خالد أبو شقرا

"شمعة" في ظلمة المصارف!

2 آذار 2021

02 : 00

إعتبر رئيس مجلس إدارة بنك بيمو رياض عبجي ان مشكلة القطاع المصرفي في لبنان هي انعدام الثقة وليس عدم توفر الرساميل. فالمنازل تحوي ما لا يقل عن 5 مليارات دولار، واللبنانيون في الخارج يمتلكون حسابات مصرفية بقيمة تصل إلى 40 مليار دولار، والمصرف المركزي لديه سيولة بحوالى 20 مليار دولار، وبالتالي "إذا جمعنا الرأسمال المادي المعطل مع الرأسمال البشري العاطل عن العمل لأعدْنا تشغيل "مكنة" الاقتصاد المعطل"، يقول عبجي، ويضيف: "إلا ان المشكلة التي نواجهها هي خوف أصحاب الرساميل من قرارات غير منتظرة تتخذها السلطات وتؤدي إلى ضياع ودائعهم، فاختاروا الاحتفاظ برساميلهم جامدة بدلاً من ضخها في الاقتصاد وتفعيل الدورة الاقتصادية".

الأكيد، أنه لغاية الساعة لا شيء يمنع الدولة من اتخاذ قرار بالاستيلاء على جزء من الرساميل، أو أن يصدر المصرف المركزي تعميماً ينص على أن الأموال الطازجة هي التي تعود إلى فترة لا تتعدى اليومين فقط، وليس تلك الموجودة في النظام المصرفي منذ العام الماضي. وعلى هذا الأساس، استمر المستثمرون بالإحجام عن وضع دولار واحد في المصارف اللبنانية، هذا الواقع المؤذي للاقتصاد، كان لا بد من كسره بآلية تعزز ثقة المودعين، فاتخذ "بنك بيمو" قراراً جريئاً بحماية الودائع الجديدة بالعملات الأجنبية للأفراد والشركات، إلى حد 50 ألف دولار أميركي، خارج لبنان. وذلك بالمقارنة مع ضمانة الدولة للودائع بقيمة 75 مليون ليرة، أو ما يعادل 7700 دولار بأسعار اليوم.

البرنامج سيطبق أولاً على أصحاب الحسابات في "بنك بيمو" في فرع قبرص، الذين ينوون تحويل ودائعهم إلى المصرف الأم في لبنان، ذلك لأنّ العدد لا يتجاوز 300 عميل، وتأتي الموافقة على أسمائهم وضمانة ودائعهم من اللوكسمبورغ. ومن ثم سيطبق في المرحلة اللاحقة على الزبائن الذين سيضعون "الفريش" دولار في لبنان، بعد إنجاز الإجراءات الإدارية اللازمة، نظراً لكون عدد العملاء مع المصرف في لبنان أكبر بكثير.

وعليه فإنّ "الأمل معقود على تشجيع المودعين وإرجاع الأموال إلى المصارف تدريجياً" برأي عبجي، "وبطبيعة الحال، فانه مع استعادة الثقة، لن تبقى قيمة الوديعة الواحدة محصورة بـ 50 ألف دولار، بل ستتعداها إلى 70 أو 80 ألفاً أو حتى أكثر، الأمر الذي يسمح بإعادة ضخ الفائض بالاقتصاد بما يخدم المؤسسات والمواطنين". ويقول عبجي: "إذا قارنا المضاعف الذي سنعيد استخدامه مع مضاعف التشغيل في أوروبا لوجدنا أنه أقل بكثير، فميزانية المصارف الأوروبية تظهر سيولة بنسبة 5 في المئة مقابل تشغيل 95 في المئة في الاقتصاد". ويخلص إلى التشديد على أنّ "في الأمر مصلحة للمصرف والاقتصاد على حد سواء، خصوصاً إذا اتسعت دائرة هذه الفكرة وطبقت من مصارف أخرى، على اعتبار أنّ المصرف في نهاية المطاف لا يمكنه الاستفادة إلا إذا استفاد المجتمع".