تستخدم الليتورجيّا المسيحيّة الألوان في طقوسها بشكل واسع منذ مطلع القرن الرابع. وبحلول القرن الثالث عشر، نظّم البابا إنّوسنشيوس الثالث "Innocent III" استخدام خمسة ألوان: البنفسجيّ، الأبيض، الأسود، الأحمر والأخضر. وفي القرن العشرين، أضافت الليتورجيّا الأزرق والذهبيّ.
رمز التوبة
في مطلع القرن الثالث عشر، حدّد البابا إنّوسنشيوس الثالث اللون البنفسجيّ رمزاً للتوبة والتكفير. ويرتدي رجال الدين اللون البنفسجيّ في اللباس الطقسيّ خلال زمن المجيء (4 أيّام قبل الميلاد) الذي يُهيّئ الكنيسة للتجسّد، ومجيء الله إلى العالم. كما يُستخدم لطقس الصوم الكبير الذي يدعو إلى إعداد البشريّة لدخول ممرّ عيد الفصح. في عيد الميلاد، يدخل الله زمن الإنسان. وفي عيد الفصح، يدخل الإنسان الجزء الأكثر خصوصيّة في حياة الله. لذلك فإنّ البنفسجيّ هو لون الإعداد لسرّي الإيمان الأساسيّين: التجسّد والفداء. ويُستخدم البنفسجيّ أيضاً لسرّ المصالحة الذي يعيد الإنسان من خلال محبّة يسوع المسيح. كما أنّه يُستخدم في وقت الجنازات المسيحيّة للإشارة إلى مرور المعمّدين مع الله.
يرمز البنفسجيّ في المسيحيّة إذن إلى الاتّحاد بالله واللقاء مع يسوع، وهو مزيج من الأزرق، طبيعة البشر، والأحمر، رمز الطبيعة الإلهيّة. ويُستخدم في زمن الصوم الكبير كعلامة على الاستعداد، والتكفير عن الذنب، والتضحية والتوبة. كما اعتبر لون الحزن، لذلك اختاره الكهنة في زمن الصوم الأربعينيّ فيرمز لجروح المسيح الحيّة.
زهور البنفسج في المسيحية
في الكتابات المسيحيّة، غالباً ما يُنظر إلى زهرة البنفسج كرمز للتواضع. وبسبب أوراقها الثلاث، أطلق رهبان القرون الوسطى على البنفسج "أعشاب الثالوث" أو "زهور الثالوث". ويرمز البنفسج أيضاً إلى تواضع مريم العذراء. وفي العديد من لوحات عصر النهضة، غالباً ما تُرسم مريم العذراء مع الطفل يسوع بين ذراعيها وحولها أزهار بنفسجيّة، في إشارة رمزيّة إلى تواضعها.
وتبرز زهرة البنفسج في كلّ من لوحتي ليوناردو دافنشي ("مادونا والطفل مع الزهور")، وجيوفاني باولو ("مادونا التواضع").
لون الآلهة
يرمز البنفسجيّ للملوك والنبلاء في المجتمعات الأوروبيّة، وفي الماضي، لم يكن مسموحاً لأحد ارتداء اللون البنفسجيّ سوى أفراد العائلة المالكة. كما ارتبط هذا اللون بالكثير من الأساطير إذ أنّه كان معروفاً منذ القدم بأنّه لون الآلهة.
في العصر البيزنطيّ، كان البنفسجيّ هو اللون الإمبراطوريّ، وكان اللون المعتمد في المراسلات والوثائق والهدايا الرسميّة، والسبب ندرته وكلفة إعداد صبغته. وقد ارتدى الإسكندر الكبير وملوك مصر اللون البنفسجيّ في العصور القديمة. وفي الولايات المتحدة يُعدّ الوسام البنفسجيّ اللون أرفع درجات الشرف في المجالات العسكريّة. وفي خلال حفل تنصيب جو بايدن، ارتدى العديد من ضيوف الشرف اللون البنفسجيّ رمزاً لتوحيد الصفّ ما بين الحزبين كونه مزيجاً من الأزرق، رمز الحزب الديموقراطيّ، والأحمر رمز الحزب الجمهوريّ، وهو كان لون اللباس الرسميّ لنائبة الرئيس كاميلا هاريس، والسيّدة الاولى السابقة ميشيل أوباما، ووزيرة الخارجيّة السابقة هيلاري كلينتون، والسيناتورة اليزابيث وارين وغيرهنّ.
في الصين، يمثل البنفسجيّ الوعي الروحيّ والشفاء الجسديّ والعقليّ والقوّة والوفرة. وكانت المدينة المحرّمة في بكين تُعرف أيضاً باسم المدينة البنفسجيّة.
في اليابان، البنفسجيّ هو لون الامتياز والثروة، وهو اللون المرتبط بالأرستقراطيّة اليابانيّة.
في تايلاند، ترتدي الأرامل الحزينة اللون البنفسجيّ. وهو يرتبط أيضاً بيوم السبت في التقويم الشمسيّ التايلانديّ.
أخيراً في علم النفس، يمثّل البنفسجيّ السلام والحبّ النقيّ والطمأنينة. وهو لون الإنسانيّة فيرمز إلى فعل الخير من خلال الجمع بين الحكمة والقوّة والحساسية والتواضع.
