روحاني يعلن "الخطوة الثالثة" لخفض التعهّدات النوويّة

طهران تختنق... وترامب عازم على تجفيف نفطها

01 : 33

بعد مسارٍ طويل من الصمود والمكابرة، تجد الجمهورية الإسلامية في إيران نفسها أمام لحظة حقيقة لم تعد تنفع معها "حياكة" الأنفاس الطويلة التي لطالما اشتهرت بها على مرّ العصور والمراحل. فطهران ما قبل دونالد ترامب ليست كما بعده، وها هي بالكاد تلتقط أنفاسها تحت وطأة اشتداد الخناق الأميركي حول عنق اقتصادها، ولم تُجدِ كل محاولات استمالة الأوروبيين نفعاً في مدّ يد الغوث إلى الخزينة الإيرانية الآخذة بالتصحّر رويداً رويداً، وصولاً إلى مجاهرة الولايات المتحدة في الأمس بعزمها على تجفيف موارد النفط الإيراني... ليبقى السؤال ماذا بقي للقيادة الإيرانية في المواجهة بعدما أنهكها "العم سام" وبدت ملامح الاختناق جلية على كيانها ونظامها، وماذا سيكون خيار "المرشد": الذهاب إلى الطاولة في واشنطن أم قلب الطاولة في الشرق الأوسط؟

إذاً تتوالى الضربات الأميركيّة الموجعة على النظام الإيراني، الذي بات ينزف بغزارة مع نجاح سياسة تصفير صادراته النفطيّة إلى حدّ كبير، ما أدّى إلى تعميق جروح الإقتصاد الإيراني المحتضر، بحيث أُنهكَت قطاعاته المنتجة كافة، والتي لم تعد تحتمل الاستمرار في ظلّ الظروف القاسية الحاليّة. وفي أحدث اللكمات، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، تستهدف "شبكة للنقل البحري" متهمة ببيع النفط في شكل غير قانوني، في وقت لم يستبعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقاء نظيره الإيراني حسن روحاني على هامش الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة أواخر أيلول، لافتاً إلى أنّه لم يتّخذ أيّ قرار بعد.

وأوضحت وزارة الخزانة الأميركيّة في بيان، أن هذه العقوبات تشمل 16 كياناً و11 سفينة و10 أفراد. وأكّدت الخزانة أن الشبكة التي طاولتها العقوبات "يقودها "فيلق القدس" وحليفه الإرهابي "حزب الله""، لافتةً إلى أن الطرفين يستفيدان مالياً من عمليّاتها. وكشفت أنّه "خلال العام الفائت، نقل "فيلق القدس" كمّيات من النفط بقيمة تُناهز أو تتجاوز مئات ملايين الدولارات عبر هذه الشبكة لمصلحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد الدموي، و"حزب الله" وأطراف آخرين خارج إطار القانون".

كما أكّد وزير الخزانة ستيفن منوتشين أن "إيران تُواصل استفزازاتها لزعزعة استقرار المنطقة والعالم"، مضيفاً أن العقوبات الجديدة "تُظهر بوضوح أن أولئك الذين يشترون النفط الإيراني يدعمون في شكل مباشر الذراع الإرهابيّة لإيران، "فيلق القدس"، التابع للحرس الثوري". وأشارت واشنطن إلى أن الشبكة يُديرها وزير النفط الإيراني الأسبق رستم قاسمي، الذي يتولّى حالياً مسؤوليّة كبيرة في "فيلق القدس"، وهو من بين الأفراد الذين شملتهم العقوبات.

كذلك، رصدت الخارجيّة الأميركيّة مكافآت ماليّة تصل إلى 15 مليون دولار لأيّ شخص يُقدّم معلومات تُساعد في استهداف "العمليّات الماليّة للحرس الثوري و"فيلق القدس"". ولفت مسؤول في الإدارة الأميركيّة إلى أن "هذا الأمر تاريخي لأنّها المرّة الأولى التي تعرض فيها الولايات المتّحدة مكافأة مقابل معلومات في إطار استهداف عمليّات ماليّة لكيان حكومي".

وكان لافتاً أمس جواب ترامب في المكتب البيضاوي رداً على سؤال حول لقاء محتمل مع روحاني، إذ قال: "بالطبع، كلّ شيء ممكن". وفي حين رحّب بجهود نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمّة "مجموعة السبع"، شدّد على أن بلاده "لا تحتاج إلى أحد" للتفاوض.

وفي سياق متّصل، استبعدت الإدارة الأميركيّة أيّ إعفاء من العقوبات المفروضة على إيران لتسهيل منحها خطاً ائتمانياً بوساطة فرنسيّة. وقال المبعوث الأميركي إلى إيران براين هوك للصحافيين: "لا يُمكننا أن نكون أكثر وضوحاً من حيث تصميمنا على تنفيذ حملة الضغوط القصوى"، مضيفاً: "لا نعتزم منح استثناءات أو اعفاءات"، ومشدّداً على أن "الولايات المتّحدة تُكثّف حملتها من الضغوط القصوى". ولدى سؤاله عمّا إذا كانت واشنطن مستعدّة للنظر في إمكان إعطاء ضوء أخضر للمبادرة الفرنسيّة، أجاب أنّه لم يتسلّم بعد "اقتراحاً ملموساً".

وأشار هوك إلى أن "ترامب يُريد فعلاً رؤية حلّ ديبلوماسي لكلّ ذلك"، من دون أن يُغلق الباب نهائياً أمام المبادرة الفرنسيّة، رغم أن شروط هذه المبادرة لا تزال تتطلّب توضيحاً. ويُحاول الأوروبّيون الذين وقعوا الاتفاق بقيادة فرنسا، منح إيران خطاً ائتمانياً بنحو 15 مليار دولار، مقابل عودتها إلى الوفاء بالتزاماتها النوويّة.

تزامناً، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده ستتّخذ الخطوة الثالثة لخفض تنفيذ التعهّدات في إطار الاتفاق النووي غداً الجمعة، موضحاً أن الخطوة الثالثة تشمل تطوير أجهزة الطرد المركزي وإنتاج ما تحتاجه إيران لتخصيب اليورانيوم. ورأى روحاني في كلمته بعد اجتماع مشترك مع رئيسَيْ السلطتَيْن القضائيّة والتشريعيّة، أن "واشنطن فشلت في تغيير النظام الإيراني". كما أشار إلى "طموح الأميركيين بتوفير الأرضيّة لمحادثات تصبّ في مصلحتهم". وقال: "منطقتنا تخطو في طريق السلام والاستقرار، وهناك انتصارات في لبنان واليمن". وفي وقت سابق، أعلن نائب وزير الخارجيّة الإيراني عباس عراقجي أن طهران "لن تعود إلى التطبيق الكامل للاتفاق النووي، ما لم تتمكّن من تصدير نفطها واستلام عوائده بشكل كامل".


MISS 3