ريتا ابراهيم فريد

"في أمل" على "لبنان الحر"... يسير بعكس الجوّ العام

22 شباط 2021

02 : 00

هو برنامج لا يشبه غالبية ما نشاهده أو ما نسمعه اليوم. يشقّ طريقه بين الأخبار اليومية السلبية، يقتحم الروح بنبض جديد، ويشعّ فرحاً وأملاً بين كل هذا السواد. برنامج "في أمل" من إعداد وتقديم الإعلامية ريم حرب شواح، الذي انطلق منذ أسابيع قليلة عبر أثير إذاعة "لبنان الحر"، يحاول أن يستمدّ لوناً متجدّداً للحياة داخل وطن جريح لم يعتد أن ينهزم أمام أيّ جرح، وشعب يتخبّط بين كل أنواع الأزمات. أربعون دقيقة مفعمة بالإيجابية تنسكب هادئة في أذن المستمعين، حيث يسير البرنامج بعكس الجوّ العام الذي يسوده التشاؤم. يذكّرنا بأنّنا شعب مسكون بالأمل، وبأنّ كلّ هذه المعاناة ستنتهي، والأمل سيشتعل مجدّداً ويحرق الظلام. "نداء الوطن" تواصلت مع الإعلامية ريم حرب شواح للإضاءة أكثر على "في أمل" وعلى الإيجابية التي ينشرها.

كيف انطلقت فكرة البرنامج؟

أردتُ أن أقدّم عملاً مختلفاً عن الجو العام، كي يكون أشبه بنقطة نور في ظلّ الظروف السيئة التي نمرّ بها. فوطننا يتألّم، واللبنانيون ملّوا البرامج السياسية، والغالبية منهم باتت تشعر باليأس. ومن هُنا تأتي ضرورة الإضاءة على الأمور الإيجابية، لأن الشعب بحاجة لأن يتنفّس القليل من الأمل.


ما هي أبرز الصعوبات التي تواجهك؟

الصعوبة الأساسية هي صعوبة الإعداد. فأنا أقوم بمفردي بتحضير جميع الفقرات وتأمين الضيوف. والفقرة الأولى التي تحمل عنوان "طائر الفينيق"، هي فقرة تاريخية تسلّط الضوء في كل حلقة على أزمة عانت منها إحدى الدول خلال حقبة معيّنة من تاريخها، وكيف استطاعت أن تتغلّب عليها وتنهض مجدداً، ثم مقاربتها مع الوضع اللبناني. البحث التاريخي في هذه الفقرة يستغرق وقتاً ومجهوداً، إضافة الى ضرورة التأكّد من كل تفاصيل المعلومات الواردة، ثم محاولة اختصارها في خمس دقائق. أما فقرة "أخبار حلوة"، فالصعوبة فيها تكمن في العثور على هذا النوع من الأخبار في ظلّ الظروف السيئة التي نمرّ بها.


ماذا عن تأمين الضيوف في الفقرات الباقية؟

في فقرة "باقيين" أستضيف شاباً أو شابة في معظم الاحيان من طلاب الجامعات، رفضوا الهجرة ليخبرونا كيف يقاومون، أو أشخاصاً من الجيل الشاب كانوا في بلاد الاغتراب ثم عادوا للاستقرار في لبنان وتأسيس مشروع أو استثمار هُنا.

إضافة الى أشخاص صمدوا في أرضهم خلال مرحلة سابقة رغم الحرب أو الظروف الصعبة التي واجهتهم، حيث يقدّمون خبرتهم للجيل الشاب، ويؤكدون أنّ ما مرّوا به في السابق لا يقلّ صعوبة عمّا نمرّ به اليوم. في البداية شعرتُ بالقلق من صعوبة العثور على هذا النوع من الأشخاص، لأنّ الجو العام مستسلم أو مهاجر. لكني بتّ أتفاجأ يوماً بعد يوم بكمية الشباب الذين يرفضون الاستسلام. أما فقرة "شهادتك ملهمة" التي أستضيف خلالها أشخاصاً عانوا من ظروف صعبة، وانتصروا عليها من خلال الأمل والإيمان، فالأمر ليس صعباً لأني محاطة بجماعات صلاة عدة. والفقرة الأخيرة هي عبارة عن تسجيل صوتي لا يتجاوز الدقيقة الواحدة لأحد المشاهير، يقدّم فيه نصيحة أمل للمستمعين، الصعوبة هُنا تكمن أحياناً في التواصل مع هؤلاء المشاهير.





لماذا الإصرار على الفقرات الخمس، علماً أنّ البرنامج كان يمكن أن يقسم الى خمسة برامج؟

أردتُ أنّ تكون الفقرات متنوّعة، سريعة، وغير مملّة. وكمستمعة قبل أن أكون صحافية، سأشعر بالملل إذا استمعتُ الى برنامج إذاعي يعالج موضوعاً واحداً لمدّة أربعين دقيقة. والأهمّ أني حين قرّرتُ تقديم برنامج يساهم في إعطاء الأمل للناس، أردتُ له أن يشمل مجموعة كبيرة من أوجه الأمل، لا أن يقتصر على موضوع واحد.

كيف تجدين الأصداء؟

البرنامج يحصد تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث تنتشر على فيسبوك وإنستغرام مقاطع فيديو لمتابعين يستمعون من مناطق مختلفة الى الحلقة خلال بثّها، مرفقة بوسم "في أمل" مع اسم المنطقة. وبرأيي أنّ ذلك يعكس حاجة الناس للفرح وتعطّشهم للأخبار الإيجابية.

ما هو التعليق الذي لفتك أكثر من غيره؟

أتلقى تعليقات رائعة بعد كل حلقة، لا سيّما من بعض الذين يصرّحون بأنّهم كانوا محبطين، لكنّ البرنامج وفقراته أدخل الى نفوسهم بعض الفرح. كما أنّ سياسيين وصحافيين من الطراز الرفيع اتصلوا بي لتهنئتي. وتأثّرتُ كثيراً حين تواصل معي أحد المسؤولين الكنسيين الذي أثنى على البرنامج مشيراً الى أنّ إعادة إحياء الأمل في النفوس اليوم هو أحد أهداف الكنيسة، وأضاف أنّ الكنيسة لو نوت أن تطرح برنامجاً إذاعياً، سيكون شبيهاً بهذا البرنامج. حتى أنّ معالجة نفسية كشفت لي أنّها باتت تنصح بعض المرضى بالاستماع الى البرنامج، حتى تحوّل "في أمل" الى علاج للحزن والإكتئاب.

في إحدى الفقرات تستضيفين أشخاصاً يروون شهادات حياة عن ظروف صعبة مرّوا بها وانتصروا عليها من خلال الأمل والإيمان. أي شهادة أثّرت بك أكثر من غيرها؟

جميع الشهادات رائعة. وجميعها تركت في داخلي أثراً في مكان ما ودهشة أمام عظمة عمل الرب. مثلاً شهادة الطفل أنطوني نحول الذي وُلِد من دون أطراف، وكيف استطاع من خلال الإيمان أن يثابر ويؤسّس شركته الخاصة. أو الشابة كريستال التي تعاني من أمراض عدة، إلا أنّها شخص مفعم بالايمان وبالأمل.

ما هي نصيحتك للأشخاص الذين يعجزون اليوم عن إيجاد الأمل؟

أقول لهم أن يقرأوا تاريخ أجدادنا الذين مرّوا بظروف أصعب بكثير من التي نمرّ بها اليوم. لكنّهم قاوموا وحافظوا على هوية لبنان وعلى رسالتنا في هذا الشرق. علينا أن نعود الى الكتاب المقدّس، فهو ليس مجرّد كتاب تاريخ، بل هو كتاب حيّ يتحدّث إلينا يومياً. الصلاة ثمّ الصلاة ثمّ الصلاة هي الحلّ الوحيد للشفاء ولتجاوز أي أزمة.

على الصعيد الشخصي، ما الذي يعطيكِ القوة للاستمرار في إعطاء الأمل؟

أنا زوجة وأمّ لطفلين ولديّ مسؤوليات وواجبات عائلية، إضافة الى عملي. وبالطبع أشعر أحياناً بتعب جسدي كبير، لكن ما إن أطأ عتبة الاستديو لتسجيل الحلقة حتى أمتلئ بالقوة وبطاقة إيجابية غريبة، وأشعر أنّ الرب يمنحني القوة، ففي ضعفي تكمن قوّته.


MISS 3