نسيب حطيط

الجامعة اللبنانية... و"محنة" الأساتذة المتعاقدين!

6 آذار 2021

02 : 00

تعيش الجامعة اللبنانية... طلاباً وأساتذة وأهالي وموظفين حالة الترقب والحذر والخوف على المستقبل الذي لا يبشر بالخير ويهدد استقرار الجامعة اللبنانية واستنزاف طاقاتها وزعزعة منظومتها الأكاديمية وكفاءاتها العلمية كمؤسسة وطنية تشكل مع المؤسسة العسكرية الدعامة الثانية المتبقية من مظاهر الوحدة والمركزية الوطنية بعدما عصفت رياح التشتت والمقاسمة الجغرافية والنفسية بكل المؤسسات والنسيج الاجتماعي اللبناني. تعاني الجامعة من عدة مشاكل خاصة بمنظومتها بالإضافة الى المشاكل والصعوبات المستجدة التي يعيشها البلد والتي تفاقمت في السنتين الأخيرتين بشكل خطير سواء على المستويات السياسية والمؤسساتية والصحية والإقتصادية، بحيث باتت الجامعة ترزح تحت اثقال كبرى تعجز عن الصمود امامها، واذا كانت بعض الأمور لا يمكن حلّها لإرتباطها بالمشاكل العامة الداخلية، فإن بعض الأمور يمكن حلها داخل الجامعة ولا ترتبط بخارجها الا اذا اتخذها المسؤولون ذريعة وتبريراً لعدم المبادرة لحلحة بعض المشاكل التي لا تتصف بالإستحالة، ولن اعاود التذكير بالمشاكل الإدارية، لجهة مجلس الجامعة وصلاحيات سلطة الوصاية وغيرها لكن لا بد من الإضاءة على امرين أساسيين تتحمل مسؤوليتهما الأحزاب والطوائف من جهة والمنظومة السياسية - الإدارية للدولة والتوجهات الجديدة حول تصفية القطاع العام للتخلص من أعباء رواتب التقاعد والتقديمات الصحية المستدامة .

اما مسؤولية الأحزاب فهي على مستويين أولها انها هي التي تمسك بالسلطة والتخطيط والقرار الإداري للتوظيف منذ اكثر من ثلاثين عاماً ولم تستطع حماية الجامعة وتطويرها وتثبيت قواعدها الأساسية بل اتجهت ونظراً لاعتبارات طائفية او مصلحية او حزبية لإنشاء جامعاتها الخاصة لإستكمال منظومتها التربوية الخاصة والمستقلة من صفوف الروضات الى الجامعة وبل الى الدراسات العليا في دائرة تعليمية وثقافية وحتى بشرية مغلقة يشابه (الغيتو التعليمي) ...ولم يبق سوى الجامعة اللبنانية منطقة تلاق وطني وطائفي واجتماعي تعددي يعيش المساكنة الهادئة الا في بعض المواجهات الظرفية (دون اغفال تسلل المناطقية والطائفية للجامعة سواء على مستوى التعيينات او الفروع).

المشكلة الثانية تتجلى بالأساتذة المتعاقدين او منظومة التعاقد. مع التأكيد ان التعاقد منهج معتمد في كل الجامعات العالمية حيث ينقسم الكادر التعليمي الى قسم متفرغ لتأمين الاستمرارية والديمومة الاكاديمية وقسم آخر بالتعاقد لإكتساب الخبرات والكفاءات العالمية والعامة في مواد متعددة خارج اطار المواد الأساسية للاختصاص لكن مع حوافز مادية ومعنوية تحفظ مصالح الأستاذ المتعاقد والجامعة والطلاب، وعادة لا يعتمد الأستاذ المتعاقد على التعاقد كوسيلة عيش أساسية بل رديفة او مساعدة مع فتح باب التفرغ ضمن ضوابط وشروط معينة . لكن الزملاء المتعاقدين يعيشون (معمودية) المظلومية والانتظار الطويل التي عاشها كل أستاذ جامعي تجاوز حاجزي "التفرغ والملاك" ويمكن ان يكون الموت او التقاعد قد سبقاه وسرقا منه عشرين او ثلاثين عاما من التدريس والعطاء واستيفاء الشروط لكن الجهات المعنية على كل المستويات لم تقم بواجباتها الإنسانية والادارة لتفريغه او باغته الموت او التقاعد وبقي وحيداً مع عائلته على رصيف الخيبة والفقر والمرض. ان الأستاذ الجامعي المتعاقد لا يحصل على حقوقه المادية او الصحية، بالشكل اللائق والمتوازن مع مساهماته في الجامعة ولا بد من لفت الانتباه الى الأمور التالية :

ان الأستاذ المتعاقد يتقاضى بدل ساعاته بعد سنتين من إنجازها!

الأستاذ المتعاقد ليس له ضمان صحي او اجتماعي اسوة بالطلاب المسجلين في الجامعة.

الأستاذ المتعاقد لا يحصل على منح تربوية لأولاده !

الأستاذ المتعاقد لا يحصل على راتب تقاعدي ولو بعد ثلاثين عاماً والأسوأ ان تعويضه عن هذه المدة لا يساوي شيئاً (كما يحصل اليوم وقبله في الثمانينات)!

الأستاذ المتعاقد لا يستطيع الاستفادة من منظومة القروض المصرفية لانه ليس له راتب شهري ونظامي!

الأستاذ المتعاقد يُلزَم بالتوقيع على التنازل عن الساعات التي يدرّسها فوق عدد الثلاثماية وخمسين ساعة مع ان لا نص قانونياً على مستوى المرسوم او القانون بل هناك قرار اداري داخلي!

الأستاذ المتعاقد في الجامعة ويمكن ان يكون حاملاً شهادة الدكتوراه يتقاضى بدل ساعة التعليم حوالى ثلاثة وستين الف ليرة(63000) ليرة بينما الأستاذ المتعاقد في التعليم المهني (المصنّف جامعياً) يتقاضى مائة الف ليرة عن الساعة!!!

الأستاذ المتعاقد لا يعيش حالة الأمن الاجتماعي او النفسي ويبقى في حالة عدم الاستقرار.

لا بد من إعادة النظر بنظام التعاقد وتحسين شروطه حفظاً لحقوق الأساتذة والطلاب وديمومة الجامعة ومنها:

- إصدار قرار يقضي بأن يقبض الأستاذ الجامعي بدل ساعاته دورياً بشكل شهري او فصلي (كل ثلاثة اشهر)

- إعادة النظر بقيمة بدل الساعة ورفعها.

- ادخال الأساتذة المتعاقدين الى الضمان الاجتماعي (كل أستاذ يتجاوز عدد ساعاته السنوية الماية وخمسين ساعة (150) بما يساوي نصف نصاب الأستاذ المتفرّغ).

- وضع برنامج تقييم وتدقيق لأداء الأستاذ المتعاقد ليتم إدخاله الى التفرغ سنوياً عند استيفائه شروط التفرغ ليكون بديلا عن المتقاعدين من دون تدخلات حزبية او مذهبية فليس في التعليم 6 و6 مكرر...فالتعليم حياة ولا يمكن اخضاع الموت والحياة لمنظومة التوازن الطائفي البالية وغير العادلة فتعميم الجهل من خلال التوازنات العبثية هو عدوان على الإنسان والحضارة.

لحماية الجامعة اللبنانية كمؤسسة وطنية جامعة ...


MISS 3