فادي كرم

البقاء في القصر - الإنقلاب على الدستور

22 شباط 2021

02 : 00

بدأت تحضيرات الفريق الرئاسي الدؤوبة، لوضع خطّةٍ تخريبية لضرب الدستور بعرض حائط التعقيدات المفتعلة والعراقيل المدروسة، المُدعّمة بالتجييش الطائفي، والشدّ العصبي، والتعطيل الكامل، وصولاً الى فرض التمديدات المتتابعة، من نيابية الى رئاسية. فإبقاء ميشال عون ما أمكن من وقت في القصر الجمهوري، والتفاوض على التوريث لجبران باسيل. القرار اتُّخذ، ولن يتمّ التخلّي عن السلطة. فالأنظومة الحاكمة تُدرك انّها من اللحظة التي تترك المواقع الرسمية، ستذهب مجرورةً الى المحاكم، وستُدفن في مزابل الحكّام الظالمين، الوقحين، السيّئي الذكر.

إحترام القوانين ليس القاعدة المُتّبعة من قبل "أنظومة الأكذوبة"، بل الالتجاء لأجهزة الفبركات والإثارات المذهبية، والعصبيات المجنونة الغبيّة، هو الاسلوب الدائم لها عند افتراق الرئاسيات. فمع خسارة الأنظومة، ليس فقط للتأييد الشعبي، والدعم الرسمي الداخلي والخارجي، بل ايضاً للقدرة على تجسيد الأمر الواقع الذي تبتغيه، يبقى السؤال؛ كيف ستتعامل القوى السياسية الشعبية الحيّة، والأمنية الشرعية، مع هذا الوضع؟ وهل ستنتقل هذه القوى الى مشروع الإسقاط الفعلي للأنظومة، أو ستبقى بتعايشٍ انتحاري معها؟؟؟

لا أمل في تغيير الأوضاع الوطنية المتوجّهة حتمياً الى الانهيارات الواحد تلو الآخر، على جميع القطاعات، إلا بتغيير السلطة الحاكمة، من أكبرها حتى أصغرها، مروراً بجميع المواقع المُعيّنة من قبلها، لخدمتها ولزبائنيتها. وهنا تقع المسؤولية التاريخية على القوى السياسية المعارضة، والقوى الشعبية المنتفضة، فالنهايات السعيدة لنضالات الشعوب، مرتبطة بشكل أساسي بأداء قواها المدنية والحزبية. ففي لبنان، نجحت هذه القوى بإسقاط القناع عن مشروع "حزب الله" الإلغائي، ومشروع "التيار الوطني الحرّ" السلطوي والفاسد، واللّذين تمثّلا باتفاق مار مخايل، الذي أعطى الغطاء للدويلة للتمادي بمشروعها المُناقض تماماً لمفهوم الدولة.

يختلف أفرقاء المعارضات على تحديد الأولويات، فمنهم من ركّز على معركة إسقاط رئيس الجمهورية كخطوة أولى، ومنهم من ذهب الى إسقاط المهندس المالي الأول للسلطة، أي حاكم مصرف لبنان، ومنهم من شنّ حملاته لمنع عودة الرئيس سعد الحريري الى موقع رئاسة الحكومة، ومنهم من طالب بإسقاط المجلس النيابي اولاً، ومنهم من راهن على مطالبات البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، لحياد لبنان، ودعوته الى مؤتمر دولي حول لبنان. وإن كانت الواقعية تتطلّب النظر في جميع هذه المطالبات المُحقّة، فالحكمة تتطلّب التوحّد على الهدف الأول، وإصابته لاسقاطه، فتكرّ سبحة ربط النزاعات والمصالح لأفرقاء السلطة. هذه المعادلة التي شكّلت حتى الآن القوة التي منحتهم التعاضد الدفاعي لمنع سقوطهم، ولكن بإسقاط الهدف الأول، ستتحوّل الى قوة، تفكّ أول عقدة للسلسلة، وتصبح بذلك المصالح الرابطة، فضائح متبادلة، كفيلة بفرط عقد التشابك.

الحلّ بيد القوى الشعبية والسياسية الحرّة، فإمّا تصنع النهايات السعيدة للمعارك الشريفة لشعبٍ عانى الويلات من سلطاتٍ فاسدة وخائنة، وإمّا تُشارك في جعل قصّة هذا البلد من القصص التي لا نهاية لها إلا بالتكرار والتكرار حتى الممات.