بكين تتحدّى واشنطن بالنفط الإيراني

المسيّرات الحوثية تستهدف الإمدادات النفطية

02 : 00

الجيش الوطني اليمني يُحاول منع الحوثيين من تحقيق مكاسب ميدانية (أ ف ب)

لا شيء يردع المتمرّدين الحوثيين المدعومين من طهران من التمادي في الإعتداء على السيادة السعودية وتهديد إمدادات الطاقة العالمية، خصوصاً بعدما أزالتهم واشنطن عن لائحة المنظّمات الإرهابية وبدأت التفاوض معهم لوقف العمليات القتالية في اليمن وإيجاد حلّ سياسي للحرب هناك، حيث يُشعلون نار الجبهات الميدانية، لا سيّما في اتجاه مدينة مأرب التي باتت "المخالب الحوثيّة" تُضيّق الخناق عليها أكثر فأكثر مع استمرار المعارك الضارية. وهاجم الحوثيّون بالأمس عبر مسيّرات مصفاة الرياض لتكرير النفط، ما أدّى إلى اندلاع النيران فيها التي سرعان ما تمّت السيطرة عليها من دون وقوع إصابات، بحسب الطاقة السعودية، بينما كان المتمرّدون قد أعلنوا في وقت سابق أنهم قاموا باستهداف "شركة أرامكو في الرياض بـ 6 طائرات مسيّرة أصابت أهدافها بدقة عالية"، في ثاني هجوم يستهدف منشأة طاقة سعودية هذا الشهر، ما يُمثل تصعيداً خطراً تجاه المملكة والعالم، لكنّ تلك الهجمات لا تزال تفشل في إعاقة الإمدادات النفطية العالمية.

وفيما توالت الإستنكارات العربية والدولية، دانت الولايات المتحدة الهجوم، واصفةً إيّاه بـ"المحاولة لإعاقة إمدادات النفط العالمية". وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية جالينا بورتر: "يكشف هذا السلوك عن عدم الإكتراث المطلق بسلامة المدنيين، سواء كانوا من السكان أو العاملين قرب المواقع"، معربةً عن "القلق العميق حيال وتيرة الهجمات على السعودية".

ويأتي الإعتداء الحوثي على الرياض، بعد أن حقق الحوثيّون تقدّماً في اتجاه مدينة مأرب، بعد إحكام سيطرتهم على جبل هيلان الإستراتيجي المطلّ على المدينة بعد معارك طاحنة خلّفت عشرات القتلى والجرحى من الطرفَيْن. ويُمثل سقوط جبل هيلان تهديداً لخطّ الدفاع الأوّل عن مأرب، إذ تمكّن الحوثيون من قطع خطوط امداد بعض الجبهات وباتوا يُسيطرون على جبهة المشجح شمال غربي مأرب.

وفي الوقت الذي حذّر فيه خبراء عسكريون من أن مدينة مأرب باتت في خطر، شنّت قوّات التحالف بقيادة السعودية غارات جوّية مكثّفة على مواقع تابعة للحوثيين، فيما صدّ الجيش الوطني اليمني بدعم من التحالف هجوماً حوثياً على جبهة الكسارة وسط معارك ضارية تُصعّب على الحوثيين إمكانيّة إسقاط مأرب، أقلّه في المدى القريب.

وعلى خطّ المسار الديبلوماسي، أكدت الخارجية الأميركية أن السعودية والحكومة اليمنية الشرعية مستعدّتان للإتفاق على وقف لإطلاق النار في اليمن والتفاوض لإنهاء الصراع، مقترحةً "إطاراً زمنياً سريعاً للحوار في شأن اليمن، بحيث يتمّ حلّ قضايا مثل مسألة الموانئ بسرعة". كما طالبت واشنطن "الحوثيين بإظهار النية بالإلتزام بوقف شامل لإطلاق النار والدخول في المفاوضات"، مشيرةً إلى أن الولايات المتحدة جعلت من إنهاء الصراع في اليمن "أولوية في سياستها الخارجية".

نووياً، أعلنت الخارجية الأميركية أن إيران واصلت اتخاذ خطوات خارج الإتفاق النووي بدلاً من البدء بمسار ديبلوماسي، مجدّدةً تأكيدها الإيمان بالديبلوماسية للعودة للإتفاق النووي مع طهران، في وقت كشف فيه المتحدّث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي أن بلاده ستبدأ اختبار أنظمة التبريد في مفاعل "أراك" النووي تمهيداً لتشغيله بشكل كامل هذا العام، معتبراً أن واشنطن ستكون الخاسر الأكبر إذا تأخرت في العودة إلى الإتفاق.

توازياً، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الصين زادت بشكل كبير مشترياتها النفطية من إيران وفنزويلا، في تحد واضح للسياسة الخارجية الأميركية. وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك قد يُقلّل الضغوط على هذَيْن البلدَيْن ويُقوّض جهود البيت الأبيض الرامية إلى استئناف المفاوضات معهما وفق شروط واشنطن.

وأظهرت بيانات شركة "كبلر" المتخصّصة في مراقبة عمليات الشحن، أن كمّية النفط التي يتوقع أن تقوم الصين بشرائها من إيران خلال هذا الشهر ستصل إلى نحو 918 الف برميل يومياً، وربّما ترتفع الى مليون برميل، وفق بيانات شحن صادرة من شركات أخرى.

واعتبرت الصحيفة الأميركية أن هذه الكمّية من المشتريات الصينية للنفط الإيراني هي الأكبر منذ فرض الحظر النفطي الأميركي الشامل على طهران قبل عامَيْن، محذّرةً من أنّه "إذا باعت إيران مليون برميل يومياً بالأسعار الحالية، فلن يكون لديها حافز للتفاوض" مع واشنطن في شأن رفع العقوبات والعودة إلى الإلتزام بالإتفاق النووي.


MISS 3