التحديات الاقتصادية والصحية لمرحلة ما بعد الإقفال

02 : 00

الفتح المدروس هو الأساس لحماية الاقتصاد والصحة (فضل عيتاني)

على بعد أسبوع من انتهاء مرحلة الاغلاق العام ومنع التجول التي أعلنتها حكومة تصريف الاعمال منذ ثلاثة أسابيع، رأى "مرصد الأزمة" (مبادرة بحثية في الجامعة الاميركية تهدف إلى دراسة تداعيات الازمات المتعددة في لبنان وكيفية مقاربتها)، انه لا بد من تفكّر واستقاء للدروس من إخفاقات إدارة الازمة خلال الأشهر الـ11 الماضية. فقد ادى الفتح الواسع وغير المضبوط لكل القطاعات في شهر كانون الأول من العام الماضي، وعدم مراقبة احترام أي من إجراءات الوقاية والتتبع اثناء فترة الأعياد الى ارتفاع كبير في الإصابات والوفيات، حيث توفي في 3 أسابيع، اي بين 9 و29 كانون الثاني، 1110 ضحايا أي ما يوازي 37% من مجموع وفيات "الكورونا" في لبنان (من دون احتساب الـ 290 حالة وفاة التي أعلنت في كانون الثاني وقيل انها تعود للعام الماضي).

من الجانب الاقتصادي، اعتبر المرصد انه من المُرجّح أن يؤدي منع التجول والاغلاق التام الى تفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة والى ارتفاع في معدلات البطالة وتراجع معدلات الدخل، كما حدث في فترة الاغلاق الأول في شهري آذار ونيسان من العام الماضي. حيث أدى هذا الاغلاق الى خسارة ثلثي اللبنانيين جزءاً من مداخيلهم. وليس من العسير توقُعِ تدهور الأوضاع المعيشية لمعظم الناس خلال الاقفال العام، حيث اكثر من نصف القوى العاملة في لبنان تعمل في قطاعات غير منظمة وتعتمد على مدخولها اليومي. ففي طرابلس مثلاً تزيد نسبة المياومين عن 75% من اليد العاملة والتي يدفع توقف العجلة الاقتصادية بها الى حافة العوز والجوع.

عليه، يجب التخطيط بشكل علمي وشفاف ودقيق لمرحلة ما بعد 8 شباط، خاصة ان عملية التلقيح ستطول ويرجح ان تمتد حتى 2022. حيث توازي خطة المرحلة القادمة بين درجة مخاطر فتح كل قطاع والحاجة الى إعادة العجلة الاقتصادية، مع الاستمرار بالطبع في تهيئة المستشفيات والتأكد من جهوزيتها من ناحية غرف العناية والأدوية وغيرها من المستلزمات وإعطاء أولوية التلقيح للعاملين في القطاع الصحي. يجب على هذا المخطط ان يأخذ في الاعتبار القواعد العامة الآتية:

1. تحديد المخاطر الناجمة عن عودة العمل في كل قطاع على حدة وبشكل علمي وشفاف بالتعاون مع الهيئات المسؤولة عن هذه القطاعات، والنقابات والجمعيات المهنية ولجان الموظفين والبلديات واللجان المحلية. هذا العمل الذي كان من المفترض القيام به منذ اشهر سيحدد القطاعات التي يمكن أن تعود الى نشاطها، بظل إجراءات الوقاية والتباعد الجسدي، وتلك التي وجب تأخير فتحها خاصة القطاعات التي ان شرعت ابوابها بطريقة غير مدروسة، ستؤدي إلى عودة انتشار المرض بسرعة كما حدث من قبل (مثلاً: المطاعم والحانات والأندية الرياضية الخ). هنا على سبيل المثال يمكن لقطاعات التعليم أن تستمر بإجراء الدروس عن بعد لِحين السيطرة على انتشار الوباء.

2. إعادة هيكلة بيئات العمل في العديد من القطاعات التي سيعاد فتحها (المسافات بين الموظفين والزبائن، عدد المناوبات، ساعات الحضور الى العمل، إلخ)، وتطبيق إجراءات وقائية صارمة في كل بيئة عمل للحد من انتشار المرض ولطمأنة العمال والموظفين والزبائن.

3. وضع سجل صحي للعمال والموظفين لتحديد ما اذا اصيبوا بالفيروس، مع زمن الاصابة والشفاء، بالإضافة الى الذين يجرون فحوصات الـ PCR مع الحفاظ على خصوصية هذه السجلات. هذا الاجراء يساهم في حماية الموظفين والزبائن وكذلك عودة المعافين الى العمل.


MISS 3