"الجنائيّة الدوليّة" تأمر بإعادة فتح ملف "أسطول الحرّية"

10 : 43

حادث "مافي مرمرة" أدّى إلى تدهور العلاقات الديبلوماسيّة بين أنقرة وتل أبيب (أ ف ب)

في أحدث خطوة ضمن المعركة القضائيّة المستمرّة منذ سنوات في لاهاي، أمرت المحكمة الجنائيّة الدوليّة أمس، مدّعيتها العامة، للمرّة الثانية، بإعادة النظر في ما إذا كان ينبغي ملاحقة إسرائيل في قضيّة هجومها الدامي على أسطول مساعدات كان متوجّهاً إلى قطاع غزة العام 2010، والذي عرف باسم "أسطول الحرّية"، بحيث طلب قضاة الاستئناف من المدّعية العامة فاتو بنسودا، اتّخاذ قرار بحلول كانون الأوّل في شأن مسألة إعادة النظر في القضيّة. وقالت رئيسة محكمة الاستئناف سولومي بالونغي بوسا للمحكمة: "على المدّعية أن تُعيد النظر في قرارها بحلول 2 كانون الأوّل 2019"، مشيرةً إلى أن غالبيّة القضاة أيّدوا هذا القرار، فيما عارضه اثنان.

وتعرّض أسطول نظّمته جمعيّة تركيّة مقرّبة من الحكومة الاسلاميّة المحافظة في أنقرة، لهجوم في 31 أيّار 2010 من قبل وحدة من القوّات الخاصة الإسرائيليّة، حين كان في المياه الإقليميّة في طريقه إلى قطاع غزة الخاضع لحصار إسرائيلي. وقُتِلَ في الهجوم عشرة أتراك على متن سفينة "مافي مرمرة"، ما أدّى إلى تدهور العلاقات الديبلوماسيّة بين أنقرة وتل أبيب. وكانت جزر القمر، الدولة المطلّة على المحيط الهندي وحيث كانت السفينة مسجّلة، أولى الجهات التي رفعت الدعوى ضدّ إسرائيل. وقرّرت بنسودا العام 2014 عدم ملاحقة إسرائيل، معتبرةً أن الوقائع "ليست على درجة كافية من الخطورة"، ما يعني أنّه يُمكن اعتبار القضيّة غير مقبولة بالنسبة إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة. وأكّدت المدّعية العامة قرارها العام 2017، بعدما أمرتها المحكمة الجنائيّة بإعادة النظر في القضيّة.

لكن في انتكاسة جديدة بالنسبة إلى بنسودا، بعد عدد من الإخفاقات عالية المستوى، قرّر قضاة الاستئناف أمس أن عليها النظر مجدّداً في مسألة توجيه اتهامات إلى إسرائيل، التي وبالرغم من أنّها ليست عضواً في المحكمة، إلّا أنّه يُمكن ملاحقة مواطنيها قضائياً. وانتقد قضاة الاستئناف بنسودا بأشدّ العبارات، مشيرين إلى أنّها "افترضت خطأ" أن بإمكانها عدم الاتفاق مع التعابير القانونيّة التي وضعها قضاة قبل المحاكمة. واعتبر القضاة أن "اللهجة المؤسفة التي استخدمتها المدّعية العامة للتعبير عن اعتراضها تُظهر أن معلوماتها خاطئة تماماً في شأن المطلوب منها". لكنّهم شدّدوا على أنّها صاحبة "القرار النهائي في شأن توجيه اتهامات أم لا". كذلك تعرّضت بنسودا، التي ستُغادر منصبها في 2021، إلى انتقادات في الأشهر الأخيرة بعد انهيار عدد من القضايا الأخرى.

وتدهورت العلاقات بين تركيا وإسرائيل بعد الهجوم، لكن البلدَيْن اتفقا لاحقاً على إنهاء النزاع عقب محادثات سرّية. وانتهى التوتر بينهما بتوقيع اتفاق في حزيران 2015، دفعت إسرائيل بموجبه تعويضات بقيمة 20 مليون دولار لعائلات القتلى، كما قدّمت اعتذاراً رسمياً عن الغارة وسمحت لأنقرة بتوزيع مساعدات إنسانيّة في غزة عبر الموانئ الإسرائيليّة، في حين أطلقت الجنائيّة الدوليّة بشكل منفصل العام 2015 تحقيقاً أولياً في شأن الاتهامات المرتبطة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة في إسرائيل والأراضي الفلسطينيّة، غداة حرب غزة. لكن لا يزال على بنسودا التحرّك نحو المرحلة المقبلة، وفتح تحقيق شامل قد يؤدّي إلى توجيه اتهامات.

وتحمل القضيّة حساسيّة عالية عالمياً، بحيث هدّد مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون العام الماضي بتوقيف قضاة المحكمة الجنائيّة الدوليّة في حال تحرّكوا ضدّ إسرائيل أو الولايات المتّحدة. ويُذكر أن أياً من تل أبيب أو واشنطن غير منضويتَيْن في المحكمة الجنائيّة الدوليّة، التي تأسّست العام 2002، للنظر في أسوأ جرائم العالم، بما فيها جرائم الحرب وتلك التي تُرتكب ضدّ الإنسانيّة.

إلى ذلك، رفعت إسرائيل القيود المفروضة على دخول شحنات الوقود إلى غزة لتوليد الكهرباء، بعد أسبوع من خفض الكمّيات بمقدار النصف، بسبب تجدّد التصعيد بين الطرفين، بحسب ما أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيليّة أمس. وتفرض إسرائيل حصاراً مستمراً على غزة منذ أكثر من عشر سنوات، تبرّره بدواع أمنيّة.


MISS 3