ريتا ابراهيم فريد

في اليوم العالمي للإذاعة...كيف حافظ الراديو على حضوره وسط المنصّات الرقمية؟

13 شباط 2023

02 : 01

رغم كلّ التطوّر التقني الذي طال وسائل الإعلام، وفي ظلّ المنافسة الشرسة التي فرضتها المنصّات الرقمية، لكن الراديو بقي صامداً. ورغم أنّ بعض الإذاعات لم تغب عن المواكبة التكنولوجية لناحية نشر فقرات بالصوت والصورة أو الظهور بتقنية "اللايف"، لكنّها حافظت في الوقت نفسه على هويّتها. وفي اليوم العالمي للإذاعة الذي حدّدته اليونسكو في 13 شباط، تواصلت "نداء الوطن" مع عدد من المذيعين والمذيعات الذين تحدّثوا عن أبرز العوامل التي دعمت صمود الإذاعة وأهمية اختيار المضمون الذي يستقطب الفئات الشبابية.









إيلي مرهج: المضمون وشخصية المذيع يتكفّلان بجذب المستمعين



يشدّد الإعلامي إيلي مرهج (مقدّم برنامج The Road Show عبر راديو "دلتا") على أنّ الوسائل الإعلامية التقليدية لا تزال تحتفظ بمكانة خاصّة رغم كل التطوّر التقني، ويعبّر عن امتعاضه من بعض منصّات التواصل الإجتماعي التي فتحت المجال أمام أيّ كان ليكون "إعلامياً" حتى لو لم يكن على المستوى المطلوب، ويوضح "على "تويتر" مثلاً، هناك كمّية هائلة من الكراهية والشتائم المتبادلة، وهو ما لا يمكن أن نجده على الإذاعة التي تبقى وسيلة راقية ومسلية في الوقت نفسه. الراديو موجود اليوم في كلّ السيارات. ومع التطوّر التكنولوجي بات يمكن الاستماع الى الإذاعة عبر الأونلاين أو تطبيقات الهاتف".

من جهة أخرى، لا يؤيّد إيلي النظرية التي تعتبر أنّ الوسيلة الإعلامية هي التي تحدّد الفئة العمرية لجمهورها، مشيراً الى أنّ المضمون هو من يتكفّل بذلك. ويعطي مثالاً عن برنامجه الذي يبثّه من داخل استديو متنقّل بين الناس في الشوارع ويقول: "هذه الفكرة غيّرت قليلاً من الشكل التقليدي للبرامج الإذاعية التي كان يقتصر حضور المذيع فيها على التواجد داخل الاستديو. وحيث أنّ توقيت بثّه يتراوح بين الساعة الرابعة والنصف والسادسة بعد الظهر، فهو يتيح لي أن أتواجد مع الناس خلال زحمة السير وأعيش هذا التوتّر معهم، وهو أمر قد يجذب انتباه المستمعين حين يرون الشاحنة التي طُبع عليها اسم البرنامج مع تردّد الإذاعة ورقم الهاتف، ويتيح مجالاً أكبر للتواصل. إضافة الى أنّني أتعمّد طرح مواضيع جريئة تهمّ الفئات الشبابية، خصوصاً تلك التي يعتبرها البعض محرمة، علماً أنّ الطريقة الراقية في التقديم وشخصية الإعلامي يلعبان دوراً أساسياً في استقطاب الجمهور".





ألين شمعون: تتيح للمستمع حرية رسم الأحداث في ذهنه

تشير الإعلامية ألين شمعون الى أنّ الإذاعة تساهم في تطوير الوعي لدى المستمعين، خصوصاً حين يتشاركون آراءهم على الهواء ويتبادلون وجهات النظر المختلفة حولها. وتعتبر أنّ نقطة القوة التي أتاحت للإذاعة أن تحافظ على حضورها، هي أنّها تمنح للمستمع الحرية في أن يرسم الأحداث في ذهنه أثناء قيادته السيارة أو ممارسته نشاطات مختلفة، ما يساهم في تنمية المخيّلة لديه، على عكس بقية الوسائل الإعلامية التي تقدّم للمتابع شكلاً جاهزاً للصورة التي تريدها. إضافة الى أنّ الإذاعة وسيلة تتيح للجمهور أن يعبّر عن رأيه في إطار ضوابط، على عكس مواقع التواصل الإجتماعي التي تشكّل أرضاً خصبة للتجريح.

تجدر الإشارة الى أنّ ألين تقدّم برنامجاً صباحياً عبر إذاعة «صوت المدى»، حيث تطرح يومياً مواضيع لافتة تفتح المجال فيها للمشاركات وتبادل الآراء. وتوضح في هذا الإطار «كان هدفي الأساسي أن يشكّل البرنامج استقطاباً لكل الفئات العمرية، خصوصاً فئة الشباب. وهذا ما سعيتُ لتحقيقه من خلال الفقرات المتنوّعة والمواضيع التي تهمّ الجميع. واليوم يشارك معنا شبان وشابات وربّات بيوت وكبار سنّ وطلاب جامعات، وحتى التلاميذ أثناء توجّههم الى المدرسة. بالتالي نجحنا في خلق توازنٍ بين المستمعين من كبار السنّ وبين الفئة الشبابية التي تجسّد المستقبل. وأحياناً تحصل نقاشات بين الجيلين، وهو أمر رائع ومفيد». ولفتت الى أنّها متأثّرة جداً بفيلم Good morning Vietnam لروبن ويليامز، الذي تدور أحداثه خلال حرب الفيتنام، حيث كان المذيع يطلّ يومياً ويقدّم مادة مسلية ومضحكة ترفّه عن المواطنين وتنسيهم قليلاً ويلات الحرب، مشيرة الى أنّها تحاول نوعاً ما أن تقتدي به في برنامجها، حيث أنّنا بأمسّ الحاجة الى الترفيه في ظلّ الظروف الصعبة التي نمرّ بها اليوم. وإذ تشدّد ألين على أهمّية مواكبة الإذاعات للتكنولوجيا، تصرّح بأنّها تميل شخصياً للحفاظ على خيطٍ رفيع يربطنا بالشكل التقليدي للإذاعة كي لا تفقد هويّتها.





أندريه داغر: حمت نفسها من مهاترات الرايتنغ

يشير الإعلامي أندريه داغر الى أنّ الإذاعة هي أكثر من تمسّكت بجودة ورقيّ المحتوى الذي تقدّمه نسبة لبقية الوسائل الإعلامية، حيث أنّها لم تنخرط كثيراً في مسائل «الترند» وفورات السوشيل ميديا واستضافة أشخاص بهدف تحقيق الرايتنغ حتى لو كانوا فارغين من المضمون. وإذ حمت نفسها من الدخول في هذه المهاترات، حافظت على حضورها رغم كلّ التطوّر التكنولوجي.

أندريه الذي يقدّم برنامجاً يومياً عبر إذاعة «صوت لبنان»، يرفض المقولة التي تعتبر أنّ جمهور الراديو بات حكراً على كبار السنّ، ويؤكّد أنّ هناك مستمعين من مختلف الفئات العمرية من ربات منازل ورجال أعمال وطلاب، ويضيف أنّ الإذاعة تلمس ذلك من خلال الاتصالات والمشاركات التي تتلقّاها، خصوصاً من جيل الشباب الذي يتفاعل عبر مواقع التواصل الإجتماعي مع كافّة المواضيع المطروحة.

من جهة أخرى، يصرّح أندريه بأنّه شخصياً من المتحيّزين للشكل الكلاسيكي للراديو الذي يتّكل على المضمون بالدرجة الأولى، ومن ثمّ صوت المذيع الذي يجذب المستمعين ويوقظ فيهم الفضول لرؤية شكله. لكنّه يحبّذ فكرة مواكبة التكنولوجيا، وهذا ما قامت به إذاعة «صوت لبنان» التي أطلقت Web tv وباتت تبثّ فقرات وبرامج عدّة بالصوت والصورة، الأمر الذي لاقى استحساناً خصوصاً من الذين يمضون وقتاً طويلاً عبر مواقع التواصل، وبالتالي نجحت الإذاعة في استقطاب متابعين جدد.






ريم حرب شواح: منبر للتواصل بين المواطن والمسؤول


من جهتها، تشير الإعلامية ريم حرب شواح الى أنّها تعمل في وسائل إعلامية مختلفة بين المرئي والمكتوب والمسموع، لكنّ الإذاعة تبقى الأحبّ الى قلبها، حيث أنّها تخلق تحدّياً للإعلامي للعمل على إيصال رسالته من خلال الصوت فحسب. وتضيف أنّه رغم تقلّص حضور الراديو في المنازل، لكنّه في المقابل لا يزال حاضراً بقوّة في السيارات. إضافة الى أنّ الإذاعة هي المساحة الأوسع التي يمكن للمواطن من خلالها أن يتّصل للتعبير عن رأيه وعرض مشاكله والتنفيس عن غضبه، حيث يجد أمامه منبراً مسموعاً يضعه في تواصل مباشر مع المسؤولين السياسيين. وكذلك في البرامج الإجتماعية التي تفتح المجال أمام المستمع للتواصل مع أطباء أو معالجين نفسيين أو محامين أو إختصاصيين في مجالات مختلفة، وقد يستفيد أحياناً من الحلول. كما أنّ الإذاعة تعتبر مصدراً أساسياً للمعلومات الموثوقة التي تصدر عن لسان ضيوفٍ مختصّين، وهي عوامل أساسية أتاحت للإذاعة أن تحافظ على حضورها بهذه القوة. وفي السياق، تشدّد ريم على أهمّية أن تواكب الإذاعة التطور التكنولوجي السريع الذي طال مختلف تفاصيل حياتنا، على أن تحافظ في الوقت نفسه على هويتها وأن تبقى ملجأ للمستمعين.

ريم التي تقدّم عبر إذاعة «لبنان الحرّ» برنامج «في أمل»، تشير الى أنّه يتوجّه الى كلّ الأعمار، وخصوصاً الشباب الذين يشكّلون النسبة الأعلى من الضيوف. فهم يطلّون أسبوعياً ويتحدّثون عن رؤيتهم للبنان وعن أسباب تشبّثهم بالبقاء فيه. كما أنّ البرنامج يضيء على إنجازاتهم وأخبارهم الإيجابية وشهاداتهم الملهمة. بالتالي أصبح الشباب بحدّ ذاتهم المادّة الإذاعية والمضمون الذي ينشر الأمل.



MISS 3