ترميم فسيفساء بيزنطية في الأردن

02 : 00

يجثو السوري وليد العوض وزميله الأردني طه الخزاعلة على ركبتيهما منهمكين في استعادة رونق أرضية من الفسيفساء بيزنطية في كنيسة من القرن السابع في رحاب في شمال الأردن.

ويعمل الرجلان ضمن برنامج لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"، قدّم منذ انطلاقه عام 2019 نحو 300 فرصة عمل بدعم من الحكومة الألمانية، ويهدف الى المساهمة في محاربة الفقر والبطالة مع حفظ التراث.

ويعمل العوض، الذي خسر بيته وكل ما يملك في درعا جنوب سوريا عام 2012 بعد فراره من الحرب في بلده الى الأردن، وزميله الخزاعلة، الذي يقطن رحاب في محافظة المفرق (نحو 70 كلم شمال عمان)، بدقة على ترميم الأرضية في كنيسة يوحنا المعمدان التي بنيت عام 619 ميلادي.

ويطرق الاثنان قطع حجارة صغيرة، بألوان بينها البني والأسود، بمطرقة صغيرة وبدقة متناهية ويضعانها على أرضية الفسيفساء ثم ينظفان حولها بعناية بمشرط وقطعة من الإسفنج.

وتضم الفسيفساء أشكالاً هندسية وأخرى تمثل نباتات ونهري دجلة والفرات. كما توجد كتابة باليونانية مكتوب فيها: "أرضية الكنيسة رصفت وأهديت الى القديس يوحنا المعمدان على نفقة المال العام المقدّم من الأهالي".

ويشرف الخبير الإيطالي فرانكو شوريللي على ترميم الموقع منذ تشرين الأول 2020 على أن يكتمل العمل نهاية أيار المقبل. ويقول إن فسيفساء رحاب "كنز" يحتاج مزيداً من الاهتمام. ويوضح أن "الفسيفساء هنا بسيطة وأسلوبها خاص بالمنطقة ومختلفة عمّا نراه في الخارج. يجب أن نعرّف العالم عليها".

وأنجز فريق العمل ذاته الشهر الماضي ترميم فسيفساء كنيسة القديسة مريم التي بنيت عام 543 ميلادي في رحاب أيضاً.

وتضم قرية رحاب 32 كنيسة أثرية، خمس منها فقط تظهر بقاياها للعيان، بينها كنيسة القديس جاورجيوس المبنية عام 230 ميلادي والتي تعد من أقدم كنائس العالم. بينما تغطي الرمال الأخرى. وهُجرت تلك الكنائس التي اكتشف معظمها بين عامي 1999 و2002، تدريجياً منذ العصر الأموي وحتــــى القرن التاسع.

وتشير مسؤولة المشاريع في قسم الثقافة في "اليونسكو" دانيا ديراني الى أن المشروع "يمتلك هدفين أساسيين هما أولاً حفظ التراث وثانياً توفير فرص عمل لأهل المنطقة". وتتراوح الأجور بين 12,5 ديناراً (17,6 دولاراً) يومياً و15 ديناراً، إضافة الى وجبات الطعام والمواصلات.

ويفتخر العوض بعمله ضمن مشروع "فرص العمل لصون التراث الثقافي في الأردن"، مؤكداً أنّ "هذه معالم تاريخية يجب الحفاظ عليها وصيانتها وترميمها". ويضيف: "أنقذ المشروع وضعي المادي، إذ ليس هناك عمل"، مشيراً الى أن لديه ستة أطفال أصغرهم طفلة بعمر أربع سنوات وأكبرهم شاب بلغ الثامنة عشرة.

ويلفت العلماء الى أن المشروع الحالي يمهد الطريق لمشروع أكبر للحفاظ على التراث في ستة مواقع في شمال الأردن، كما أنه يوفر أكثر من ألف فرصة عمل ولمدة عامين.


MISS 3