مايز عبيد

مواسم عكار الزراعية بلا قطاف والسماد المدعوم للمحظيين

10 نيسان 2021

02 : 00

حاول المزارعون تضمين الأراضي المزروعة

بقي العديد من الأراضي المزروعة بالشتول والبصل، والملفوف، والقرنبيط، على حاله من دون قطاف في القليعات وتلمعيان وقرى أخرى من السهل العكاري، مع الخسائر التي تكبّدها المزارع من جرائها. وقبل أن يحين موعد القطاف كانت المزروعات السورية من الخضار ذاتها قد ملأت الأسواق. في هذا الوقت حاول المزارعون تضمين الأراضي المزروعة حتى أن بعضهم طلب مقابل ضمان أرض شاسعة، مبلغ 900 ألف ليرة، أي ما يقارب 70 دولاراً على كامل تلك الأرض التي كانت قد كلّفته أكثر من ذلك بكثير، ثمن بذار وريّ وأسمدة وعمّال وكله من دون جدوى.

ولا يتوقَّف الأمر عند المزروعات والشتول بل يتعدى ذلك إلى المواسم التي يعتمد عليها المزارع العكاري بشكل كبير وفي طليعتها البطاطا. فعدد من المزارعين بدأ اقتلاع الموسم الجديد من البطاطا العكارية لكنّ السوق اللبناني أُغرق بالبطاطا المصرية منذ مدة حتى التخمة، لدرجة أن البطاطا العكارية الجديدة دخلت من بدايتها بأسعار منخفضة جداً تتراوح بين 2000 و 3000 ليرة للكيلو الواحد وهو سعر قليل مقارنة مع البطاطا المصرية التي تُباع منذ مدة في السوق المحلي وهي الأقل جودة والأعلى سعراً. ويضيع المزارع بين السماسرة والدولة. فالأخيرة ليست لديها سياسة موحدة في تحديد الأسعار، فيتحكم التجار والسماسرة بالسوق ويفرضون أسعارهم وهذا ما يفسّر الإرتفاع الكبير في أسعار الخضار في المحلات والأسواق. هذا ويعيش المزارع العكاري هاجس الخوف من المستقبل المجهول؛ سيما وأن الوزارة المعنية غائبة عن المتابعة الجدية، ولا سياسات واضحة لديها لدعم هذا المزارع وتمكينه من الصمود في هذه الظروف الصعبة، ولا تطبيق للروزنامة الزراعية، في ظل التمنّع عن اعتماد المختبرات الزراعية على الحدود والتي من شأنها أن تحدد نوعية وجودة البضاعة التي تدخل إلى السوق اللبناني من الخارج.

واشار نقيب مزارعي ـ التبغ والتنباك والمزارع في سهل عكار - سمير خشفة، في حديث لـ"نداء الوطن" إلى أنه "وبالرغم من أن القطاع الزراعي هو القطاع السند لآلاف العائلات العكارية، إلا أن الإهتمام الرسمي بهذا القطاع كان ولا يزال خجولًا جداً. فلا دعم للمواسم ولا اهتمام رسمياً بالمزارع، ولا يفكّر الوزراء المتعاقبون كيف يضمنون هذا القطاع ويحمون أهله من الضياع".

واعتبر خشفة أن وزير الزراعة والوزارة بشكل عام، غائبين تماماً عن تنفيذ سياسات زراعية حقيقية، تنهض بهذا القطاع وتحميه من التحديات الكبيرة التي وضعته في قلب الخطر. فلا خطط أو سياسات؛ تأخذ بالإعتبار التوزيع العادل والمتساوي للتقديمات الزراعية التي تأتي للمزارع عبر الوزارة. ولفت خشفة في موضوع الأسمدة المدعومة إلى أن "السماد المدعوم هذه السنة تم تسليمه لعدد من التجار الكبار بكميات كبيرة، فوزّعوا منه القليل وباعوا القسم الأكبر على أنه غير مدعوم، وهناك تجار تسلّموا قسائم سماد مدعوم ولم يحصلوا على شيء لأنه كما قيل أن الكثير من هذه المواد تم تهريبه إلى الداخل السوري".

وإذ نوّه خشفة بأداء المدير العام لإدارة حصر التبغ والتنباك ناصيف سقلاوي ووقوفه إلى جانب المزارعين، شدد على أن "ما كان يجعل المزارع يتمسك بأرضه في كل الفترة السابقة، هي رخصة التنباك؛ التي كانت بمثابة ضمانة للمزارع وحياته ومستقبله. ولكن بعد أن فقدت العملة المحلية قيمتها بهذا الشكل، نأسف للقول إننا نريد أن نتمسك بأرضنا لكن الدولة تدفعنا إلى الهجرة رغماً عنا".

وكانت الأزمة الإقتصادية التي يرزح تحتها لبنان منذ أشهر قد دفعت بالمزارعين إلى اليأس، وأنهكهم ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية؛ فلم يعودوا قادرين على شراء البذور والأسمدة لاستكمال زراعة مواسمهم كالمعتاد.

وفي عكار - التي تعتمد على الزراعة بشكل واسع - يعاني المزارعون من صعوبات جمة في الآونة الأخيرة. فإلى ما سلف من مشاكل خلّفها الإنهيار الإقتصادي، فإن التحديات التي تواجه المزارعين في عكار ولا سيما في منطقة السهل تضع هذا القطاع برمته على مفترق طرق وأي مسار قد يسلكه المزارع في هذه الأزمة سيكون صعباً ومكلفاً للغاية.


MISS 3