شربل داغر

اللوحة الرقمية... الخيالية

8 نيسان 2021

02 : 00

بيعت قبل أسابيع، في مزاد علني عند "سوذبيز"، لوحة رقمية بما يقرب من سبعين مليون دولار أميركي.

وهو رقم... خرافي بكل معنى الكلمة.

الفنان مجهول من الجمهور العريض، لكنه مشهور عند متابعيه الإلكترونيين الكثر (أكثر من مليونين)، الذين رافقوا تكوين هذه اللوحة منذ ما يقرب من ثلاثة عشر عاماً.

اسم اللوحة: "كل يوم: الخمسة آلاف الأيام الاولى"، وتعود للفنان الأميركي بيبل (واسمه الحقيقي: مايك وِنْكلمن).

صنعَ الفنان لوحته من خمسة آلاف صورة إلكترونية، بتصميمٍ وثباتٍ يُشبهان عمليات البناء، لا التشكيل، كما عرفناه في تاريخ الفن.

غير شركة إعلانية وماركة شهيرة فرحتْ بحاصل المزاد العلني، إذ إنه سبق لغير واحدة منها أن كلفت الفنان بتصميم إعلانات لها.

جمهور المتابعين في "انستغرام" كان فرحاً على الأرجح، إذ كان يتابع يوماً بعد يوم إضافة صورة رقمية جديدة إلى العمل، كمن يشارك في رسملته المفتوحة.

إنطلقَ المزاد العلني من الصفر، بمئة دولار تحديداً، ثم بلغ الملايين، فضلاً عن بيع أعمال فنية رقمية أخرى قبل هذا الموعد الأخير.

سبقَ أن تساءلتُ، في خاتمة أحد كتبي، ما إذا كانت اللوحة المسندية ستنتهي وتنقرض، وأبقيتُ جوابي معلقاً. بل قلتُ في الخاتمة إن أي عمل فني جديد قابلٌ لمنافسة اللوحة اذا توافرت فيه شروط الندرة والحفظ السهل والمضمون وبصمة الفنان الخاصة.

هذه الصفات تتوافر في العمل الفني المباع، بعكس أعمال فنية الكترونية أخرى...

منطق اللوحة لا يندثر إذاً، وإن يتعين طورٌ جديد وإضافي في سوق الفن.

عائلة الفنان الأميركي المقصود في هذا المقال قريبة بل ربما تتحدر من عائلة أحد كبار مؤرخي الفن، يوهان جواشيم وِنْكلمن (الالماني). إلا أن السؤال يكون له ولغيره: ألا يكون الفن قد دخل في عهد جديد غير محسوب، ولا يمكن توقع تطوره اللاحق؟

وَعَدَنا الفنان وِنْكلمن، بعد البيع، بتحدٍّ فني جديد يطاول أيقونة المتاحف: الموناليزا.

يبدو أن الفن دخل في عهد الإعلان الصادم وسيلةً لترويج الفن...

في انتظار الحلقة القادمة.


MISS 3