فادي كرم

الفشل ليس وجهة نظر والحلول باليد

1 آذار 2021

02 : 00

إن كان للنجاح درجات ومقاييس نسبية، فللفشل معيار واحد، وكلّ ما هوَ ليس فشل مُثبّت، فهو نجاح نسبي. لذا، فصفة الفاشل، لا لبْسَ فيها، أمّا فشل الناجحين ففيه مقاربات عديدة. الفاشل لا يستطيع ادّعاء النجاح، فيحاول تبرير الفشل، وهذا ما يُسمّى "وجهة نظر" التي قد تنطبق عملياً وفعلياً على الناجحين، ولكنّها لا تَصلُح بأن تكون معياراً للفاشلين.

دلائل فشل المنظومة الحاكمة في لبنان، كما البراهين والاثباتات على ذلك كثيرة وعديدة، ولذلك يحاول جهابذتها المتدرّبون على يد الأجهزة، ادخال مفهوم "وجهة النظر" على الفشل، بنيّة حماية أنفسهم، وتجنّب الوقوف على منصّة الفاشلين. وآخر إبداعاتهم التمويهية، تمثّلت بالعودة المتكرّرة الى أحداثٍ وحقباتٍ سابقة من تاريخ لبنان الحديث، لا قدرة لهم لفهمها، عندما ارتبط معيار النجاح والفشل بمدى المشاركة في الدفاع عن الوجود، حينها اختفى البعض، وهم "فاشلو اليوم"، وصمد البعض الآخر، وهم "ناجحو اليوم". دخل "التيار الوطني الحرّ" الى العمل السياسي الرسمي في لبنان بعد سنة 2005، عندما شقّت ثورة الأرز السيادية، بنضالها وشهدائها، طريق العودة الى لبنان لجميع الأحرار والسياديين، والى ممارسة العمل السياسي الحرّ فيه، وذلك بعد منعٍ طال جميع الاحزاب السياسية السيادية ومنها "التيار"، من قبل السلطات الاحتلالية وأعوانها، الذين فاوضوا "التيار" قبل العودة، وتحالفوا معه بعد العودة. ومن هنا بدأ مسار الفشل لهذا "التيار"، ومسار النجاح لورثة السلطة السابقة، بالطبع على حساب الدولة والسيادة. مسار الفشل لـ"التيار الوطني الحر" بدأ منذ ذلك الوقت، مُضحّياً بصفحاته السيادية السابقة، واستكمل بفشله الاداري عند وصوله الى السلطة، وتبوُّئِه مراكز المسؤوليات في ادارة الدولة، من وزاراتٍ إحتلّها، ولم يزل، ومواقع رسمية إلتصق بها، ولم يزل، ورئاسة جمهورية جلس فيها، ولم يزل. وتتابع الفشل بكافة القطاعات الوطنية، كالسيادية، حيث تخلّى عن إرثه فاستبدله بحفنةٍ من المراكز والسلطات، والاقتصادية، حيث خسّر لبنان الاستثمارات والأموال الخارجية والاغترابية، بتأمينه الغطاء للدويلة ولمِحور الممانعة "للتطور"، والاجتماعية، بمساهمته بتحويل المفاهيم الاجتماعية اللبنانية من مفاهيم الحرّيات الفردية والفكرية الى المفاهيم التدجينية والتبعية، وحتماً القطاعات السياسية، حيث فرّغ العمل السياسي التنافسي الإيجابي البنّاء، وأدخل مكانه العمل السياسي التنافسي السلبي، التشويهي والخداعي. دلائل الفشل كثيرة وظاهرة وحقيقية، ولا يَتسع المقال لِذكرها، فالسجل مليء، حيث لم يعد غافلاً على أحد من اللبنانيين، وحتّى على مسؤولي "التيار" الذين يعترفون به، ولكن مع تبريره بـ"ما خلّونا"، وما التبرير الا أكبر دليل على الفشل، وأكثره خطورة، لانه يعكس طبيعة تحالفاتهم وتفاهماتهم التي كان لها الأثر الاساسي بتغيير هوية تيار سيادي الى مجموعة سلطوية، غطائية للدويلة.

وبما أنّ فشل هذه المنظومة مُبيّن حتماً، فماذا عن الحلول الحقيقية التي لم تظهر بعد، وهل يحقّ للمعارضين الاكتفاء بالمراقبة والاعتراض وكَيل الاتهامات اليومية؟؟؟

قد يكون عدم نجاح المعارضين في اسقاط المنظومة الحاكمة، حتى الآن، مفهوماً، ولكنه غير مسموح وغير مبرّر على المدى الطويل، لأنّ الحلول موجودة، وتحتاج لتكاتف الطاقات، والتركيز على أساس علل البلد، وعلى الفكر الغريب الذي تسلّل الى المعادلة الوطنية، وضرب فئاتٍ لبنانية، طالما كانت تنتمي للسياديين اللبنانيين. ومن الجدير بالذكر، أنّ أكثر ما يضرّ قضية التخلّص من هذا الفكر المتحكّم بالسلطة، التلهّي بالمتفرّعات، والاعتماد على النظريات "وفشّات الخلق". التوقّعات لفشل المنظومة الحاكمة، تكوّنت من سنوات ما قبل السقوط، بفضل المنطق العلمي والقراءات السياسية والاستراتيجية الواقعية، ولكنّ التوقعّات لاسقاط السلطة كانت مُخيّبة للآمال، لأنّ المواجهة كانت بين سلطة خبيثة ومعارضات مدنية وسياسية غير مُنظّمة، ولكن هذا الواقع وصل الى لحظة المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق المعارضين، لانقاذ الشعب والوطن، فهل سيكون نجاح المعارضة نسبياً أو فشلاً ذريعاً ؟؟؟ علماً أنّ عدم النجاح الكامل في هذه القضية المصيرية سيُسجّله التاريخ فشلاً لا يُغتفر، لأنّ الخسارة ستكون وجودية، وستتمثّل بضياع كلّ شيء، حتّى الوطن، والسلام.

MISS 3