"الأمن سياسي"... وانشغال الجيش بأحداث طرابلس لم يصرفه عن ضبط خلية "داعشية"

01 : 59

قائد الجيش العماد جوزاف عون

إعتادت الطبقة السياسية أن تمارس هوايتها المفضلة في افتعال الخلافات والأزمات حول الاستحقاقات المختلفة دستورية كانت ام وظيفية ام غيرها، غير آبهة بانعكاسات خلافاتها احتقاناً في الشارع يترجم توترات متنقلة، وصولاً الى حد الاستهانة باستخدام الشارع من أجل تنفيذ أجنداتها السياسية.

وهذه الطبقة السياسية تمتهن ايضا حرفة رمي موبقاتها على الآخرين، ولا تلتفت الى كون ان الاحتقان السياسي الذي تفتعله يُكلف القوى العسكرية والامنية استنفاراً على مدار الساعة وجهداً كبيراً لمنع انفلات الامور وذهابها الى حيث لا تحمد عقباها.

وما حصل في طرابلس ومناطق اخرى أحد الامثلة الكثيرة المتناسلة عبر سنوات لا بل عقود من عدم مسؤولية من يُفترض ان يكونوا مسؤولين عن البلاد والعباد، وفي كل مرة تصل الامور على المستوى السياسي الى نقطة اللاعودة وتنفجر في الشارع، توجّه السهام الى المؤسسة العسكرية عبر اتهامها بما هو من صنع ايدي مكونات الطبقة السياسية، وبدل الخجل يمضون في وقاحة ما بعدها وقاحة بحيث تتحول هذه القوى السياسية خبيرة في ما يجب ان تتصرفه المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية.

وفي هذا السياق أوضح مصدر وزاري معني لـ "نداء الوطن" عن التطورات الاخيرة التي حصلت "مسجلاً النقاط الاساسية التالية:

اولاً: المؤسسات العسكرية والأمنية ليست في خدمة النظام بما يعني من طبقة سياسية انما في خدمة الشعب، والجيش هو جيش الوطن وليس جيش النظام والقوى الامنية على اختلافها هي قوى امنية للوطن وليس للنظام.

ثانياً: تمكّنت القوى العسكرية والامنية منذ 17 تشرين الاول 2019 وحتى يومنا هذا من التعامل وفق ما ينص عليه الدستور والقانون لجهة حماية حرية التعبير والتجمّع السلمي ومنع الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وبذلت جهوداً مضنية لتحقيق ذلك الامر الذي كلفها خسائر بشرية ومادية كبيرة.

ثالثاً: من المفيد ان تتنبه القوى السياسية الى حقيقة انه لا يمكن للجيش ولا للقوى الامنية ان تتعامل مع الوقائع الميدانية غب طلب هذا الفريق او ذاك، انما يعود اليها وحدها تقدير الموقف واتخاذ الاجراءات المناسبة بما يحفظ الامن والاستقرار والسلم الاهلي وحرية التعبير.

رابعاً: ان محاولة الايحاء بأن هناك خللاً في التنسيق بين الاجهزة العسكرية والامنية هو كلام مردود على مطلقيه، كما ان حملات الاتهام بالتقصير او غيرها ايضا مردود على مطلقيه، لان التنسيق قائم على اكمل وجه ولولا هذا التنسيق لكان الكثير من الامور الميدانية ذهبت في مسارات خطيرة.

خامساً: ما حصل في ليلة التخريب الكبرى في طرابلس تم التعامل معه بدقة كبيرة وبحرفية متناهية، لانه اذا كان الهدف لأخذ الامور الى مواجهة مباشرة مع مندسين يريدون سفك الدماء، فان مسؤولية القوى العسكرية والامنية الحيلولة دون الوقوع في الشرك المنصوب لها، وبالفعل تمكنت من تفويت الفرصة على الساعين لاستعادة مشهد جولات العنف في طرابلس".

واضاف المصدر "ان اللوم في مسألة حريق بلدية طرابلس ليس في مكانه ايضاً، لانه عندما توجهت اطفائيات الدفاع المدني للقيام بعملية اخماد الحريق اعترضها مندسون وصادروا مفاتيح الآليات الأمر الذي استدعى تحركاً سريعاً باتجاه البلدية بعدما كان التركيز على السراي، ولولا اعاقة عمل الدفاع المدني من قبل مندسين لما كان حصل الحريق بالحجم الذي انتهى اليه".

واشار المصدر الى ان "ما تتحمله القوى العسكرية والامنية وبالامكانات المتوافرة يفوق قدرة جيوش وقوى مجهزة بأحدث التقنيات والمعدات، فكيف ولبنان ساحة مفتوحة على تحديات كثيرة ابرزها:

1- خطر العدو الاسرائيلي ومتابعة محاولات خرقه الداخل اللبناني والصراع مع الموساد الاسرائيلي طويل وممتد ومستمر.

2- خطر الارهاب التكفيري، اذ تكفي الاشارة الى انه في الوقت الذي كانت قوى الجيش منشغلة بأحداث طرابلس كانت ترصد خلية نائمة لتنظيم "داعش" الارهابي في منطقة عرسال وتمكنت من توقيف افرادها وسوقهم الى التحقيق والعدالة، والاعترافات الاولية تشير الى ان هذه الخلية كانت تخطط لعمليات امنية خطيرة تستهدف بشكل مباشر الجيش اللبناني، مستخدمين مصطلحاً جديداً وهو "فرم" الجيش ومخابراته أينما وجدوا.

3- متابعة تطورات الاوضاع الداخلية من تظاهرات وقطع طرقات ومنع انفلات الامور، ناهيك عن متابعة متواصلة للنازحين السوريين والمخيمات الفلسطينية والمجموعات الاجرامية التي تمتهن القتل والخطف والسلب والسرقة واللائحة داخليا تطول".

ولفت المصدر الى ان "مشكلة الطبقة السياسية مع الجيش، ان قائد الجيش العماد جوزاف عون ومنذ تسلمه القيادة قطع دابر التدخل السياسي في كل ما يتصل بالجيش، ان على صعيد امتحانات التطويع على كل مستوياتها او في شغل الوظائف الاساسية او في التشكيلات، مقدماً الكفاءة والاقدمية على اي اعتبار، ولا يخفى ان من اسباب الحنق هو عدم السماح لاي جهة سياسية بالتدخل في التشكيلات الاخيرة".

وجدد المصدر التأكيد على "ثابتة مفادها انه مهما حارت ودارت القوى السياسية فإن الاستقرار السياسي عامل قوة اساسي لفرض الاستقرار الامني، ويُفترض بالجميع معرفة ان الامن في لبنان هو سياسي قبل ان يكون امنياً".


MISS 3