عماد موسى

فكّ حداد جزئي

10 أيلول 2019

المصدر: نداء الوطن

10 : 55

الثامنة والثلث من كل صباح، تصل إلى الشاطئ فيطير اليمام من أمامها، وإليها يطير "ميتر ناجور"مرشاق مرحباً. سيدة في بداية العقد الخامس، ممتلئة الجسم من دون بدانة "تتغندر" بمايوه أسود من قطعتين بخيلتين، وقد لفت على خصرها Paréo شفافاً ومخرماً وأسودَ ما يعني أن وظيفته زيادة عيار الإغراء ولا شيء آخر، تحمل في يمينها شنطة بحر كبيرة تتضمن حمولة ميني ماركت. وعلى رأسها قبعة سوداء تنبثق من تحتها خصل شعر أسود فاحم ولا يكتمل الحداد العام من دون قبقاب أسود ونظارتين سوداوين.

مع وصولها تباشر الطقوس نفسها: تجرّ كرسي بحر وتثبت وجهته من الغرب إلى الجنوب الشرقي. تنظر إلى الشمس. تزيح الكرسي قليلاً. تفرش منشفة بحجم "ملحفة" فوق الكرسي، تخلع الـParéo فتنخلع رقبة حارس الشط. تتقدم صوب المياه. تتفحصها برؤوس رؤوس أصابع قدميها. "حححح" تتراجع. تفلش جسمها البرونزي على الكرسي. تتناول مرآة صغيرة. تتأمل وجهها المشغول. تأخذ مرهماً واقياً من الحرارة من الكيس المنفوخ بشتى الإحتمالات. تدهن وجهها ثم تروح يدها في كل الإتجاهات صعوداً وهبوطاً. ونظر "مرشاق" ثابت في الإتجاه الصحيح. تفتح شاشة الموبايل. تفتح حديثاً. تفتح علبة دخان. تفتح غطاء كوب النيسكافيه. تفتح قنينة مياه معدنية... وفي حركة غير متوقعة يظهر الفاتح من سبتمبر. فتقرأ علامات الدهشة على وجه الـ"ميتر ناجور".

بعد ساعات من "التحميص" نهضت. وقفت. تقدمت. أنزلت قدمها في مياه المتوسط حتى كاحليها. آححححح . تراجعت. غيّرت إتجاه الكرسي كي يظل جسمها في مواجهة الشمس. رشت جسمها بماء منعش. مدت يدها إلى الـ"ميني ماركت" تناولت مكسّرات وبيرة وجزراً منقوعاً بحامض وزنجبيل. فلشتها على طاولة صغيرة. قضت في دقائق على كل شيء. ومن الـ"ميني ماركت" عادت وسحبت قطعة بيتزا بيبروني. التهمتها ونامت انبطاحاً لساعة بعدما فكّت ما يجب فكّه حتى تاخد اللون المطلوب. فك حداد جزئي.

بعد الظهر، برمت سيدة الأقمار السوداء كرسيها شمالا... فبرمت ثلة من الرؤوس. قامت كتمثال برونزي. توجهت إلى المياه... لحظات واختلطت الـ"أح" بالـ"آي" بالـ"واو"، بأحرف التأوه بأدوات المنادى. دخيلكن. كالفهد ركض مرشاق حاملاً الترياق: "بسيطة ستنا عقصة قنديل". وما عاد يعرف "الميتر" وين بدو يدهن.


MISS 3