوية امراض مزمنة صدرية وقلب، ليجدها المواطن في صيدليات "بنت الست" بعلبك الهرمل، بأسعار مضاعفة عن سعرها الحقيقي.

هكذا بدا الواقع اشد حساسية مما يحدثه الفيروس من حرارة في جسم المريض، لتتفاقم أزمة بناء الثقة بين المواطن وحكومته، لا سيما ان ذلك يقلل من نسبة الالتزام ويساهم في سرعة انتشار الفيروس بشكل أوسع، لان المواطن اللبناني عامة والبقاعي خاصة كفر بكل ما يمتّ لهذه السلطة بصلة، ويعتبر قراراتها غير ملزمة بل سبباً للاجحاف بحقه وحقّ عائلته، في اعتبار ان الدولة التي لا تحترم شعبها من الطبيعي اتساع هوة عدم الثقة بين المواطن والمسؤول.

ويكشف المواطن زين أن سبب مخالفته قرار منع التجول انه لم يترك صيدلية في البقاع الاوسط الا وسألها عن لائحة ادوية لوالدته المسنّة المريضة بالضغط والقلب ولابن اخيه المصاب بفيروس "كورونا"، ويقول: "حتى علبة البنادول لم اجدها، بصيدليات الاوسط والغربي، وكل الادوية وجدتها في بعلبك". فيما المواطن عمر خالد يبرر عدم التزامه المكوث في المنزل بأنه يعيش وعائلته من عمله اليومي في ورش البناء، ويقول: "انا بشتغل بالباطون مياوم، بشتغل باكل ما بشتغل بموت انا وعيلتي، ما فيني اقعد بالبيت"، فلا يرى ان عمله هو من الاعمال المساعدة على انتشار الوباء "شغلي ما في اختلاط ولا في زحمة"، ولن يكرر جلوسه في المنزل كي لا يدفع ثمن أخطاء سياسة حكومة رفضت تسكير المطار سابقاً.

ولم تنفع توسلات محمد العلي سائق بيك آب معدّ لنقل الخضار، للرقيب اول في قوى الامن الداخلي في شتورا لان يعفيه من ضبط المخالفة، في اعتبار ان البيك آب لا يحقّ له السير بعد الساعة الثانية ظهراً، ليتم ضبطه في شتورا الساعة الثالثة والنصف عصراً، قال: "عم يدفعوني ضبط بسبب اجراءاتهم وتباطؤهم"، وشرح انه قادم من عكّار "ولأن ما في التزام كان الازدحام كتير قوي بسبب الحواجز، هذا اللي أخّرني وأخّر ناس كتير، اذا رجعنا بيضبطونا مخالفين عن الوقت، وكملنا فتم ضبطنا بشتورا".

مصدر امني أكد لـ"نداء الوطن" أن نسبة المخالفات في البقاع كانت مرتفعة عن اليومين السابقين، وهذا ما يرفع من عدد محاضر الضبط، وقال: "للاسف، المواطن دائماً هو الذي يدفع الثمن، وعناصر الامن مضطرون لتسطير محاضر المخالفات حتى وان كان مواطناً يفتش عن دواء، واجبنا ضبط المخالفة وواجب وزارة الصحة تأمين الدواء". وتابع: "القوى الامنية مهمتها حماية القرار وحماية الناس لان أي تهاون وتراخ يؤدي الى تدنٍّ في الالتزام وبالتالي نصبح امام كارثة صحية"، وآسفاً لان "الاشكالية بالإستثناءات غير مدروسة ومن الطبيعي ان تسبب اجحافاً بحق أشخاص". ولفت الى ان يومي أمس وأمس الاول شهدا ارتفاعاً كبيراً في عدد المخالفات لشاحنات نقل الخضار، هذا لان الاستثناء برأيهم قصير جداً، لأنه يحدد للشاحنة التي تحمل منتجات زراعية التنقّل من الساعة الثانية بعد منتصف الليل حتى الثانية ظهراً، من دون مراعاة الانتقال من اقصى البلاد الى اقصاها".


MISS 3