الاكتئاب ومرض القلب: سيف ذو حدّين؟

02 : 00

يمكنك أن تُحسّن وضعك الصحي والنفسي معاً عبر تغيير أسلوب حياتك وتلقي علاجات أثبتت فعاليتها...

يمر جميع الناس بمراحل من الإحباط أو تعكّر المزاج أو الخمول من وقتٍ لآخر، وتكون هذه العواطف طبيعية بعد تشخيص مشكلة خطيرة في القلب. لكن إذا استمرت تلك المشاعر لأسابيع وبدأت تؤثر على راحتك الشخصية، فقد تكون مصاباً بالاكتئاب.

على مر الحياة، يصاب شخص واحد من كل خمسة بالاكتئاب في الولايات المتحدة. لكن يرتفع احتمال الإصابة بالاكتئاب لدى من تعرضوا لنوبة قلبية بثلاثة أضعاف مقارنةً بعامة الناس.

تقول طبيبة القلب أليسون كيلي هيدغيبيث، مديرة برنامج المرأة في معهد "لون" التابع لجامعة "هارفارد": "النوبة القلبية حدث يغيّر الحياة بطريقة جذرية، لذا من الطبيعي أن يشعر المريض بالارتباك والإحباط والقلق بعد تعرّضه لهذه المشكلة". يمكن تحسين المزاج وصحة القلب عبر تعديل أسلوب الحياة، لكن تكون مضادات الاكتئاب والعلاجات النفسية ضرورية في هذا المجال أيضاً. تسهم هذه العلاجات في تخفيف حدة أعراض الاكتئاب، ما قد يُشجّع الناس على إحداث التعديلات اللازمة.

حدّد مشكلتك أولاً!


بعد استكشاف الرابط بين الدماغ والقلب، يعمد بعض الأطباء إلى فحص المرضى عبر استعمال اختبار بسيط لرصد الاكتئاب. توضح كيلي هيدغيبيث: "قد يبدو الموقف محرجاً حين أطرح هذه الأسئلة على مرضاي، لكن يبدي الرجال والنساء استعدادهم لتقاسم مشاعرهم والتكلم عن عواطفهم". إذا لم يسألك طبيب القلب عن أعراض الاكتئاب لديك، لا تتردد في تقديم هذه المعلومات له من تلقاء نفسك.

قد يجد المصابون بالاكتئاب صعوبة في استجماع القوة اللازمة لتبنّي عادات صحية، بما في ذلك اختيار وتحضير مأكولات صحية، وممارسة الرياضة، وأخذ الأدوية في الوقت الصحيح. غالباً ما يترافق الاكتئاب مع القلق، وقد تزيد هاتان الحالتان مستوى هرمونات الضغط النفسي في الجسم. وقد يؤدي ارتفاع هرمونات الكورتيزول تحديداً إلى رفع ضغط الدم ومعدلات سكر الدم. كذلك، يبدو أن الاكتئاب يزيد حدة الالتهاب الذي يُسهّل تراكم الصفائح المليئة بالكولسترول. حتى أنه يجعل الصفائح الدموية أكثر لزوجة وقابلية لإنتاج الجلطات في مجرى الدم. هذه التغيرات كلها تجعل الناس أكثر عرضة للنوبات القلبية.

هل أنت مصاب بالاكتئاب؟


إذا أجبتَ بـ"نعم" على أحد السؤالَين التاليَين أو كليهما معاً، يعني ذلك أنك مصاب بالاكتئاب على الأرجح:

خلال الشهر الماضي، هل شعرتَ بالإحباط أو الاكتئاب أو اليأس؟

خلال الشهر الماضي، هل تراجع اهتمامك بالنشاطات التي كنت تستمتع بها سابقاً؟

تبرز أعراض أخرى لنوبات الاكتئاب التي تمتد على معظم فترات اليوم وتتكرر بشكلٍ يومي تقريباً:

• الإرهاق وتراجع الطاقة.

• تراجع الشهية (أو زيادة النزعة إلى الإفراط في الأكل).

• اضطراب النوم.

• مشاعر بالذنب أو تراجــــــع تقدير الذات.

• صعوبة في التركيز وتذكّر المعلومات.

العلاجات المحتملة

لحسن الحظ، تتعدد الخيارات العلاجية للمصابين بالاكتئاب وأمراض القلب. وفق مراجعة نشرتها "مجلة جمعية القلب الأميركية" في العام 2020، تسهم مضادات الاكتئاب من نوع مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية في تخفيف الاكتئاب لدى المصابين بمرض الشريان التاجي، ويُعتبر دواء سيرترالين (زولوف) الأكثر فعالية حتى الآن. في بعض الحالات، تُحسّن هذه الأدوية الأعراض بما يكفي لإحداث تعديلات إيجابية أخرى ولا يحتاج الناس بالضرورة لمتابعة أخذها لفترات طويلة. كذلك يكون العلاج بالكلام، لا سيما العلاج السلوكي المعرفي، مفيداً في هذا المجال. يساعد هذا العلاج الناس على تحديد الأفكار أو السلوكيات السلبية الراسخة وتغييرها.

قد تستفيد صحة القلب والأوعية الدموية والحالة النفسية من تعديل أسلوب الحياة عبر تطبيق الخطوات التالية: ممارسة الرياضة بانتظام، الاستفادة من نوم سليم لمدة كافية، تلقي علاجات تستهدف العقل والجسم وتُشجّع على الاسترخاء مثل التأمل. يوصي الخبراء الناس بممارسة التمارين الجسدية لأنها مفيدة جداً للمصابين بالاكتئاب.

يصاب الكثيرون بمشاكل نوم مزمنة، لا سيما الناس القلقين على وضعهم الصحي. في حالات كثيرة، أدت حالة العزلة في زمن كورونا إلى تفاقم الاكتئاب الكامن والضغط النفسي، ما قد يزيد مشاكل النوم سوءاً. تتعدد الممارسات المفيدة في هذه الظروف، منها التأمل المبني على الاسترخاء الذهني كونه يعلّمنا التركيز على الأفكار والعواطف والأحاسيس الجسدية، لا سيما التنفس. قد يستفيد تحديداً كل من يستيقظ في الساعة الثانية فجراً ويراوده سيل من الأفكار.


MISS 3