ريتا ابراهيم فريد

في اليوم العالمي للقلب: محاربون صغار يواجهون المرض بالأمل

29 أيلول 2023

02 : 01

المحاربون الصغار يقدّمون نموذجاً لحبّ الحياة

في اليوم العالمي للقلب الذي يحتفل به العالم في 29 أيلول من كل عام، لا بدّ من التوقّف أمام أبطال صغار يحاربون مرض القلب بالإصرار والأمل والتمسّك بالحياة. أطفال وُلدوا بتشوّهات خلقية في القلب، التي تتفرّع بين حوالى 35 نوعاً. لكن مع توفّر العلاج، يمكن الشفاء منها بنسبة 98%. في هذا الإطار، تواصلت «نداء الوطن» مع السيدة جومانا غندور عطالله، وهي شريك مؤسّس ورئيسة مجلس إدارة Brave Heart التي تُعنى بالإهتمام بالأطفال المصابين بأمراض القلب وتأمين تكاليف العلاج لهم، إضافة إلى مبادرات وحملات توعية مستمرّة.



جمعية Brave Heart انطلقت في العام 2003. واليوم بعد 20 سنة على تأسيسها، ما الذي ساعدكم على الاستمرار كل هذه السنوات؟

حين نرى أمامنا أطفالاً يعكسون الحياة والأمل، لا يمكننا إلا أن نستمرّ. حين نكون على يقين بأنّ هذه المساعدة قادرة على إنقاذ حياة طفل من الموت، كيف يمكننا أن نتراجع أو نتوانى عن السعي لتقديمها؟ لا أظنّ أنه يمكن لأيّ إنسان أن يدير وجهه في مواقف مشابهة، حين يدرك أّنّ مبادرته بإمكانها أن تساعد الأطفال على تفادي الموت.

تواصلنا منذ حوالى سنة ونصف، وذكرتِ أنّ المساهمات والتبرّعات تراجعت قليلاً بسبب الأزمة، لكنّها لم تتوقّف. كيف تصفين الوضع اليوم؟

الوضع لا يزال صعباً للأسف. لا سيّما أنّ بعض الذين اعتادوا على تقديم المساعدة، هم منشغلون اليوم بأهاليهم وأقاربهم الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة بفعل اشتداد الأزمة. كما أنّ بعض الشركات التي كانت تتبرّع للجمعيات في السابق، باتت اليوم تحاول تأمين المساعدات لموظّفيها. لكنّنا لا نزال على إيماننا بكلّ المانحين والقادرين على المساعدة، خصوصاً أنّنا في مرحلة يحاول فيها الجميع أن ينطلق من جديد. من هُنا نتمسّك بتفاؤلنا.

بين كل هذه الصعوبات التي مرّت علينا، ومن ضمنها وباء «كوفيد»، هل حدث أن شعرتِ بتعب لدرجة التفكير بالتراجع والتوقّف عن كل هذه المبادرات؟ وما الذي كان يعطيكِ اندفاعاً من جديد؟

نحن مثل جميع اللبنانيين، في كلّ مرة نتلقّى ضربة كبيرة، كنا نشعر بثقل شديد، كانفجار الرابع من آب مثلاً. لكنّنا في اليوم التالي ننهض لمواجهة الأزمة. نحن موجودون هُنا، وعلينا أن نكمل. فيومياً هناك ولادات لأطفال يعانون من تشوّهات خلقية في القلب، ولا يمكننا أن نتجاهل ذلك، لا سيّما أنّنا أوّل جمعية باشرت العناية بأمراض القلب لدى الأطفال. وخلال هذه السنوات العشرين قدّمنا المساعدة لتأمين التكاليف الطبية لأكثر من عشرة آلاف طفل، ومن ضمنها حوالى 4500 عملية جراحية. وبات لدينا الخبرة اللازمة التي ترافقت مع حضورنا على الأرض.

بمناسبة اليوم العالمي للقلب، أقمتم نشاطاً في «الجامعة الأميركية في بيروت» تحت عنوان «المحاربون الصغار»، تضمّن أنشطة عدة وحملات توعية. ما أهمّ ما يمكن أن نتعلّمه من هؤلاء المحاربين الصغار؟

يمكننا أن نتعلّم الكثير من هؤلاء الأطفال، وبشكل خاص: نتعلّم الأمل. فهم يثابرون على تلقّي علاجهم من دون أيّ تذمّر. كما أنّهم يشكّلون نموذجاً جميلاً لحبّ الحياة. وأتحدث هُنا عن الأطفال الذي بلغوا سنّ الوعي وليس الرضّع بالطبع، الذين يعودون الى مدارسهم والى ممارسة حياتهم الطبيعية بعد تلقّي علاجهم أو بعد إجراء عملياتهم الجراحية. لهذا يُطلق عليهم لقب المحاربون الصغار، لأنهم يواجهون وضعهم الصحي بثبات وأمل وإصرار على التعافي.



جومانا غندور عطالله



بعد الهجرة الكبيرة التي شهدناها في القطاع الطبي خلال السنوات الأخيرة. ما وضع أطباء القلب المتخصّصين بمعالجة الأطفال اليوم؟

لبنان يُعتبر من البلاد المتقدّمة في مسألة جراحة وعلاج القلب. لكن بعد خسارة قسم كبير من الطاقم الطبي والممرّضات، الى جانب المرحلة الصعبة التي مرّت بها المستشفيات، لا شكّ في أنّ الوضع أصبح صعباً.

ورغم ذلك، نحن متفائلون باستعادة الحياة الطبيعية شيئاً فشيئاً. فهناك أطباء بدأوا العودة الى لبنان. على أمل تعود الأمور الى طبيعتها تدريجياً، فتكون الانطلاقة قوية العام المقبل.

في اليوم العالمي للقلب، ما هي رسالتك لأصحاب الأيادي والقلوب البيضاء، خصوصاً المغتربين اللبنانيين؟

بعد وقوع كارثة المرفأ، لا شكّ أنّ الأولوية كانت لترميم المباني والمنازل وتقديم المساعدات العاجلة لمن تضرّر وبات بلا مأوى. لكن اليوم بعد مرور ثلاث سنوات، لا بدّ من الالتفات مجدّداً الى موضوع الصحة، فهي أمر أساسي بالنسبة للمواطن اللبناني، خصوصاً أنّ الدولة عاجزة اليوم عن تأمين التكاليف والمستلزمات بمفردها. لذلك علينا أن نتساعد حتى نعيد بناء إقتصادنا من جديد. والأطفال هم المستقبل والأمل، وعلينا أن نهتمّ بهم.

ماذا تقولين لأهالي الأطفال الذين يعانون من أمراض في القلب؟

أشدّد على أنّ الأمل كبير جداً بتعافي أطفالهم وعودتهم الى ممارسة حياة طبيعية. فالعلاج متاح، والأطبّاء هُنا يتمتّعون بكفاءة وخبرة كبيرة. علماً أنّ المشاكل الصحية في قلوب الأطفال يمكن التعافي منها بنسبة عالية. لكن في المقابل، عليهم إجراء متابعة دائمة مع الطبيب والتواصل معه باستمرار، حتى بعد إجراء العملية الجراحية وضمان نجاحها. مع الإشارة الى أنّ الحملة العالمية في اليوم العالمي للقلب لهذا العام حملت شعار «إعرف قلبك»، للتشديد على ضرورة مداراة القلب والاهتمام بصحّته.


MISS 3